تمر اليوم الذكرى الثامنة والأربعين المؤلمة لفرض حالة الطوارئ على سورية في وقت تهب فيه رياح الثورات الشعبية والتغيير على المنطقة العربية. سلوك النظام الحاكم في سورية لم يتغير ولا يزال لسان حاله يقول: إن الأمر لا يعنيني وسورية مختلفة عن تونس ومصر وليبيا…
لا تزال حالة الطوارئ التي أعلنها انقلابيو الثامن من آذار عام 1963 في أول بيان نطقوا به بعد إعلانهم الانقلاب هي السائدة وزيادة، فهم لم يكتفوا بتوقيف الأفراد توقيفاً احتياطياً مثلاً بل تجاوزوا ذلك إلى اعتقالهم وإخفائهم وتعذيبهم حتى الموت في كثير من الحالات، بل وتدبير المكائد والمصائد للأبرياء واستغلالهم في حروبهم مع الدول والقوى الأخرى، بل وتأليب الآخرين على المواطنين السوريين الأبرياء، واختفاء أعداد هائلة في السجون منذ أكثر من ثلاثة عقود بدون إعطاء تفسير أو سبب أو مبرر لذلك، واعتقل الأطفال والقاصرون كما اعتقل الكبار والمسنون.
ولم تكتف سلطات حالة الطوارئ في سورية من وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور فحسب بل تجاوزتها حتى أصبحت سورية سجناً كبيراً لا يسمح فيه بالاجتماع ولا يسمح بمغادرته وطالت قوائم الممنوعين من السفر بحيث لم يعد ممكناً حصر الممنوعين.
وأصبح فتح محل لممارسة مهنة معينة يحتاج إلى إذن خاص ومسبق من أجهزة المخابرات والأمن المتعددة.
لقد شلت قوانين حالة الطوارئ المجتمع السوري وأصابت حيويته المعروفة بمقتل، وتغولت بفعل أجهزة المخابرات والأمن التي أطلقت على الشعب بصلاحيات مطلقة، وبفعل المادة الثامنة من الدستور التي أعدمت التعددية والحيوية، وبفعل الفساد وسرقة المال العام الذي أفقر الشعب وقضى على ثروات البلاد، وبفعل أشياء أخرى لا تقل قبحاً يتسامى الإنسان عن ذكرها في هذا المقام …
لقد أحالت حالة الطوارئ وأخواتها بعد خمسة عقود على فرضها البلاد إلى حالة من التردي والفساد والاستبداد والاحتقان والغضب الذي يقترب من الانفجار في وجه الطغيان… لقد ثار الشعب العربي في تونس وفي مصر على حالة الطوارئ والاستبداد وأسقطوهما ولا يزال يناضل آخرون في ليبيا وسواها لتصحيح الأوضاع … والأوضاع في سورية مرشحة للإنفجار في وجه حالة الطوارئ وسدنتها والمستفيدين من فرضها … فهل من فرصة أخيرة لتصحيح الأوضاع قبل ضياع الفرص في الوقت المستقطع… قبل أن يقول الشعب في سورية كلمة الفصل! هل من فرصة أخيرة لإسقاط حالة الطوارئ! وإلغاء المادة الثامنة من الدستور والتحول إلى حكم ديمقراطي تعددي وإلى احترام حقوق الإنسان وإلى حريات كاملة يدافع عنها الجميع ويكفلها الجميع.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
8/3/2011
خلفية الموضوع:
نص قانون “إعلان حالة الطوارئ” في سورية
المرسوم التشريعي رقم 51 تاريخ 22/12/1962
أصدر مجلس الوزراء ونشر رئيس الجمهورية المرسوم التشريعي التالي:
الفصل الأول: إعلان حالة الطوارئ
المادة 1 –
أ- يجوز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب، أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في جزء منها للخطر، بسبب حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة.
ب- يمكن أن تتناول حالة الطوارئ مجموع الأراضي السورية أو جزءاً منها.
المادة 2 –
أ- تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه، على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له.
ب- يحدد المرسوم القيود والتدابير التي يجوز للحاكم العرفي اتخاذها والمنصوص عليها في المادة الرابعة من هذا المرسوم التشريعي، دون الإخلال بأحكام المادة الخامسة منه.
المادة 3 –
أ- عند إعلان حالة الطوارئ يسمى رئيس مجلس الوزراء حاكماً عرفياً، وتوضع تحت تصرفه جميع قوى الأمن الداخلي والخارجي.
ب- للحاكم العرفي تعيين نائب أو أكثر له مرتبطين به وذلك بمرسوم.
ج- يمارس نواب الحاكم العرفي الاختصاصات التي يفوّضهم بها (الحاكم العرفي) ضمن المناطق التي يحددها لهم.
