صعدت السلطات السورية من الوسائل الأخرى التي تتبعها ضد نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان ومعارضيها من منع السفر وسحب جوازات سفرهم أو عدم إصدار جوازات سفر جديدة والطلب منهم مراجعة الجهات الأمنية بصورة دورية حيث تلجأ إلى تهديدهم ومحاولة إخافتهم وإرهابهم أو استمالة الذين لا يصمدون أمامهم، هذا بالإضافة إلى الفصل من العمل ومحاولة تفقير الناس وعزلهم اجتماعياً وإذلالهم كما فعلت هذه السلطات ولا تزال تفعل بأسر معتقلي الثمانينيات الذين حوصروا حصاراً شاملاً، ولقد روى أحد المعتقلين الذي أفرج عنه بعد 16 عاماً من الاعتقال أنه وجد أسرته تعيش في منزل تهدم سقفه ولم تسمح السلطات لأحد بمساعدتهم وأجبرتهم على الاستمرار في السكن ببيت بلا سقف، فكان سقف منزلهم رقاع البلاستيك، ومنعت أقاربهم من مساعدتهم في معيشتهم فكانوا يعيشون حياة البؤس والفاقة مرغمين، وكانت الزوجة والأولاد يحضرون بصورة دورية ليحقق معهم عن دخلهم ومن الذي يصرف عليهم.
وفي هذا السياق فقد تضخمت قائمة الممنوعين من السفر حتى ندر وجود ناشط في حقوق الإنسان أو سياسي معارض مسموح له بالسفر، فبعد منع الناشط في حقوق الإنسان رضوان زيادة من السفر عام 2006 ، منع أيضاً الناشط الإنساني أكثم نعيسة وطلب منه مراجعة الجهات الأمنية، ومنعت سهير الأتاسي رئيس منتدى جمال الأتاسي للحوار الوطني من السفر، وفي (27/7/2006) منعت السلطات الأمنية المحامي مهند الحسني من السفر للمشاركة في ندوة حقوقية في عمان، كما منعت السياسي أحمد منجونة من السفر في نفس التاريخ، ومنعت في 4/11/2007 ثلاثة ناشطين كرد في حقوق الإنسان: رديف مصطفى ومصطفى أوسو وحسن مشو من السفر بالإضافة إلى الناشط خليل معتوق والمحامي مهند الحسني لحضور ورشة حقوقية في القاهرة. ومنع الناشط الكردي خير الدين مراد من السفر إلى النرويج لزيارة أسرته في أواخر آب (أغسطس) 2007، ومنع الناشط السياسي عبد الرزاق عيد من السفر إلى فرنسا للمعالجة من مرض عضال غير متوفر العلاج في سورية، ثم سمح له بعد عدة مداخلات بينما لا تزال السلطات السورية ترفض إعطاء إذن للنائب السابق رياض سيف بالسفر للعلاج من سرطان البروستات، ولقد تقدم باستئناف ضد قرار أجهزة الأمن لكن القضاء السوري غير المحايد رفض قضيته مرتين بدون تقديم مبررات لذلك. ومنع الناشط الإنساني ناصر الغزالي الذي يحمل الجنسية السويدية من العودة إلى السويد في( 28/9/2007 ) إثر زيارة له إلى سورية. ومنع في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 راسم سيد سليمان رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية من السفر إلى تركيا لحضور منتدى القدس، كما منع في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان من السفر إلى عمان لحضور ندوة حقوقية. ومنعت قبل ذلك الناشطة سيرين خوري من السفر إلى الأردن، كما منع الطالب مصطفى الحايد من السفر للدراسة في شهر آب (أغسطس) 2007 وفي (21/11/2007) منعت السلطات مهند عبد الرحمن وجوان يوسف من السفر لحضور فعاليات حقوقية. وحالات منع السفر أكثر من أن تحصى.
ومنعت المخابرات السورية المهندس عبد الكريم مطر من دير الزور من العودة إلى وظيفته في إحدى الوزارات بعد عقوبة سجن دامت (13 سنة) فعمل سائق سيارة أجرة حتى توفي إثر نوبة قلبية في (27/7/2007) من شدة تأثره.
وتستخدم السلطات السورية الحرمان من الحقوق المدنية كعقوبة إضافية وإجراء انتقامي آخر ضد أولئك الذين أمضوا عقوبة السجن في القضايا السياسية، بحيث لا تستقيم حياتهم ولا تكتمل حريتهم بعد الإفراج عنهم. ويعاني المجردون من حقوقهم المدنية، بموجب الأحكام الصادرة بحقهم التي تنص على هذا الحرمان، من تضاؤل فرص العيش في بلد يعتمد عدد كبير من سكانه على الوظيفة الحكومية في الحصول على دخل. ويشمل التجريد من الحقوق المدنية في سورية – بالإضافة إلى منع التوظيف – الحرمان من جواز السفر، وبالتالي فإن المعتقلين السابقين في الغالب ممنوعون من مغادرة البلاد بحثاً عن لقمة العيش. ويتمكن بعض المعتقلين السابقين من الحصول على الوثائق ومنها جواز السفر، بعد المرور بأقنية الفساد، ودفع الأتاوات والرشاوى. ويطال التجريد من الحقوق أيضاً عشرات الآلاف من المواطنين الكرد السوريين الذين جُردوا حتى من الجنسية بموجب الإحصاء الاستثنائي الجائر لعام 1962، الذي جرى في محافظة الحسكة دون غيرها.