في الذكرى 31 لإصدار القانون 49/1980
صدر في السابع من شهر تموز/ يوليو1980 القانون 49 القاضي بإعدام كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين، ولقد قتل بموجب هذا القانون الجائر عشرات الآلاف من خير أبناء سورية من كل الفئات العمرية والمهنية، وشمل أبناء وأحفاد أعضاء الجماعة المذكورة، فحرم كثير منهم في داخل سورية من حقه في العمل والدراسة أحياناً ومن السفر ومنهم من أخذ رهينة عن أبيه أو أخيه أو ابنه، بينما حرم أبناء وأحفاد المهجرين قسراً من حقهم في العودة الآمنة إلى بلدهم فاعتقل العائد منهم لمدة 12 سنة في أسوأ الظروف والأحوال، وحرم كثير منهم من حقه في جنسية بلده وفي الحصول على وثيقة السفر والحقوق الأخرى.
لقد طبق هذا القانون الجائر بأثر رجعي فغطى بذلك على الجرائم التي ارتكبتها قوات أمن ومخابرات النظام السوري قبل تاريخ صدوره ولا سيما مجزرة سجن تدمر التي ارتكبت قبل صدوره بـ11 يوماً وقتل فيها زهاء ألف مواطن سوري وهم في الأصفاد في زنازينهم.
هذا القانون الذي ليس له مثيل ولا يزال ساري المفعول بعد 31 عاماً يجرم الأفراد على الشبهة ولمجرد الانتماء الفكري وهذا التجريم باطل بنص الدستور السوري والمواثيق الأممية.
ويحرم الإنسان من حقه في الحياة لمجرد الانتماء الفكري أو لمجرد التعاطف مع فكر جماعة الإخوان المسلمين أو لمجرد قرابة النسب، ومثل هذا التجريم باطل بنص الدستور والمواثيق الأممية.
لقد فقد عشرات الآلاف حياتهم بموجب هذا القانون الجائر: ماتوا تحت التعذيب أو علقوا على أعواد المشانق أو حصدوا بالرصاص في المجازر أو لقوا حتفهم بطريقة لا تخطر على بال غير بال الذين تفتقت عقولهم عن ابتكار طريقة جديدة للقضاء على الحياة، واعتقل أضعافهم لسنوات طويلة بلغت ربع قرن في أسوأ ظروف يمر بها بشر بموجب هذا القانون الجائر، ويتم آلاف الأطفال ورمل أضعافهم من النساء وأصيب عشرات الآلاف بإصابات وعاهات مستديمة بموجب هذا القانون الجائر. وكل ذلك محرم بنص الدستور السوري والمواثيق الأممية.
اعترف بشار الأسد في خطابه الثالث في (20/6/2011) بالظلم وبالتطبيقات الخاطئة على أناس لا علاقة لهم بمجريات الماضي، لكنه لم يفعل شيئاً إزاءها. ما زالت المظالم قائمة، وما زال المختفون في السجون منذ ثلث قرن لم يكشف عن مصائرهم، وما تزال عشرات آلاف العقارات مصادرة لم تعد إلى أصحابها، ولا يزال زهاء نصف مليون مهجر يعيشون في المنفى الإضطراري يعانون من إنكار أبسط الحقوق كمواطنين سوريين. لم تزل المظالم ولم ينصف المظلومون على الرغم من كل الرطانة في خطاب بشار وكلماته ووعوده.
وقبل كل ذلك لا يزال القانون 49 سيفاً مسلطاً على الرقاب. لقد أمر بشار الأسد قولاً لا فعلاً بوقف العمل بقانون الطوارئ وألغى محكمة أمن الدولة وقام ببعض الإزالات اللفظية لا العملية، لكنه لم يتخل عن القانون 49 على الرغم من انعدام دستوريته وانعدام قانونيته وتصادمه مع المواثيق والمعاهدات الأممية.
إن الإصرار على بقاء هذا القانون البربري القاتل والظالم يوحي بحقيقة نية النظام في التعامل مع الشعب السوري. إنه يطلب الحوار مع ممثلي الشعب في ظل قانون يحكم على شريحة منهم بالإعدام.
لن تطالب اللجنة السورية لحقوق الإنسان من السلطات السورية بإزالة هذا القانون الجائر بعد اليوم لأنها ستطلب من الشعب الثائر إماطته وإماطة النظام الذي سنه مع غيره من القوانين القمعية من أمثال قانون حالة الطوارئ وقانون إحداث مخابرات أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة والمحاكم الميدانية وطبق أحكامها الجائرة على الملايين من المواطنين المسالمين، وعندئذ ستتحقق العدالة ويزيل الشعب ظلماً حمله على كاهله نصف قرن من الزمان.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
7/7/2011