يغطي التقرير السنوي الثامن لحالة حقوق الإنسان في سورية الفترة الممتدة من أول العام 2008 وحتى نهايته، وهو التقرير الثامن الذي يوثق حالة حقوق الإنسان في عهد الرئيس بشار الأسد.
شهد العام 2008 منعطفات حادة في مسيرة تراجع حقوق الإنسان في سورية إلى مستويات متدنية جداً لم تشهد البلاد نظيراً لها منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي.
ففي هذا العام ارتكبت السلطات مجزرة في أكبر سجن بالبلاد في ظروف غامضة ذهب ضحيته عدد غير معلوم من المعتقلين مما يعيد إلى الأذهان المجازر التي ارتكبت في حقبة القمع الرهيب.
وتحولت جلسات المحاكمات في محكمة أمن الدولة العليا إلى سرية ابتداء من منتصف العام ولم يعد باستطاعة العالم متابعة وقائع الظلم الفادح الذي توقعه هذه المحكمة التي تعوزها الشرعية الدستورية والقانونية بحق المواطنين.
وأقدمت السلطات السورية هذا العام على اعتقال ومحاكمة قادة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي المعارض، وحكمت عليهم بالسجن أمام محكمة ينقصها المصداقية والعدل والحياد.
واستمرت السلطات برفع وتيرة استهداف جماعة الإخوان المسلمين وأبنائهم والقريبين منهم والحكم عليهم بقسوة بموجب القانون 49 لعام 1980الذي يحكم عليهم بالموت، بينما استمرت وتصاعدت وتيرة استهداف الإسلاميين من كل الاتجاهات تحت مسميات عديدة في الوقت الذي فتحت الأبواب مشرعة للتشيع العابر للحدود.
وارتفعت وتيرة استهداف النشطاء الأكراد والحكم عليهم أمام محاكم غير منصفة ثم أصدرت السلطات في الثلث الأخير من العام المرسوم التشريعي 49 لعام 2008 الذي يحدد ملكية واستخدام الأراضي في المناطق الحدودية مما يجعل الأكراد أكبر المتضررين منه.
واستمر التعذيب في السجون والمعتقلات ومراكز التحقيق خلال العام واستخدم بصورة روتينية ولا سيما في فترات التوقيف الأولى عندما يكون المعتقل قيد التعذيب، بينما استمرت الإهانة وإساءة المعاملة الحاطة بالكرامة البشرية مستمرة طيلة فترة السجن.
ولا تزال السلطات السورية على موقفها من تجاهل الكشف عن مصير آلاف المفقودين في السجون والمعتقلات السورية منذ عقد الثمانينات، ولا تزال مستمرة في إنكار حقوق عشرات الآلاف من المهجرين في العودة الآمنة لوطنهم وفي الاعتراف بشخصياتهم القانونية وحقوقهم المدنية ورفع الحجر عن ممتلكاتهم المحجوزة في البلاد.
واستهدفت السلطات مؤسسات المجتمع المدني من نوادٍ رياضية وجمعيات اجتماعية وخيرية فغيرت مجالس إدارتها مما شلها عن القيام بأعمالها الناجحة والمفيدة والضرورية لشرائح كبيرة من المجتمع السوري.
أما قضايا المعتقلين العرب في السجون السورية فلا تزال عالقة ولم تجد حلاً في ظل نظام أمني امتهن القرصنة البشرية واحتجاز الرهائن لمدد طويلة.
وتضخمت قائمة المواقع الإلكترونية الاخبارية والحقوقية والدينية والحوارية المحجوبة في سورية حتى أصبح السماح هو الاستثناء، وطال المنع مواقع مقربة من السلطات السورية. بينما ظل الإعلام بأنواعه الثلاثة المقروء والمسموع والمرئي حكراً على النظام الذي يرفض أن يشاركه فيه أحد.