اللجنة السورية لحقوق الإنسان

  • الرئيسية
  • أخبار
  • ملتيميديا
    • الصور
    • الفيديو
  • المكتبة
    • كتب
    • وثائق
    • مقالات ودراسات
  • إصدار اللجنة
    • تقارير يومية
    • التقرير السنوي
    • تقارير خاصة
    • أخبار وبيانات
  • عن اللجنة
    • من نحن
    • اتصل بنا
  • بيانات أخرى
    • بيانات سورية
    • تقارير وبيانات دولية
  • ملفات خاصة
    • الاعتقال السياسي
    • مجزرة حماه 1982
    • مجزرة سجن تدمر 1980
    • معتقلو الرأي
    • محكمة أمن الدولة
    • القانون 49 لعام 1980
  • قوائم المفقودين
  • English
You are here: Home / إصدار اللجنة / أخبار وبيانات / رئيس جمعية حقوق الإنسان في سورية المحامي هيثم المالح في حديث لـ “العدالة”: خلافي مع النظام حول مسألة الحريات

رئيس جمعية حقوق الإنسان في سورية المحامي هيثم المالح في حديث لـ “العدالة”: خلافي مع النظام حول مسألة الحريات

4-شباط-2004

الأستاذ هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الإنسان في سورية في غنى عن التعريف فهو مرجع قانوني معروف ووجه من أبرز وجوه المعارضة الديمقراطية في سورية. اعتُقل للمرة الأولى عام 1951 وللمرة الثانية عام 1980 حتى نهاية عام 1986 بسبب نشاطه النقابي حيث شغل منصب رئيس صندوق تعاون المحامين وكان عضواً في لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان منذ عام 1978.


عمل في القضاء عشر سنين وصُرف من وظيفته بمرسوم تشريعي بسبب خلافه مع النظام الذي بدأ مع اغتصاب السلطة في 8 آذار عام 1963 وبلغ أوجه عام 1965 حين انتخب عضوا في لجنة قضائية لمناقشة حالة الطوارئ التي نجم عنها اعتقالات تمت في عام 1965 إثر مداهمة الجامع الأموي وقتل المصلين فيه على يد الضابط سليم حاطوم.


وقد أصدر المالح بياناً ندد فيه باعتقالات المصلين وطالب بإطلاق سراحهم وإحالتهم إلى القضاء العادي حيث بلغت أعداد المعتقلين حينها عشرة آلاف.


وحينها أضرب المحامون وعلق المالح المحاكمات مع زملائه القضاة لمدة أسبوع احتجاجا على هذا الوضع.


خلافه الرئيسي مع النظام هو موضوع الحريات وحقوق الانسان واستقلال القضاء وسيادة القانون والتي لا يزال يعمل في إطارها حتى الآن داخليا وخارجيا.


وفيما يلي نص الحوار معه:


كيف تنظرون إلى أوضاع حقوق الإنسان في سورية بعد أكثر من عام ونصف العام على تولي الرئيس بشار الأسد مقاليد السلطة؟


– إن المشكلة الأساسية في أي مجتمع يرنو إلى التقدم والعدالة هي في أن يسود القانون العادل المنبثق عن إرادة الشعب الحرة على جميع المواطنين. وهذه هي أولى الخطوات التي ينبغي معالجتها.


ففي سورية كما في معظم العالم العربي لا يجري انتخاب حر نزيه لممثلي الشعب في المجالس النيابية، ومعظم أعضاء هذه المجالس إما معينون من السلطة الحاكمة أو حصلوا على الأصوات بطريق التزوير وبالتالي فإن مجالس الشعب أو مجالس النواب ما شئت أن تسميها لا تمثل إرادة الشعوب، وبالتالي فإن القوانين التي تصدرها هذه المجالس هي قوانين لا تعبر عن إرادة الأمة، وهي قوانين باطلة.


من جهة أخرى ولو سلمنا جدلا بشرعية المجالس النيابية فهي لا تستطيع عمل شيء بمواجهة السلطة الحاكمة إما لإحساس أعضائها بالضعف نتيجة عدم صحة الانتخابات، وإما لطغيان السلطة في الأنظمة الاستبدادية الشمولية وعدم وجود أية حماية تحمي الانسان من عسف وجور النظام.


