مقام مجلس نقابة المحامين بسورية
الطاعـــن: المحامي أنور البني.
المطعون ضدهم: الحق العام المسلكي، رئيس محكمة أمن الدولة العليا.
القرار المطعون فيه: القرار الصادر عن مجلس فرع نقابة المحامين بدمشق برقم 17 تاريخ 5/11/2002 بالدعوى أساس 67/2002.
والقاضي من حيث النتيجة بالمنع من مزاولة المهنة مدة أربعة أشهر.
أولاً: في الشكل:
حيث أن تبليغ القرار بتاريخ 27/11/2002 مما يجعل الطعن ضمن مدته القانونية مستوف شرائطه الشكلية فهو جدير بالقبول شكلا.
ثانياً: في الموضوع:
– لقد صدر القرار المطعون فيه مخالفا للأصول والقانون ومتعارضا مع أصول المهنة وقانون تنظيمها كما ضرب بعرض الحائط وانحرف عن أهداف النقابة ومهام مجلس الفرع وبيان ذلك فيما يلي:
1 – أهمل القرار إفادتي أمام العضو المقرر والتي بينت فيها الواقعة التي حصلت في محكمة أمن الدولة ووضحت بأن المحكمة ورئيسها هي التي تجاوزت القانون ومنعت محام من ممارسة عمله والدفاع عن موكله كما تتطلب أصول المهنة (التي من المفروض أن يدافع عنها مجلس الفرع لا أن يعرقلها) كما وضحت بأن المحكمة لم تستجب بطلبي بتسجيل إفادة موكلي الدكتور عارف دليلة والتي قال فيها أنه تعرض للضرب في السجن على يد ضباط من الأمن السياسي قام بتسميتهم وقد أدى هذا الضرب إلى نزيف في الأنف ولم تستجب للطلب بعرضه على الطبيب الشرعي وتحريك دعوى الحق العام بحق ضباط الأمن السياسي الذين قاموا بهذه الجريمة أو على الأقل لم تقم بتسجيل طلباتنا في محضر الجلسة أو الطلب بإجراء تحقيق بالموضوع ..
وعوضا عن أن تـقوم المحكمة بواجبها القانوني عند التبليغ عن جرم في إحدى الجلسات .. فإن المحكمة وبغرض التستر على المجرمين الحقيقيين قامت بالطلب إلى عناصر من الأمن السياسي الموجودين بالمحكمة بإخراجي من القاعة وتم لك باستعمال القوة والعنف ويشهد على ذلك عدد كبير من المحامين الذين كانوا حاضرين الواقعة ومستعد لتسميتهم.
وجاء القرار المطعون فيه ليشارك بجريمة التستر على الجريمة التي وقعت بحقي في محكمة أمن الدولة العليا ومحاولة طمسها فأهمل أقوالي أمام العضو المقرر ولم يذكرها أو يرد عليها حتى أنه لم يذكر نتيجة المطالعة التي تقوم بها العضو المقرر مما يجعل القرار المطعون فيه مستوجبا الفسخ لهذه الناحية.
2 – حيث لم يجد مجلس الفرع في ملف الدعوى أي مخالفة مسلكية يمكن أن ينسبها إلي في قراره فاستعان بنبش ملفي ليعدد القرارات المسلكية الصادرة بحقي والتي كان فيها هو الخصم والتي صنعها بيديه ليجعل من تعدد هذه القرارات مخالفة حاول الاعتماد عليها لمعاقبتي ونسي مجلس الفرع بأنه هذه القرارات لايجوز الاعتداد بها قانونا أولا لأنها لم تكتسب الدرجة القطعية بعد وثانيا لأنها مهما كثرت لا يجوز قانونا أن تعتبر مسببا لمخالفة مسلكية جديدة.
وأهمل مجلس الفرع حقيقة واضحة وهي أن جميع هذه القرارات وحسب التواريخ المدونة أمامها وبعد مرور ستة عشر عاما علي في هذه المهنة فإنها جميعها صدرت خلال ثلاثة أشهر فقط بهذه العام وأنها جميعها صدرت بحقي بسبب قيامي بواجبي المهني والوطني والإنساني بالدفاع عن معتقلي الرأي والضمير مثل النائبين محمد مأمون الحمصي ورياض سيف وبقية معتقلي الرأي ومنهم الدكتور عارف دليلة والتي من المؤكد أن مجلس الفرع الموقر لا يستسيغ أن يقوم محام بالدفاع عنهم وذلك بسبب الموقف السياسي لمجلس الفرع الذي يخضع لتوجيهات القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي (حسب نص قانون تنظيم المهنة) قائد الدولة والمجتمع (حسب نص الدستور) والذي فرض الأحكام العرفية عام 1963 والتي نتجت عنها محكمة أمن الدولة الاستثنائية 1968 التي يدعي رئيسها عليّ بهذه الدعوى ..
إن جميع هذه القرارات صدرت بحقي لهذا السبب وإذا كان مجلس الفرع يعتبرها سببا جديدا لدعوى مسلكية فإنني اعتبرها أوسمة شرف في ملفي المهني والشخصي والوطني.
