تعيش بلادنا في شهر شباط (فبراير) الجاري الذكرى الخامسة والعشرين لواحدة من أكبر وأفظع المجازر التي شهدها العالم في القرن العشرين، تلك هي مجزرة حماة الكبرى التي بدأت في الثاني من شباط 1982 واستمرت حتى نهاية الشهر.
ارتكبت فظائع وسلسلة من المجازر الرعيبة ضد السكان المدنيين الآمنين من أطفال ونساء وشيوخ ورجال، واستخدمت قوات النظام السوري كل فنون التعذيب والتنكيل الوحشية بأبناء مدينة حماة، من قتل وتمثيل وحرق وقتل الأطفال أمام ناظر أهليهم قبل الشروع بهم، واستخدام ادوات النجارة والحدادة ضد الأجسام الآدمية.
دمرت المنازل على رؤوس ساكنيها وأضرمت فيها النيران، وفُجر بعضها بأسطوانات الغاز وبعضها الآخر فُتح فيها أسطوانات السيانيد السامة، وقصفت الأحياء بالمدفعية وراجمات الصواريخ واستهدفت أماكن العبادة المقدسة من المساجد والكنائس.
سيق آلاف المواطنين الآمنين إلى مقبرة سريحين حيث أطلق عليهم الرصاص وانهالت الجرافات عليهم بالتراب ولما تصعد أرواحهم البريئة.
عزلت مدينة حماة عن أخواتها وأخضعت لقمع رهيب استهدف بشرها وعمرانها فكانت الحصيلة مصرع أكثر من 25000 مواطن واختفاء أكثر من 10000 مواطن. دُمر ثلث مدينة حماة بمبانيها وسكانها ومساجدها وكنائسها وقصورها وزواياها التاريخية الرائعة، هذا عدا عن اضطرار عشرات الآلاف إلى مغادرة المدينة بل ومغادرة البلاد والعيش في المنافي بصورة اضطرارية.
استهدفت المدينة بتعتيم إعلامي تعاون فيه النظام القمعي مع العالم الخارجي الصامت صمت القبور، لذلك لم يرشح عن المجزرة أيام وقوعها إلا النزر اليسير، واكتفى العالم بالصمت حتى لا يتدخل في الشؤون الداخلية التي استباحت مدينة حماة شهراً كاملاً من الزمان.
إن ما حصل في حماة جريمة ضد الجنس البشري حسب التوصيف العالمي، وهذه الجريمة التي ارتكبتها قوات النظام السوري النظامية وميليشياته المسلحة لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وإن النظام الذي اقترف هذه الأعمال ما يزال هو الحاكم، ولا يزال مصراً على تجاهل أحداث المجزرة وتوابعها ونتائجها الكارثية.
ولذلك فإننا نكرر أنه لا بد من فعل الآتي إنصافاً لمدينة حماة وسكانها الذين عانوا من سلسلة مجازر كان أكبرها وأعنفها هذه المجزرة:
1- تشكيل الأمم المتحدة لجنة للقيام بتحقيق ذي طابع قانوني في الجريمة، تتولى مقابلة أهالي مدينة حماة وذوي ضحايا المجزرة، وتحديد المسؤولين عن هذه المجزرة، وبيان صفة الجهات التي أصدرت الأوامر لاستخدم القوة المدمرة ضد السكان المدنيين، واقتراح عقوبة بحق المسؤولين والمتسببين عن ذلك، وبيان حجم الخسائر البشرية والأضرار المعنوية والمادية واقتراح تعويضات عنها.
2- على النظام السوري الكشف عن مصير وكل تفصيلات المختفين والمفقودين الذين اعتقلتهم قواته ولم يعودوا إلى ديارهم.
3- السماح بعودة المهجرين من مدينة حماة بصورة آمنة، والتعويض على الأسر التي تضررت بفقدانها لأفراد منها او خسارة ممتلكاتها.
4- الكشف عن أسماء كبار العسكريين والمدنيين المتورطين في المجزرة وتقديمهم للقضاء لمحاكمتهم بارتكاب أعمال إبادة جماعية.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
أمام السفارة السورية
لندن
السبت 10 شباط/ فبراير 2007