هل تحدثنا عن تجربة الاعتقال التي تعرضتم لها وما الضمانة أن لا تتكرر التجربة طالما ما زلتم تجاهرون بمعارضتكم؟


– تم اعتقالي مع زملاء لي في نقابة المحامين وفي نقابة المهندسين حيث زج بنا في السجون دون إثم اقترفناه أو هفوة صغيرة عملناها، فقط كوننا تكلمنا عن حقوق الإنسان، في اللجنة المنبثقة عن نقابة المحامين في فرع دمشق، فلقد أقرت الهيئة العامة لفرع نقابة المحامين في دمشق القرار رقم 1 لعام 1978 الذي طالبنا فيه برفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين أو إحالتهم إلى المحاكم العادية وإلغاء القضاء الاستثنائي ثم تصاعدت المواجهة مع النظام في إطار القانون حتى تم اعتقالنا في مطلع عام 1980. وقضيت سبع سنين في العديد من سجون السلطة في دمشق بينما قضى غيري أكثر من ذلك أو أقل.


لقد كانت تجربة مريرة مؤلمة وإن كانت قد فتحت عيني على رؤية أوسع لمشكلات الوطن، والاحتكاك بباقي التيارات الفكرية التي كانت مجتمعة في السجون، ففي تلك الفترة لم يترك النظام خارج السجون سوى من وافقه مسيرته في الحكم أو خاف على نفسه فتدثر بأغطية الخوف والرعب ولم ينبس ببنت شفه، والساكت عن الحق شيطان أخرس “كما هو معروف”.


فلو علم الناس أن الحياة كلها هي وقفة عز لما وهنوا ولما استكانوا ولما ضعفوا لما أصابهم في سبيل الله ونصرة الحق.


فحين تقدمت صفوف المنادين بالعدالة وسيادة القانون وحقوق الإنسان كانت الأمة بأغلبها تغط في سبات عميق، إلا أن ما دفعني لأتحرك في عام 1978 هو الشعور بالظلم والجور الذي يصيب الجميع. بينما القسم الأعظم من الأمة كان يريد أن يحصل على المغانم دون أن يدفع الضريبة التي تستحق عليه، كما قال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).


فلا يوجد شيء دون ثمن، والحرية لها ثمن غال، كما قال الشاعر:


وللحرية الحمراء باب              بكل يد مضرجة يُدَق


إن تجربة السجن بقدر مرارتها إلا أنها كانت حافزا لمواصلة العمل ومواصلة الجهاد والانفتاح على الجميع لأننا بحاجة للجميع.


ولعل السؤال الصعب هو هل أنني أخاف العودة لما كنت فيه؟ فأود أن أؤكد أنه لا ضمانة لأحد ولا مظلة تظل أحداً ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وأقول (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين).


اعلم أخي الكريم أنه قد عُرض عليّ عمل في سائر أنحاء العالم، وهو أمر ترحب به السلطات السورية، ففي اليوم الأول لاعتقالي سمعت من أحد ضباط المخابرات كلاماً واضحاً “لا نريدك في هذا البلد”. فهل أستجيب لهذا الطلب؟ هنا السؤال الصعب فكيف من أصدقائي يريدون مني المغادرة ويرون أن ذلك أفضل؟ وأقول وقد بلغت من العمر سبعين عاماً ماذا أدخر للغد؟ وهل أقتلع جذوري من بلدي الحبيب دمشق! وإلى أين أذهب حتى أكون في مهب الريح؟ وأين الصبر على المكاره؟


انتقدتم في أكثر من مناسبة القضاء السوري وأنتم من خلال مساهمتكم في الدفاع عن النائبين مأمون الحمصي ورياض سيف صرحتم بهذا النقد وتعرضتم لعقوبة من نقابتكم.. كيف تنظرون إلى واقع القضاء السوري وسبل إعادته إلى دوره الطبيعي كسلطة مستقلة؟


– لقد قضيت من عمري قرابة عشر سنين في القضاء السوري حين كان قضاء نزيها عادلا يكرس قضاته إحقاق الحق. إلا أن القضاء الآن أضحى ألعوبة بيد النظام. ولقد كتبت مقالا مطولا في مجموعة الديمقراطية وحقوق الانسان التي تصدرها الجمعية العربية في باريس فيمكنكم الرجوع إليه.


