استمرت السلطات السورية في اعتقال وإخفاء عشرات المواطنين العرب من دول الجوار مثل العراق والأردن وفلسطين والسعودية ولبنان، وعدم الاعتراف بهم إلا في حالات محدودة جداً .. في الوقت نفسه ما يزال ملف المختفين يراوح مكانه. فلبنان ما يزال يطالب بالكشف عن مصير 650 معتقلاً اختفوا في السجون السورية من ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، في حين أكدت جهات لبنانية حقوقية أن السلطات السورية اعترفت مؤخراً في هذا العام بوجود 46 لبنانياً مروا من خلال الدوائر الأمنية، لكن السلطات السورية ما تزال غير راغبة في كشف حساب هذا الملف، وقد أفرج فقط عن معتقل واحد في شباط/فبراير بعد 16 عاماً على اختفائه دون ذكر اسمه، بينما تلقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في وقت سابق معلومات عن وجود قسين في أحد المعتقلات السورية قال أحد المعتقلين الذين أفرج عنهم أنه التقى بهما وشاطرهما نفس الغرفة في سجن في محافظة الحسكة وقال إنهما يناديان باسمين مختلفين وهما القس سليمان أبو خليل والقس ألبرت شِرفان من بيت مري اعتقلا في 13/10/1990. وحكمت محكمة أمن الدولة العليا على المواطن اللبناني حسن النبعة بالسجن لمدة عشرين عاماً بجناية دس الدسائس لدى العدو ومعاونته ضد سورية.
وبينما تقول اللجنة الوطنية للدفاع عن المعتقلين الأردنيين أن في السجون السورية أكثر من 250 معتقلاً أردنياً فإن السلطات السورية لم تعترف بعدد المعتقلين الأردنيين في سجونها، وعلى الرغم من سعي اللجنة الحثيث ومطالبات السلطات الأردنية فإن النظام السوري لم يفرج عن أحد هذا العام وإن كان قد سلم في منتصف شهر آب/أغسطس جثمان المعتقل عبد الله أحمد أبو شحادة المعتقل في سجن صيدنايا الذي حصلت فيه مجزرة قبل ذلك بفترة قصيرة. وقد حصلت مناشدات في أواخر آب/ أغسطس للإفراج عن المعتقل الأردني في صيدنايا مصطفى عبد اللطيف والذي مضى حينها عام على اعتقاله لأسباب غير معروفة أثناء وجوده في سورية لكن السلطات السورية لم ترد كعادتها. ولا يزال الملف يراوح مكانه بين الأمل بتدخلات جهات عليا في البلدين وبين التشاؤم من فقدان الأمل بوجود معظم المعتقلين الأردنيين أحياء.
ومن الأخبار التي وردت أمثلة على استمرار اعتقال العرب ومحاكمتهم محاكمة المواطن العراقي عبد الرحمن محمد مشهداني (بغداد – 1973) بجناية الحصول على معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة لمنفعة دولة أجنبية ولم نتمكن من معرفة الحكم بعدما تحولت جلسات محكمة أمن الدولة إلى سرية في منتصف العام. وفي 7/4/2008 استجوبت محكمة أمن الدولة العليا المواطنين العراقيين المعتقلين حسن فرحات بن محمد ومحمد صالح علي عبد الله بتهمة الانتساب لجمعية سرية تعمل على تغيير الكيان الاقتصادي والاجتماعي للدولة بالوسائل الإرهابية كناية عن كونهما إسلاميين، واستجوبت ذات المحكمة في 20/4/2008 المواطن العراقي المعتقل محمود عفات (الأنبار) على خلفية اتهامة بأعمال لم تجزها الدولة والانتساب لجمعية سرية تعمل على تغيير الكيان الاقتصادي والاجتماعي للدولة بالوسائل الإرهابية كناية عن كونه إسلامي أيضاً. واستجوبت الضابط المتقاعد المعتقل عبد الرحمن جمعة (1960) في 18/5/2008 والمقيم مع أسرته في سورية. بينما أصدرت محكمة أمن الدولة حكماً بالسجن أربع سنوات بحق اللواء المهندس العراقي سليم داود الفرحان (الفلوجة – 1956) بتهمة القيام بأعمال لم تجزها الدولة تعرض سورية لخطر أعمال عدائية، وهو مقيم مع أسرته في سورية.
وفي 20/6/2008 اعتقل الصحافي السوداني هاشم عثمان رئيس تحرير مجلة فضاءات دولية التي تطبع في سورية ولم يعرف سبب اعتقاله وهل أفرج عنه أو لا.
ولقد أوردنا اعتقال ومحاكمة العديد من الفلسطينيين في القسم العام لأن الفلسطينيين يعيشون داخل المجتمع السوري ويستهدفون بنفس الأسلوب الذي يستهدف به المواطن السوري فالمعتقل أحمد حسن الأحمد مثلاً كان يحاكم في 20/4/2008 بتهمة الانتساب لجمعية إرهابية أي بسبب توجهه الإسلامي، والفلسطيني المعتقل عبد القادر عليان كان يستجوب في جلسة محكمة أمن الدولة بتاريخ 22/6/2008 على خلفيته الإسلامية، بالإضافة إلى محنة الضغط المزدوج على كثير من الفلسطينيين الذين يقطنون سورية ليغيروا ولاءهم مثلاً من فتح الانتفاضة إلى فتح الإسلام ومن لا يمتثل يعتقل وتمارس عليه ضغوط مختلفة. واعتقل المهندس الفلسطيني البريطاني فؤاد حسين (71 سنة) في 9/10/2008 عند الحدود البرية مع الأردن وهو في طريقه إلى دمشق لزيارة أقارب زوجته ثم أفرج عنه بعد عدة أيام بعد تدخل واسطة كبيرة من لندن، ومن الجدير بالذكر أنه اعتقل في سورية في عقد السبعينيات من القرن الماضي لمدة سبع سنوات بتهمة الانتماء لحزب التحرير.
ولا تزال ترد أخبار بين حين وآخر عن اعتقال سعوديين زائرين لسورية بتهمة الانتساب للتيار السلفي الذي تصفه السلطات السورية عادة (بالوهابي التكفيري المتشدد) أو بقصد الابتزاز المالي.
ولقد دأبت السلطات الأمنية السورية على اعتقال المعارضين الأحوازيين وتسليمهم لإيران على الرغم من تمتعهم جميعاً بحق اللجوء السياسي من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين / مكتب دمشق مخالفة بذلك صريح المعاهدات الأممية. فقد ورد أن السلطات السورية اعتقلت في 22/1/2008 المعارض الأحوازي محمد نهيري بن سكيني من مكتب الهجرة والجوازات وهو يمهر جوازه للمغادرة إلى السويد التي منحته حق الإقامة فيها لكن أطلق سراحه لاحقاً وغادر فوراً إلى السويد، لكن سعيد حمادي الذي اعتقل من مطار دمشق الدولي وهو يغادر إلى الدانمارك في 5/3/2008 كان أقل حظاً إذ سلمته السلطات الأمنية السورية للسلطات الأمنية الإيرانية، وهو معتقل الآن في أحد السجون الإيرانية. واعتقلت السيدة معصومة الكعبي زوجه المعارض الأحوازي حبيب جبر من المطار وهي في طريقها إلى الدانمارك مع اولادها الخمسة (شيماء وآسية وأسماء وإياد وعماد) ثم تم تسليمهم للسلطات الأمنية الإيرانية.