المادة 4 – للحاكم العرفي أو نائبه أن يصدر أوامر كتابية باتخاذ جميع القيود و التدابير الآتية أو بعضها، وأن يحيل مخالفيها إلى المحاكم العسكرية:
أ- وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أوقات معينة، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام توقيفاً احتياطياً، والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت، وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.
ب- مراقبة الرسائل والمخابرات أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف، والنشرات، والمؤلفات، والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإلغاء امتيازها وإغلاق أماكن طبعها.
ج- تحديد مواعيد فتح الأماكن العامة وإغلاقها.
د- سحب إجازات الأسلحة والذخائر والمواد القابلة للانفجار والمفرقعات على اختلاف أنواعها، والأمر بتسليمها، وضبطها، وإغلاق مخازن الأسلحة.
ه- إخلاء بعض المناطق أو عزلها، وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
و- الاستيلاء على أي منقول أو عقار، وفرض الحراسة المؤقتة على الشركات والمؤسسات، وتأجيل الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما يجري الاستيلاء عليه.
ز- تحديد العقوبات التي تفرض على مخالفة هذه الأوامر، على ألا تزيد على الحبس مدة ثلاث سنوات، وعلى الغرامة حتى ثلاثة آلاف ليرة، أو إحداهما.
ح- وإذا لم يحدّد الأمر العقوبة على مخالفة أحكامه، فيعاقب على مخالفتها بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تزيد على خمسمئة ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ط- كل ذلك مع عدم الإخلال بالعقوبات الأشدّ المنصوص عليها في القوانين الأخرى.
المادة 5 –
أ- يجوز لمجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية توسيع دائرة القيود والتدابير المنصوص عليها في المادة السابقة عند الاقتضاء، بمرسوم يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له.
ب- ويجوز لهذا المجلس تضييق دائرة القيود والتدابير المشار إليها بحسب الحالة التي استدعت إعلان حالة الطوارئ.
المادة 6 – في المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ تحال إلى القضاء العسكري- مهما كانت صفة الفاعلين أو المحرضين أو المتدخلين- الجرائم الآتية:
أ- مخالفة الأوامر الصادرة عن الحاكم العرفي.
ب- الجرائم الواقعة على أمن الدولة والسلامة العامة (من المادة 260 إلى المادة 293 من قانون العقوبات).
ج- الجرائم الواقعة على السلطة العامة (من المادة 369 إلى المادة 873).
د- الجرائم المخلة بالثقة العامة (من المادة 427 إلى المادة 459).
ه- الجرائم التي تشكل خطراً شاملاً (من المادة 573 إلى المادة 586).
المادة 7 – يجوز للحاكم العرفي أن يستثني من اختصاص القضاء العسكري بعض الجرائم المحددة في المادة السابقة.
المادة 8 – يفصل الحاكم العرفي بقرار مبرم في تنازع الاختصاص بين القضاء المدني والقضاء العسكري.
المادة 9 – الأحكام القاضية بالإعدام والتي تصبح مبرمة، لا تنفذ إلا إذا صادق عليها الحاكم العرفي بعد استطلاعه رأي لجنة العفو في وزارة العدل.
الفصل الثاني: إنهاء حالة الطوارئ
المادة 10 – يكون إنهاء حالة الطوارئ من قبل السلطة المختصة بإعلانها، ووفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة 2 من هذا المرسوم التشريعي.
المادة 11 – تستمر المحاكم العسكرية -بعد إنهاء حالة الطوارئ- على نظر القضايا الداخلة في اختصاصها سواء أكانت محالة إليها أم لم تكن.
الفصل الثالث: أحكام مؤقتة
المادة 12 – يلغى قانون حالة الطوارئ رقم 162 الصادر في 27/9/1958 وجميع تعديلاته.
المادة 13-
أ- في جميع الأحوال تبقى محاكم أمن الدولة المحدثة بالقانون رقم 162 المشار إليه مختصة بالنظر في الجرائم الداخلة في اختصاصها، المرتكبة قبل صدور هذا المرسوم التشريعي سواء أكانت محالة أم لم تكن، وتتبع بشأن التحقيق والإحالة والمحاكمة فيها وحفظها والتصديق على الأحكام الصادرة أو التي تصدر فيها وتعديلها نفس الأصول والإجراءات المتبعة بموجب هذا القانون.
ب- كما يجوز لرئيس الجمهورية أو من يفوضه حفظ الدعوى أثناء النظر فيها من قبل المحكمة.
ج- تبقى الحراسة المفروضة على بعض الشركات والمؤسسات استناداً إلى القانون رقم 162 قائمة حتى يتم إلغاؤها بمرسوم متخذ في مجلس الوزراء.
د- تعتبر حالة الطوارئ المعلنة استناداً إلى القانون رقم 162 قائمة حتى يتم إلغاؤها وفقاً لأحكام المادة العاشرة من هذا المرسوم التشريعي.
المادة 14 – ينشر هذا المرسوم ويعمل به من تاريخ صدوره.