والإصلاح يحتاج إلى إعادة صياغة تشريع جديد يصوغه فقهاء كبار كما يحتاج أن تكف السلطة عن التدخل فيه وهما أمران عسيران في الوقت الحاضر.


لماذا لم يتم الترخيص لجمعيتكم، جمعية حقوق الإنسان في سورية، حتى الآن؟ وما الاجراءات الاتي ستقدمون عليها في حال تواصل رفض الترخيص؟


– تقدمنا بطلب الترخيص للجمعية وستنتهي مهلة انتظار ستين يوماً في يوم 10 / 2 / 2002 بعدها وفي حالة الرفض سنقاضي الجهات المختصة أمام القضاء الاداري.


ماهي خططكم المستقبلية على صعيد الجمعية؟
– الآن سننتقل لبحث أوضاع حقوق الإنسان في سورية في ظل الاحوال السائدة. حين تم الانتخاب للرئيس السوري الحالي الدكتور بشار الأسد على الطريقة التي تم بها هذا الانتخاب قلنا، والحال ليست بيد الشعب وإنما بيد مجلس الشعب الذي كان قائما آنئذ؛ قلنا لعل أن يكون في التغيير خير. ولعل خطاب القسم الذي سمعناه كما سمعه غيرنا يفتح بارقة أمل للتغيير فقد طال زمن الظلم والذي إذا دام كما هو معروف دمر، في حين إذا دام العدل عمر.


إن ما يمكننا وصفه الآن في سورية ما هو إلا استرخاء سياسي بمعنى أن سطوة الأجهزة الأمنية أقل من السابق إلا أنها لاتزال بيضة الميزان وبيدها كل شيء تقريباً وهي أجهزة متعددة متفرعة ولا تزال سلطاتها غير محددة بقانون ولا نظام، وبالعكس فإن قانون إحداث جهاز أمن الدولة أعطاها صلاحيات تصل لحد القتل دون مراقب أو محاسب. ويمكن مراجعة رسالتي إلى الرئيس في هذا الشأن (ملحق رقم 2).


فكيف يمكن أن نتصور بلدا يسود فيه قانون سري يعطي الأجهزة الأمنية حق ارتكاب الجرائم دون محاسب؟


لقد طالبت في رسالتي للرئيس تعديل أو إلغاء نصوص عديدة، ولم أتلق حتى الآن أي جواب، كما لم ألمس في واقع الحياة أية إشارة تدل على تحقيق أي من المطالب التي ذكرتها.


إنه ما لم يتم إلغاء العديد من القوانين وإخضاع كافة الأجهزة الأمنية للسلطة القضائية وإلغاء دور التوقيف التي لا حصر لها في سورية وإلغاء إعلان حالة الطوارئ فلا يمكن لنا أن نتأمل بتطور أساسي في حقوق الانسان، ولئن كنا نشعر هنا في سورية ونحن نرابط في هذا الثغر الهام في مواجهة الانحرافات المتعلقة بحقوق الانسان والمناداة بسيادة القانون أنه لا بد لهذا الليل من آخر ولا بد أن ينتصر الحق لأن الانتصار له انتصار للعدالة وانتصار لحقوق الإنسان ولإرادة الله التي طالبنا فيها بالعدل والاحسان.


وأود أن أذكرهنا أن للأديبة الألمانية آن ماري شمل عبارة تقول “سيقهر الماء صم الحجر”. وأنا أعتقد ذلك جازماً، وأسير في الطريق التي أراها قدري غير عابئ بمن يتساقط حولي من ضعاف النفوس الذين لا يريدون أن يقدموا لهذا الوطن حتى ولا ذرفة دمع.


إن مسألة حقوق الانسان هي مسألة تؤرق معظم الأنظمة العربية التي ترى في الجمعيات والمنظمات التي تعنى بهذا الجانب أنها تحشر نفسها في جميع مناحي الحياة وبالتالي تشكل ازعاجا للسلطات. إلا أن الإصرار الذي تبديه منظمات حقوق الإنسان وترابطها مع بعضها داخليا وخارجيا يؤمن لها شيئاً من الدعم والقوة كما أنه من المعلوم أن هذه المنظمات أو الجمعيات لا تتدخل في سياسة الدولة ولا تنحاز لطرف دون طرف في العلاقات السياسية. ولذا فلا تجد فيها السلطات عادة خطورة شديدة وقد تغض النظر عنها كما هو حاصل الآن في سورية.


