استمرت السلطات السورية في هذا العام وللعام الخامس والأربعين على التوالي في احتكار وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، فالتلفزيون السوري بأقنيته مملوك للسلطة وكذا شأن الفضائية السورية، أما الصحف اليومية الثلاث البعث وتشرين والثورة فتسيطر عليها أجهزة السلطة وحزب البعث، وينسحب الأمر على كافة الصحف المحلية في المحافظات مثل الجماهير والعروبة والفداء وسواها، والإذاعة تبث وجهة نظر السلطة وحزب البعث حيث لا يسمح بالتعبير عن الرأي الآخر، بل إن الأمر تعدى ذلك، فلا يسمح في سورية بتقويم أو انتقاد أداء أحد من القائمين على هذه المؤسسات المحتكرة، ومن الأمثلة التي وقعت هذا العام أن ديانا جبور مديرة التلفزيون السوري أقامت دعوى على فؤاد الشوربجي مدير عام قناة الدنيا التلفزيونية الخاصة، وهي قناة إعلانية غير سياسية تأسست بدعم إحدى الشخصيات العسكرية المتنفذة والتي تبث من المنظقة الحرة بدمشق بسبب مقالين للشوربجي عن أداء مديرة التلفزيون، وطالبت في الدعوى التي رفعتها بالاعتذار والتعويض بمبلغ10 ملايين ليرة سورية، وقد حكمت فعلاً إحدى المحاكم الدائرة في فلك السلطة على فؤاد الشوربجي بالسجن ثلاثة أيام وغرامة 100 ليرة سوري للحق العام والتعويض بمبلغ 200 ألف ليرة سورية لديانا جبور.
ومنعت السلطات العدد 104 من مجلة الدبور الأسبوعية المزمع توزيعه في 29/1/2008 مما اضطر إدارة المجلة إلى حذف وتغيير المقال المعترض عليه والغلاف للحد من الخسائر. وامتنعت المؤسسة العامة للتوزيع والنشر من توزيع عدد شباط/فبراير من مجلة المجتمع الاقتصادي بسبب تحقيق أجراه أيمن الشوفي بشأن حصول االعديد من المسؤولين السوريين على جنسيات مزدوجة غالباً ما تكون أمريكية أو كندية. ومنعت السلطات بتاريخ 2/10/2008 وإلى إشعار آخر توزيع جريدة الحياة اللندنية على خلفية انتقاد موقف الرئيس السوري في الاجتماع مع ساركوزي والاتحاد من أجل المتوسط وقضايا أخرى. وحكم على الصحافي مازن درويش في 23/6/2008 بالسجن عشرة أيام بتهم ذم وقدح إدارات أمن الدولة في تحقيق صحافي أجراه في حادثة قتل وقعت في 12/1/2008، وحكم على الناشط الحقوقي بديع دك الباب بالسجن ستة أشهر على خلفية مقال عن دمشق عاصمة للثقافة العربية واعتقل أسامة إداور قريو بسبب مقال بعنوان “لا غاز ولاكهرباء ولا مازوت”.
واحتلت سورية المرتبة 159 من أصل 173 دولة شملها تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود العالمي لحرية الصحافة للعام 2008 الذي أصدرته في تشرين الأول/أكتوبر 2008.
بعد انغلاق كل وسائل التعبير أمام المواطنين السوريين وجدوا في فضاءات عالم الانترنت متنفساً جديداً لهم، لكن سرعان ما بدأت السلطات السورية تضع القيود في كل الاتجاهات، فلقد عمدت إلى احتكار المخدم، وطالبت مقاهي الانترنت بالاحتفاظ بالمعلومات الشخصية الكاملة لروادها على مسؤوليتهم وهذا ما فعلته في 12/3/2008، واشترت أحدث أجهزة رصد الانترنت ومراقبته، وألقت القبض على كثير من المدونين من أصحاب الرأي الآخر وحكمت عليهم بتهم نشر أكاذيب وتوهين نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي، وحجبت الكثير من المواقع الالكترونية التي تهتم بالشأن العام السوري والعربي والإسلامي حتى بلغت المواقع المحجوبة من هذه الفئة فقط حسب بعض المصادر 200 موقعاً.
ومن الأمثلة التي وردت هذا العام حجب موقع جدار (jidar.com)، وهو موقع ثقافي فكري أسسه الشاعر خلف علي الخلف عام 2005، ولقد تعرض قبل حجبه نهائيا إلى عمليات تخريب وتعرض مؤسسه إلى الاستدعاءات الأمنية والمضايقات. وفي 16/2/2008 حجب موقع سيريا نيوز (syrianews.com)المقرب من السلطة. أطلق الموقع عام 2000 ويعنى بالأخبار السورية المحلية ويملكه فراس طلاس ويديره نضال معلوف. واعتقل عدنان حمدان (1979 – طالب جامعي) مدير البرامج في المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير في 13/3/ في فرع فلسطين. وحجب موقع الدرباسية في 10/3/2008 وهو موقع يعنى بالشؤون الثقافية والسياسية السورية عموماً وما يخص الشأن الكردي بصورة خاصة، وحجب موقع ويكبيديا (Wikipedia.com)الموسعي المعرفي بنسخته العربية، وقبل ذلك منعت السلطات مواقع فيس بوك (facebook.com)، يو تيوب (youtube.com)، بلوغ سبوت (blogspot.com). وحجب موقع سوبارو (soparo.com) الالكتروني وقبله بأسابيع حجب موقع (rojava.net) موقع منظمة ماف/حقوق الإنسان في سوريا.
وحجبت السلطات السورية عام 2007 موقع النزاهة (alnazahanews.com) فأطلق المحامي عبد الله علي مدير الموقع موقعاً رديفاً في 3/2008 (alnazaha.org) فلجأت إلى الضغط عليه واعتقلته في 30/7/2008 في فرع المعلومات التابع لإدارة أمن الدولة ومارست عليه ضغوطاً حتى أغلقت الموقع بصورة نهائية ومن ثم أطلقت سراحه في 12/8/2008. وفي 29/9/2008 حجبت موقع الشبكة العربية لحقوق الإنسان (anhri.net) وقد أقدمت قبل ذلك وبتاريخ 25/9/2008 على حجب موقع الشبكة الفرعي المتعلق بسورية (anhri.net/syria)، وحجبت مدونات كاتب (katib.org)، وحجبت موقع زمان الوصل (zamanelwasl.net) فأطلقت إدارة الموقع موقعاً رديفاً تحت اسم (zamanelwasl.com) لكن سرعان ما حجبت السلطات الموقع الرديف في 11/2008 على الرغم من التزام الجريدة بمتطلبات وزارة الاتصالات. واعتقل همام أحمد الحداد (1980) في 5/5/2008 بسبب كتاباته ومشاركاته في المواقع الإلكترونية ومشاركته في دورة حول “الانترنت والرقابة” ولم تفرج عنه إلا في 10/9/2008. وقبل ذلك كانت السلطات قد اعتقلت المدون طارق بياسي وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إضعاف الشعور القومي ووهن نفسية الأمة.