خلف قناع شعارات المحافظة على الشعوب من ” الأفكار الهدامة” أو “الدفاع عن الأمن القومي والوحدة الوطنية”، تلجأ بعض الحكومات إلى حرمان مواطنيها من حرماناً جزئياً أو كلياً من الاتصال عبر شبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت )، بينما تلجأ حكومات أخرى إلى التحكم في الاشتراك والوصول إلى المواقع والمعلومات.
وتعتبر شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)بالنسبة للأنظمة المستبدة سلاحاً ذا حدين، ففي الوقت الذي تمكن هذه الشبكة العالمية الأفراد من التمتع بحرية الكلام والتعبير عن الرأي بقدر غير مألوف في بلادهم مما يشكل تهديداً لهذه الأنظمة، فإن شبكة الإنترنت من ناحية ثانية تعتبر عاملاً مهماً في النمو الاقتصادي بسبب القيام بالصفقات التجارية المباشرة عبر الشبكة والتبادل السريع للمعلومات الفنية والعلمية مما يغري بعض هذه الأنظمة بدعم انتشارها.
ولقد ميزت منظمة حقوق الإنسان الفرنسية المعروفة ” مراسلون بلا حدود” عشرين نظاماً في العالم اعتبرتهم أعداء ألداء لشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) بسبب الحظر الكلي أو شبه الكلي الذي تمارسه تلك الأنظمة على مواطنيها وذلك بمنع وصولهم إلى الشبكة أو مراقبة المواقع أو اتخاذها إجراءات عقابية ضد مستخدمي الإنترنت.
حكومة الرئيس حافظ أسد في سورية تحرم رسمياً على المواطنين السوريين الاتصال بشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) واستخدامها. ويتعرض المخالفون في أخف الحالات لعقوبات السجن بذريعة أنهم يقومون باتصالات غير مرخص بها مع الأجانب !! ولا يسمح إلا للمنظمات والهيئات الرسمية بالاتصال بشبكة الإنترنت عبر مصلحة الاتصالات العامة الرسمية التي تقتصر شبكتها على مواقع الصحف الحكومية ووكالات الأنباء المحلية وبعض وزارات الدولة.
لقد كانت سورية مهد الحضارة الإنسانية فمنها انطلقت المعارف والحضارات والرسالات المتعددة، ولقد تفاعلت حضارة المنطقة مع الحضارات المختلفة في أنحاء العالم ولم تخش على أمنها واستقرارها بل كانت مشاركتها باعث أمن وتقدم وازدهار وتمازج بين الحضارات. واليوم والعالم على أبواب الألفية الثالثة نشهد نظاماً انفرد وتميز على غيره بفرض الجهل والعزلة والقيود المتتابعة على مواطنيه. لقد تأخرت سورية في مجالات التقنية لأن النظام يخشى على نفسه ويتوجس خيفة من كل جديد. فالآلة الكاتبة ما تزال موضع شبهة إذا اقتناها المواطن! لأن النظام الذي استبد بكل شيء يخاف أن يُكتبَ بها بيان ضده !! وكذلك الآلة الناسخة (الفوتوكوبي) أما شبهة الكومبيوتر فأقوى وأشد. والفاكس الذي تراجعت أهميته باستخدام البريد الإلكتروني لم يكحل غالبية السوريين عيونهم برؤيته!! وأخيراً جاء دور الاتصال بشبكة الإنترنت واستخدام البريد الإلكتروني ليصبح من المحرمات بل وخيانة لأنه اتصال غير مرخص به مع الأجانب! وهل كان الاتصال بالعالم والتعرف على المعلومات والإفادة منها في يوم من الأيام حالة شاذة وغريبة. أم أن حكومة الرئيس حافظ أسد تخشى من مجرد إطلاع الناس على أمور لا توافق عليها !؟
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تطالب حكومة الرئيس حافظ أسد -كما طالبته منظمة مراسلون بلا حدود من قبل- بما يلي:
1- إلغاء الاحتكار الحكومي لشبكة الإنترنت .
2- إلغاء إجبار المواطنين على تسجيل أسمائهم لدى دوائر الحكومة قبل التمكن من الاتصال بعالم الإنترنت.
3- إلغاء الرقابة المفروضة على المصافي والمرشحات وإلغاء نظام الإعاقة المفروض لمنع الوصول إلى بعض المواقع العالمية.
4- حماية خصوصية المراسلات عبر الإنترنت، وخصوصاً رفع التحكم المفروض على البريد الإلكتروني.
5- إيقاف كل الإجراءات القانونية ضد مستخدمي شبكة الإنترنت الذين يمارسون حقوقهم الطبيعية في حرية الكلام والتعبير عن الرأي.
وأخيراً تطلب اللجنة السورية لحقوق الإنسان – كما طلبت منظمة مراسلون بلا حدود – من نظام الرئيس حافظ أسد على اعتبار سورية بلداً موقعاً على الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية أن تحترم الالتزام الذي في عهدتها أمام شعبها أولا ثم أمام المجتمع الدولي.