نحن نأمل أن ترخص لنا الجهات المعنية لنضيف الشفافية على عملنا ولا نلجأ لأساليب ملتوية لإخفاء بعض أنشطتنا وقد قررنا منذ البداية أن يكون العمل علنيا واضحا شفافا لا سيما أن جمعيتنا تضم سائر الأطياف قي المجتمع.


إننا نأمل ونحن في بداية عملنا الذي لم يمض عليه سوى خمسة أشهر أن ننشئ فروعاً للجمعية في سائر محافظات القطر ويزيد أنصارها والمساهمين فيها. وأما التعاون مع الآخرين فهو متروك للظروف وتقدير المصلحة التي تناقش في حينها.


قرأنا منذ مدة أن انتخابات نقابة المحامين الأخيرة حققت تقدما على صعيد الصوت المعارض ما تقييمكم لتلك الانتخابات؟


– لعل أسوأ ما يمكن أن يكون هو انتخابات نقابة المحامين. ذلك أن قانون مزاولة المهنة الذي صدر برقم 29 تاريخ 21 / 8 / 1981 إنما فصلته السلطة على مقاسها تماما وألغت بموجبه القانون رقم 14 لعام 1972 والذي وإن كان قد صدر دون رأي نقابات المحامين وإنما كذلك أصدرته السلطة على هواها، إلا أنه كان يضمن استقلال النقابة واستقلال أعضائها وقرارها.


أما القانون المطبق حاليا فقد ألحق النقابة بالأجهزة الأمنية وبالحزب الحاكم والذي يسيطر حسب الدستور على قيادة الأمة. ولقد اتخذ اتحاد المحامين العرب بهيئاته العامة عقب اعتقالنا وإصدار القانون 29 الآنف الذكر قرارت عديدة أدان بها اعتقالنا وطرد النقابة السورية المعينة آئنذ، وأدان القانون وقرر تشكيل لجنة برئاسة النقيب السابق الأستاذ زهير الميداني لمراجعة المسؤولين للعدول عن القانون أو تعديله بما يضمن استقلال نقابة المحامين واستقلال قرارها وحرية انتخاباتها إلا أن المسؤولين رفضوا هذه القرارات وأداروا ظهرهم للجنة المشكلة واستمروا في تنكب جادة الحق والعدل.


تعلمون أخي الكريم أنني وكيل النائبين السيدين رياض سيف ومأمون الحمصي وكذلك الزميل الأستاذ رياض الترك والزميل حبيب عيسى.


لقد نظمت الوكالة باسمي وبإقرار الأستاذ رياض الترك إلا أن فرع نقابة المحامين في دمشق رفض تسليمي الوكالة بداعي الأوامر المخابراتية. كما أنني لم أستطع زيارة الزميلين المحاميين لرفض السماح لي بالزيارة من قبل محكمة أمن الدولة والنقابة المفروض فيها أن تدافع عن المحامين لم تحرك ساكناً، بل العكس هو الصحيح، فإنها تنحاز للنظام ضد زملائها وضد العدالة فكيف يمكن لنا أن نفسر ذلك؟.


سبق لي أن أبديت رأيي في موضوع انتخابات النقابة وقلت إن الحل يكمن في مقاطعتها وإعلان هذه المقاطعة إلا أن اليد الواحد، عادة لا تصفق.