3 – اعتمد مجلس الفرع الموقر بتحريك الدعوى المسلكية بحقي على كتاب لرئيس محكمة أمن الدولة لا يوجد فيه أي واقعة أو مخالفة مسلكية أو دليل على قيامي بأي عمل يخالف آداب المهنة ولم يقم مجلس الفرع الموقر باستدعاء رئيس المحكمة المدعي للإدلاء بإفادته حول الواقعة التي حصلت وماهو العمل الذي قمت به مخالف لأصول المهنة وهذا أبسط الأمور القانونية المتوجبة على محكمة (نزيهة محايدة) .. أن تقوم به للتأكد من المخالفة المنسوبة. ولكن مجلس الفرع لم يقم بواجبه بالتأكد ومعرفة ماهية المخالفة المرتكبة ولم يكتف بذلك فإنه أسبغ على كتاب (المدعي) صفة لا يحملها وهي إعطاؤه صفة الكتب الرسمية التي لا يجوز الطعن بها إلا بالتزوير ولا أدري من أين جاء مجلس الفرع الموقر بهذه الصفة على كتاب (المدعي) رئيس محكمة أمن الدولة ..
وبغض النظر أن الكتاب المذكور لا يحمل أي واقعة سوى اتهام مرسل باطل دون أي شرح أو دليل أو إثبات فإنه صادر عن جهة غير قانونية وغير دستورية .. فمن وجهة النظر القانونية والدستورية، وكما أكد الأستاذ المرحوم نصرت منلا حيدر رئيس المحكمة الدستورية العليا في مقال نشرته مجلة المحامون الصادر عن نقابة المحامين، فإن محكمة أمن الدولة العليا هي محكمة غير دستورية سقطت بإصدار الدستور عام 1973 وانتهت مهماتها ولا محل أو وجود لها في قانون السلطة القضائية وتوزيع المحاكم مما يجعل الكتاب الصادر عنها لا يحمل الصفة القانونية الدستورية ويجعله جديرا بالإهمال أولا بالإضافة إلا انه وإن اعتبره مجلس الفرع الموقر كتابا رسميا فإنه لا يندرج تحت بند الوثائق الرسمية التي عددها القانون حصرا والتي منع الطعن بها إلا بالتزوير فكيف كيّف مجلس الفرع الموقر هذا الكتاب وكيف تم تحريك الدعوى العامة بموجبه وكيف تم إهمال الدستور والقانون .. (الله أعلم .. قانونا) ..
4 – كان من المفترض بمجلس فرع دمشق الموقر لنقابة المحامين وهو الجهة المفترض بها أن تدافع عن أعضائها وتحمي دورهم أن يكون موقفها معاكسا تماما لما قامت به .. وكان بالمفروض على مجلس فرع نقابة المحامين بدمشق وقد علم بالجريمة التي جرت بحق أحد المحامين في محكمة أمن الدولة العليا أن يتبنى الدفاع عني بل من المتوجب أن يتخذ قرارا بوقف المرافعات أمام هذه المحكمة ومقاطعتها وتوجيه المحامين بذلك ليس فقط احتجاجا على الجريمة التي ارتكبت بحقي من قبل هيئتها بل لأنها هيئة غير دستورية وغير قانونية واستثنائية لا تخضع لقانون السلطة القضائية ولا لوزارة العدل ناتجة عن إعلان حالة الطوارئ والتي من المتوجب على نقابة المحامين وهي التي تحمل لواء الحق والعدالة أن تكون أول المطالبين بإلغائها وإلغاء كافة المحاكمة الاستثنائية وإعادة الاختصاص للقضاء العادي ليقوم المحامي بدوره بشكل صحيح ويسيطر مبدأ سيادة القانون وسيادة العدالة والتي هي من أوليات أهداف النقابة. ولكن مجلس الفرع عكس دوره ووقف بالجهة المعاكسة ولبس ثوب المعيق والكابح والمعرقل لمهنة المحاماة وسيادة القانون ومدافعا عن القوانين الاستثنائية والمحاكم الاستثنائية بقرارات استثنائية ..
كان ينقض القرار المطعون فيه فعلا أن يحكم للمدعي (رئيس محكمة أمن الدولة العليا) بتعويض عن الضرر الذي يمكن أن أكون قد سببته له، فبالطريقة التي عالج بها مجلس الفرع الموقر الدعوى فإن هذه النتيجة تكون منطقية ومتناسبة مع حيثيات القرار.
– حيث أن القرار المطعون فيه باطل ومعدوم ومستوجب الفسخ للأسباب التي ذكرتها.
– وحيث أنني قمت بواجبي المهني كمحامي والوطني والإنساني بالدفاع عن موكلي الدكتور عارف دليلة وبقية معتقلي الرأي.
– وحيث أن ما قمت به هو عمل يشرفني ولا أتبرأ منه.
– وحيث أن القرار المطعون فيه قد خرج بمجلس فرع نقابة المحامين بدمشق الموقر عن دوره وأهدافه المهنية والوطنية مما يجعله مستوجبا الفسخ.
لذلك ألتمس عدلاً:
1 – قبول الطعن شكلاً.
2 – قبوله موضوعا وفسخ القرار المطعون فيه إعلان عدم مسؤوليتي.
مع تقديم الاحترام اللائق ..
المحامي أنور البني