تمر اليوم الذكرى الثامنة والعشرين للقانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بالموت على مجرد الانتماء الفكري للإخوان المسلمين . هذا القانون اللادستوري صادق عليه الرئيس السابق حافظ الأسد في 8/7/1980 بعدما أقره قبل ذلك بيوم واحد مجلس الشعب في 7/7/1980
قتل نتيجة هذا القانون المنافي لكل الحقوق الإنسانية التي تكفل حرية الفكر والاعتقاد والتعبير عن الرأي والحياة عشرات الألوف من أبناء الشعب السوري، ولم يستثن هذا القانون القاتل المعتقلين قبل صدوره بل جاء بأثر رجعي للتغطية على مجزرة سجن تدمر التي وقعت قبل صدوره بعشرة أيام فقط في 27/6/1980
قتل بموجب هذا القانون في سجون النظام السوري ما يربو على 17000 مواطن سوري واختفوا فيه ولم تبلغ أسرهم عن حالات قتلهم وأماكن دفنهم ، وسمح النظام لنفسه القيام بمجازر كبرى في السجون السورية استناداً إلى قانون التصفية البشرية ، وهذا ما حدث في سجن المزة وتدمر وكفر سوسة وسواها من عام 1980 وحتى أواخر التسعينات. بالإضافة إلى ذلك قام بمجازر كبرى في البلاد كان آخرها مجزرة حماة الكبرى التي راح ضحيتها 25 ألف مواطن سوري.
فعّل الرئيس السوري الحالي بشار الأسد القانون المذكور إعتباراً من عام 2004 وأبرزت محكمة أمن الدولة العليا غير الدستورية الأحكام الصادرة بموجب هذا القانون القاتل بصورة لافتة، وأصدرت أحكاماً على عشرات المواطنين الأبرياء بالإعدام … ثم خفض الحكم إلى 12 سنة سجن مع الأشغال الشاقة والتغريم والتجريد من الحقوق المدنية. ويوجد عشرات آخرون في السجون ينتظرون نفس الحكم ونفس المصير.
نتج عن هذا القانون تهجير مئات الألوف من المواطنين السوريين وأسرهم في دول الجوار والمنافي الأخرى، يعيش معظمهم في حالة من الضنك الشديد نتيجة فقدان الوثائق والعمل وتوفير التعليم لأبنائهم والاعتراف بشخصياتهم القانونية، وكل من يعود من هؤلاء الأفراد يلقى عليه القبض ويلقى سوء المعاملة والتعذيب ثم يحكم عليه استناداً لهذا القانون العجيب.
ومن الأمثلة الغريبة أن محكمة أمن الدولة حكمت عام 2004 على الفتى مصعب الحريري المولود خارج البلاد والذي لم يتجاوز عمره الرابعة عشر عند زيارته لبلده الأم لأول مرة بهذا القانون. كما حكمت على العديد من أبناء الإخوان بالقانون لمجرد النسب ومن هذه الأمثلة الحكم على الشاب محمد أسامة السايس في عام 2006 ، بينما حكم على كثير من جيران الإخوان في بلاد الغربة به ومن أمثلة ذلك الأحكام الصادرة بحق عمر ورضوان درويش عام 2005… بالإضافة إلى ذلك فالعديد من المهجرين سووا أوضاعهم الأمنية لدى السفارات السورية في الخارج وحصلوا على وثائق أن لا يوجد شئ بحقهم إذا رجعوا إلى بلدهم ، لكنهم اعتقلوا لدى وصولهم إلى سورية وحكم عليهم بموجب هذا القانون الباطل قانونياً ودستورياً.
تتواقت الذكرى المؤلمة لهذا القانون الفاقد الشرعية مع مجزرة جديدة تستمر لليوم الرابع على التوالي في سجن صيدنايا العسكري على يد السلطات الأمنية السورية مما يؤكد النهج الدموي لهذا النظام، ومما يؤكد أيضاً أنه لا بد من حل ديمقراطي لسورية تحفظ فيه كرامة الإنسان وحريته في معتقده والتعبير عن رأيه ومشاركته في الشأن العام لبلده وفي حرية العمل السياسي السلمي وحصول شرائح الشعب على حرياتها وحقوقها ضمن وحدة دستورية ديمقراطية تحفظ للبلاد سيادتها.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تدعو الرئيس بشار الأسد وتدعو مجلس الشعب السوري إلى إبطال مفعول القانون 49/1980 وإلى فتح باب الحريات والحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور السوري، وتدعو أيضاً إلى معالجة كل النتائج الوخيمة المترتبة على تطبيق هذا القانون الجائر فوراً فيما يخص القتلى والمفقودين والمعتقلين والمهجرين والمحرومين من حقوقهم المدنية.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
8/7/2008