——————————————————————————–


ملحق (1)


دراسة مختصرة في الأحكام العرفية


المحامي هيثم المالح


رئيس جمعية حقوق الإنسان في سورية


 


لو عدنا للأمر العسكري رقم 2 المتضمن إعلان حالة الطوارئ نجده صادرا عن المجلس الوطني لقيادة الثورة بمعنى أنه عقب وقوع الانقلاب العسكري في الثامن من آذار آلت أمور الدولة إلى المجلس الوطني المنوه عنه، إلا أن المشروع الذي ألزم السلطة التي تعلن حالة الطوارئ بعرض هذا الإعلان على مجلس النواب الذي يمثل الشعب، رغب من هذا الإلزام إطلاع ممثلي الشعب على قرار إعلان حالة الطوارئ وإفساح المجال أمامهم لمناقشته مما قد يؤدي إلى إلغائه أو تثبيته ذلك أن الوزارة مسؤولة أمام مجلس النواب في ظل دستور عام 1962، وبالتالي يملك هذا المجلس صلاحية الرقابة على أعمال الوزارة.


(إلا أن الواقع فإن إعلان حالة الطوارئ التي لا تزال مستمرة لم تعرض على أي مجلس شعبي منتخب، ولذلك فإن اعتقالي مع زملائي كان سنداً لإعلان حالة الطوارئ هذه، وبموجب أمر عرفي وإن كنا لم نتبلغه ولم نطلع عليه بصورة من الصور وهو اعتقال باطل أصلاً وليس له سند من القانون).


فما هي الطبيعة القانونية للأوامر العرفية؟


إن الأوامر والإجراءات الصادرة بالاستناد إلى قانون الطوارئ ومنها أوامر حجز الحرية لا تعتبر من أعمال السيادة لأن المعتبر من أعمال السيادة هو مرسوم إعلان حالة الطوارئ ذاته. أما الأوامر الصادرة عن السلطة القائمة على تنفيذ حالة الطوارئ فإنها تعتبر من الأعمال التي ينظر فيها القضاء المختص (لطفاً مراجعة القرار رقم 29 الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 61 لعام 1971، مجموعة المحكمة الإدارية العليا لعام 1971، صفحة 252).


ويؤكد الدكتور محمود الحافظ أن الأوامر العرفية هي قرارات عادية قابلة للطعن فيها بدعوى الإلغاء شأن سائر القرارات الإدارية التي تصدر في الظروف العادية (صفحة 296).


ويؤكد الدكتور الطحاوي أن الأوامر العرفية قرارات إدارية عادية تخضع لرقابة القضاء إلغاء وتعوضا (صفحة 167).


والقاعدة الفقهية المدعومة بأحكام القضاء هي أنه “لا يجوز للقرار العرفي أن يخالف الغاية التي من أجلها أعطى المشرع للحاكم العرفي أو نائبه سلطة إصدار الأمر” (نصرت ملا حيدر في بحث مدى قانونية قرار الحاكم العرفي أو نائبه الذي يتجاوز فيه الصلاحيات المعطاة له في قانون الطوارئ – المحامون عددان 11 و12 عام 1971 صفحة 327).


وتأسيساً على هذه القاعدة صدر القرار رقم 95 عن دائرة فحص الطعون في الطعن رقم 136 لعام 1972 كما يلي:


“وينبغي أن لا تتجاوز سلطة الحاكم العرفي الحدود المرسومة وألا تخل بالتزاماته القانونية وألا تتوغل في الحريات العامة أو الملكية الخاصة أو الأحكام القضائية بدون مبرر قانوني وإلا شاب تصرفاته عدم المشروعية وانبسطت عليها رقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً”.


وهناك عدد كبير لا يحصى من أمثال هذه القرارات لا داعي لسردها فإذا كان مجرد قرار بالتوقيف يكون خاضعا لرقابة القضاء الإداري فكيف إذا كان هذا التوقيف المستند للأمر العرفي قد أخفى عقوبة فعلية؟


فلقد قضيت في السجن قرابة سبع سنين وقضى غيري أكثر من ذلك ولا يزال بعض الزملاء من كافة الاتجاهات والفعاليات يئنون تحت وطأة أغلال السجون، ويعلم الله وحده متى ستنتهي عقوبتهم.


إن المدة التي أمضيتها وأمضاها غيري في المعتقلات السياسية إنما هي في حقيقتها عقوبة قررها الحاكم العرفي أو نائبه ونفذها فكانت عقوبة لفعل من نوع الجناية لم يرتكبها أحد. ذلك أن التوقيف بحد ذاته كما استقر عليه الفقه والقضاء المحلي والعالمي إنما هو تدبير احترازي ومؤقت الغاية منه تمكين القضاء – قضاء التحقيق مثلاً – من جمع معلومات الدعوى وتهيئتها بعيدا عن التأثيرات التي قد يمارسها الموقوف لو كان طليقا.


