– عادة يحدث الموت أثناء الحجز أو الحبس بسبب التعذيب أو الانتحار. وكلتا الحالتين، تتعلق الواحدة منهما بالأخرى، إذ تدعي السلطات أحياناً بأن السجناء قتلوا أنفسهم بينما في الحقيقة هم ماتوا تحت التعذيب. في حين يموت بعض السجناء فعلاً بقتلهم أنفسهم للخلاص من هول التعذيب وروعه.
لقد وثقت لجنة حقوق الإنسان ما يقرب من عشر حالات موت أشخاص في الحجز والحبس داخل سورية منذ منتصف الثمانينيات(9) وقد لقي عدد آخر أكبر من ذلك حتفهم أثناء القمع الوحشي الذي تلقته المعارضة في الفترة بين 1979 و 1982 أما الحالات الأخرى التي بقيت غير موثقة فإنها ما زالت طي الكتمان بسبب خـوف الـعوائل مـن الثأر والانتقام. هنـاك، على الأرجح، حالات أكبر وأكثر حصلت في الجزء الذي تسيطر عليه سورية من لبنان، إلا أن توثيقها لا يعكس إلا القليل منها فقط(10). وقد عبر الجميع عن قلقـهم الشـديد إزاء الـموت تحت الـتعذيب فلـجنة حقـوق الإنسان التابعة إلى الأمم المتحدة في أحـدث تقاريرها ومنظـمة الـعفو الـدولية والمنظمة العـربية لـحقوق الإنسان فـي تقـاريـرها المـماثلة، كـلها تشعر بالقلق المتزايد.
في بعض الأحيان يقال للعائلة إن ولدها السجين وافاه الأجل لأسباب طبيعية أو جراء انتحاره، وفي أحيان أخرى تخفي المخابرات الجثة ولا تخبر عائلة صاحبها بموته إلا بعد مرور وقت طويل جداً، أحياناً لا تخبرها بشيء مطلقاً. وفي حالات أخرى حيث تعاد الجثة لسبب أو لآخر، فإن العائلة تتسلمها بتابوت مختوم لا يجوز للعائلة فتحه بأمر المخابرات.
ولقد علمنا بالقدر المحتوم الذي قضى على سجناء بعينهم من شهادة سجناء آخرين أو من العوائل التي تجرأت وفتحت مثل هذه التوابيت وشاهدت آثار التعذيب وكذلك من زلة لسان بكلمة تتسرب من أحد أفراد العائلة المنكوبة.