ولا يجوز حتى لقاضي التحقيق أن يقلب حالة التوقيف إلى عقوبة ولذا نص القانون على جواز إخلاء السبيل حتى في الجناية متى استكملت أسبابه.


وكذلك التوقيف المستند إلى قانون الطوارئ فهو توقيف مؤقت احترازي حتى تمر الكارثة أو الحرب أو ما شابه ذلك خشية حدوث المضاعفات ومن أجل سلامة الوطن ولكن أن ينقلب التوقيف إلى عقوبة يفرضها الحاكم العرفي أو نائبه دون رقيب ولا رادع، فهو لعمري عين الانتهاك لكل القوانين والأعراف وحقوق الإنسان وجميع الدساتير. وهنا فإن على القضاء أن يمارس رقابة أكثر شمولية وأعمق أثراً منعاً للحيف ودرءاً للظلم، وإذا غاب القضاء عن هذه الرقابة أو غفل عنها فهي الطامة الكبرى والشر المستطير، إذ تسود عندها شريعة الغابة، بل فإن للغاب شريعة، ولكن تسود الفوضى ويصبح الناس لا خلاق لهم ولا ضابط يردعهم، ومع ذلك فإن جميع الأحكام القضائية التي صدرت بإلغاء الأوامر العرفية بالتوقيف لم تعرها الإدارة أدنى اهتمام ولم تذعن لتنفيذها وهذا ما يؤكد مدى استهتارها بالقوانين والأحكام القضائية.


وهكذا نجد أن إعتقالنا كان اعتقالا كيفيا وكيدا ليس له أي أساس من دستور أو قانون أو عرف ولم يكن يهدف سوى (إلى) قمع الفكر وإرهاب المواطن، إذ أنه إذا عمدت السلطة إلى اعتقال أمثالنا من حملة الفكر لمجرد خلافها معهم في الرأي فما بال الموطنين العاديين وكيف يمكن أن يعاملوا إذا ما اختلفوا معها؟


إن كل مواطن هو شريك في تراب وطنه وله الحق كل الحق في أن ينتقد و يقوم المعوج من الأوضاع شريطة أن يكون ضمن الحدود التي رسمها الدستور والقانون الموضوع بإرادة الشعب الحر، وبالتالي فإن أي عمل أو تجمع يقوم به المواطنون يهدفون من ورائه إلى إيصال صوتهم إلى السلطة الحاكمة والإدلاء برأيهم في تحديد سياسة الدولة خارجيا وداخليا ودون أن يتجاوزوا حدود القانون ضمن الأسس المذكورة آنفا فلا مجال لمساءلتهم أو تحديد حريتهم.


ذلك أن مفهوم الدولة ما هو إلا الاتفاق الضمني على أن يتفرغ قسم من الشعب لإدارة شئونهم وبالتالي فما الحكام إلا نواب عن الشعب الذي هو الأصل في تسيير أموره، وما يراه هو يكون واجب الاتباع تأسيساً على المبدأ العام (لا تجتمع أمتي على خطأ).


فمن الذي أعطى السلطة الحاكمة هذه الهيمنة التي لا راد لها ولا معقب لحكمها؟؟..


خطب عمر بن الخطاب بعد توليه الخلافة فقال: “وإن أسأت فقوّموني” عندها انبرى له أحد المسلمين قائلاً “لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بحد سيوفنا”. فماذا كان رد عمر؟ قال: “لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها”.


ولم يأمر له بسجن ولا كان هناك أحكام عرفية ولم يكن عمر وهو خليفة المسلمين أن يسجن إنسانا لمجرد أنه قال كلمة الحق.


وأعود هنا مؤكداً حقيقة أساسية تتمحور حولها كل الاعتقالات والمحاكمات والأحكام التي صدرت وتصدر عن المحاكم الاستثنائية في القضايا الأمنية.


هذه الحقيقة هي أنه لا يوجد هنا تحقيق ولا مناقشة ولا يُسأل الموقوف في دور التوقيف عن عمله وماذا فعل، ولا يواجه بتهمة ولا بفعل وإنما يؤتى به فيستفتح بالجلد والركل والتعذيب والشتم ثم يُسأل بعد ذلك فلا يُقبل منه إلا ما يمليه المحققون من إفادة، ثم يُطلب إليه التوقيع عليها حتى أنه لا يُسمح له بقراءة ما سيوقع عليه والويل ثم الويل له إذا سأل، ثم إذا شاءت أجهزة الأمن إخراج شيء لعرضه إعلامياً على الناس فقد استحدث في مركز التوقيف في جهاز المخابرات الكائن في كفرسوسة غرفة خاصة معزولة (استديو) تماماً كغرفة الإخراج في مركز البث المرئي حيث يتم هناك تلقين بعض الموقوفين إفادات معينة تُتلى أمام مخرج التلفاز، وطبعاً بعد أن يغرى الموقوف بمساعدته ثم يعرض الشريط على الناس على أساس أنه الحقيقة وهو لا يمت للحقيقة بصلة.



——————————————————————————–


ملحق (2)


رسالة إلى الرئيس بشار الأسد
سيادة رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد المحترم


مذكرة مقدمة من المحامي هيثم المالح


تحية الحق والعروبة وبعد


يبدأ المحامون عادة رسائلهم بهذه التحية، فالحق اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته، وقال تعالى “بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق”، وقال “يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله”.


والعروبة شهامة ونجدة ومروءة والأخلاق العربية شهد لها رسول الإسلام حين قال “بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.


ومن هنا أحببت أن اكتب لكم.


بداية أحب أن أعرف عن نفسي فأنا اعمل في القانون منذ نحو خمس وأربعين عاما منها عشر سنوات في القضاء وكنت زميلا للأستاذ نصرت ملا حيدر رحمه الله.


ولذا آليت على نفسي أن أحمل الحق معي حيث كنت وأينما توجهت، ومن هذا الحق، حقوق الإنسان التي تشغل بالي ويؤرق تفكيري الانتهاكات التي يتعرض لها إنساننا على مستوى الوطن العربي ومنه بلدنا الحبيب.


وفي سبيل ذلك دفعت الكثير من عمري ثمنا لما حملته، وقد بلغت الآن السبعين وليس لي في هذه الدنيا مطامع شخصية فما بقي من العمر اقل مما ذهب.


وأحببت بعدما سمعت عنكم توجهكم للإصلاح والانفتاح وبما تتمتعون به من عقل منفتح ورغبة صادقة في الحوار، أن أورد بعض ملاحظاتي علها تنير لنا الدرب للمستقبل دون أن اطلب جزاء ولا شكوراً.


إن التشريع يا سيادة الرئيس هو الذي يضبط حقوق المواطنين وواجباتهم كما يشكل الكابح لتصرفات المسئولين وأعوانهم وإن في بلدنا بعض التشريعات تحتاج إلى نظر وتعديل أو إلغاء حتى يشعر المواطن بأن سلاح التشريع والعدل يظلانه بالأمن والطمأنينة ولا يقمعانه:


1. المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 1963 المتضمن إعلان حالة الطوارئ التي مضى عليها سبع وثلاثون عاما ولا يوجد في العالم دولة تدار بقانون الطوارئ الذي يعلو على جميع القوانين والأنظمة ويتخذه المسئولون نكأة للتنكيل بالناس دون مبرر ولمصادرة الأموال والعقارات دون أي رادع.


2. المرسوم التشريعي رقم 14 المتضمن إنشاء إدارة أمن الدولة أو المخابرات العامة وتنص المادة 16 منه على ما يلي “يشكل في إدارة أمن الدولة مجلس أو أكثر لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين أو المعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة بكيفية تشكيل المجلس و الإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحيته. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير” فكيف يمكن لقانون أن يحمي موظفا من جريمة يرتكبها ويعتبرها القانون نفسه جريمة؟


3. المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 1980 الذي بسط صلاحيات المحاكم الميدانية العسكرية لمحاكمة المدنيين.


4. القانون رقم 49 المتضمن إعدام كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين.


5. المراسيم والقوانين التي أحدثت محكمة الأمن الاقتصادي واللجان الخاصة ومحكمة أمن الدولة.


سيادة الرئيس إن الدستور السوري الذي صدر عام 1973 قد ألغى ضمنا كافة القوانين المعارضة له وخاصة مرسوم إعلان حالة الطوارئ الذي صدر عام 63 ومرسوم إحداث إدارة أمن الدولة الذي صدر في عام 69 لأن هذين المرسومين يتعارضان كلية مع نصوص الدستور وخاصة المواد 15 و17 و28 و32 إلا أن أحدا لم يتعرض لهذه الناحية سواء لدى القضاء أم لدى الإدارات والسبب الأساسي أرجعه أنا إلى الخوف والرعب الذي يسكن قلوب المواطنين.


ثم إن المحاكم الميدانية حكمت على عدد كبير من الناس بالسجن أو بالموت، فالسجناء الذين أُخلي سبيلهم والذي نأمل أن يشمل الباقين، هؤلاء السجناء، دمغت كافة وثائقهم بأنهم مجرمون وبالتالي حرموا من حق العيش الكريم فمن الذي يجازف بتشغيل أمثال هؤلاء خاصة إذا كانوا موظفين وتم طردهم من الخدمة لهذا السبب.


فإتمام المعروف يكون بإعادة الاعتبار للجميع وإعادة من طرد من الخدمة والتعويض على ذوي الذين أزهقت أرواحهم، حتى نكفكف دموع الأسر ونمسح عيون الثكالى.


إن في تفعيل دور المحكمة الدستورية وإعادة الهيبة للسلطة القضائية واستقلال القضاء عاملين هامين لإشاعة الطمأنينة في نفوس المواطنين واطمئنانهم لمستقبلهم.


ولقد شاع منذ وقت ليس بالقصير منتديات للحوار بين المواطنين ولقد رأيت في السماح لهذه المنتديات بالعمل ما يرسخ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ويرفع من سوية العلاقات بين الناس حتى يصبح الحوار بالعقل هو السائد لا حوار القوة والنفوذ.


ولئن كانت معظم المنتديات وقد حضرت بعضها علماني النزعة ويتنافى مع عقيدتي الإسلامية التي أدين بها في الحياة، إلا أنني رأيت في الحوار ارتقاء ورقياً ومحاولة جادة لأن يفهم بعضنا بعضاً، إلا أنني فوجئت مؤخرا بجنوح السلطة لإغلاقها أو فرض رقابة مسبقة عليها.


إنني يا سيادة الرئيس لا أرى لنا خلاصا مما نعانيه من تخلف وضعف وجمود إلا أن نتحاور مع بعضنا فنعمل فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه.


وإني في كل الأحوال مستعد لأن أناقش أي مسألة مما ذكرت سائلا المولى أن يسدد خطانا جميعا لما فيه الخير والسعادة للجميع والله من وراء القصد.


 


دمشق 20 / 2 / 2001


المحامي هيثم المالح

Filed Under: أخبار وبيانات Tagged With: هيثم المالح

قائمتنا البريدية

تابعونا على الفيسبوك

Facebook

صور من التعذيب ، شهادة معتقلة في سجون نظام بشار

13-شباط-2022

شاهد على مجزرة حماة الكبرى 1982

8-شباط-2022

ثمانية سنوات في سجن تدمر مع محمد برّو

13-كانون أول-2021

حقوق النشر والتوزيع © 1997 - Copyright © 2022 اللجنة السورية لحقوق الإنسان. جميع الحقوق محفوظة

القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • أخبار
  • ملتيميديا
    • الصور
    • الفيديو
  • المكتبة
    • كتب
    • وثائق
    • مقالات ودراسات
  • إصدار اللجنة
    • تقارير يومية
    • التقرير السنوي
    • تقارير خاصة
    • أخبار وبيانات
  • عن اللجنة
    • من نحن
    • اتصل بنا
  • بيانات أخرى
    • بيانات سورية
    • تقارير وبيانات دولية
  • ملفات خاصة
    • الاعتقال السياسي
    • مجزرة حماه 1982
    • مجزرة سجن تدمر 1980
    • معتقلو الرأي
    • محكمة أمن الدولة
    • القانون 49 لعام 1980
  • قوائم المفقودين
  • English