جريدة النهار اللبنانية نقلا عن منظمة العفو الدولية: أوضاع حقوق الإنسان في سورية لعام 2000
مصدر الخبر : http://www.annaharonline.com/htd/wasakat.htm
“النهار”
الخميس 31 أيار 2001
سورية :
أفرج خلال عام 2000 عن مئات السجناء السياسيين، بينهم سجناء رأي، و أطلق معظمهم بموجب عفو رئاسي صدر في تشرين الثاني. وخفّت حدة القيود على حرية التعبير الى حد ما. وقُبض على عشرات الأشخاص لأسباب سياسية. وظل مئات السجناء السياسيين، بينهم سجناء رأي، محتجزين من دون محاكمة، أو يمضون أحكاما بالسجن مدداً طويلة صدرت عليهم بعد محاكمات جائرة من محكمة أمن الدولة العليا. وتوفي في الحجز معتقل سياسي واحد، على الأقل، وظل عشرات المعتقلين المرضى محتجزين في أوضاع قاسية ولاإنسانية. كما ظل مصير مئات الأشخاص الذي اختفوا في أواخر السبعينات والثمانينات طي المجهول. ووردت أنباء عن تعذيب المعتقلين السياسيين وإساءة معاملتهم.
المدافعون عن حقوق الإنسان
خفّت القيود المفروضة على “لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان في سوريا” خلال عام ،2000 فسُمح لها بعقد اجتماع عام حضره أعضاء اللجان وغيرهم من نشطاء حقوق الإنسان والمثقفين. (وفي تطور ذي صلة بالموضوع، رُفعت القيود المفروضة على حرية تنقل اكثم نعيسة، سجين الرأي السابق). وخلال عام ،2000 أُطلق أربعة من أعضاء لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، كانوا احتُجزوا لاشتراكهم في توزيع منشور للجان بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مع أن سجين الرأي نزار نيوف ظل معتقلاً. أما السجناء الأربعة الذين أُطلقوا، فهم عفيف مزهر ومحمد علي حبيب وبسام الشيخ وثابت مراد.
– ظل المدافع عن حقوق الإنسان، نزار نيوف، محتجزاً رغم سوء حالته الصحية، بعد نقله إلى سجن صيدنايا عقب إغلاق سجن المزة. وكان حُكم عليه بالسجن 10 سنوات لعلاقته بلجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، واحتُجز في حبس انفرادي. وكان نزار نيوف يعاني، من جملة أمراض أخرى، مرضاً في أسفل عموده الفقري نتيجة للتعذيب في ما يبدو، وضعف في الرجلين إلى حد لم يكن يستطيع معه السير من دون مساعدة، وتدهور في البصر.
استمرت خلال عام 2000 عمليات متفرقة للقبض على الأشخاص واحتجازهم، وذلك لاسباب سياسية. وكان بين المعتقلين أشخاص من منتقدي الحكومة، ومواطنو دول عربية مجاورة.
ووردت أنباء عن توقيف واحتجاز طالبي اللجوء الذين أُعيدوا قسراً إلى سوريا، بينهم حسين داود، الذي أعيد قسراً إلى سوريا من ألمانيا برفقة الشرطة الألمانية. وورد انه قُبض عليه في كانون الأول في مطار دمشق، ونُقل إلى “فرع فلسطين” حيث كان محتجزاً هناك في نهاية العام. ويُعتقد أن اعتقاله مرتبط بعلاقته بحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا.
وكُشف النقاب عن اعتقال ما لا يقل عن خمسة جنود لبنانيين عام 1999 ونقلهم من لبنان إلى سوريا، بينهم العريف نمر النداف وفؤاد عساكر. وقد احتُجز هؤلاء بمعزل عن العالم الخارجي في مراكز اعتقال مختلفة، منها “فرع فلسطين” و”فرع التحقيق العسكري” حيث كان التعذيب وإساءة المعاملة ممارسة اعتيادية.
ووردت أنباء عن مضايقة وترهيب سجناء الرأي السابقين الذين أُطلق سراحهم خلال العام، وكذلك أفراد عائلات السوريين المنفيين.
– في حزيران قُبض على رعد وشيل محمد الشمري، وهو عراقي الجنسية (42 عاماً) بمعزل عن العالم الخارجي في أحد مراكز الاعتقال بدمشق. ويبدو أن رعد وشيل محمد الشمري، وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، اعتُقل لاسباب سياسية محضة، وثمة مخاوف من ان يكون تعرض للتعذيب. وكان في السابق اعتُقل سنوات عدة في العراق لعلاقته بالحزب الشيوعي العراقي المحظور.
– استُدعي أقارب سجين رأي سابق كان طلب اللجوء في الخارج إلى دائرة الأمن السياسي مراراً لاستجوابهم بشأن مكان وجوده. وكان أفراد عائلته، بمن فيهم زوجته وأطفاله، يُحتجزون ساعات طويلة في مكتب الأمن يومياً تقريباً، ويتعرضون للإهانات والشتائم والضرب. وقبل ان يتمكن من الفرار، كان سجين الرأي السابق هذا يستدعى بانتظام إلى الدائرة نفسها ويتعرض للتعذيب وسوء المعاملة.
العفو الرئاسي
أُطلق مئات السجناء السياسيين، بينهم سجناء رأي، في تشرين الثاني اثر عفو أصدره الرئيس بشار الأسد في الذكرى الثلاثين للانقلاب العسكري الذي حمل الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم عام .1970 وقد استفاد من العفو أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفون معهم. وكانوا محتجزين معظم الوقت بمعزل عن العالم الخارجي في سجن تدمر. وظل بعضهم محتجزاً من دون محاكمة من عام .1979 ومن بين مجموع السجناء الذين أُفرج عنهم، والبالغ عددهم زهاء 600 سجين وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية، كان اكثر من 400 شخص محتجزين في سجن تدمر.
ومن بين المفرج عنهم عشرات من سجناء الرأي، كان معظمهم معتقلين لعلاقتهم بحزب العمل الشيوعي المحظور، والحزب الشيوعي – المكتب السياسي. وكان جميع سجناء الرأي هؤلاء حُكم عليهم بالسجن مدداً تصل إلى 15 سنة، بعد محاكمات جائرة أمام محكمة أمن الدولة العليا، ومنهم فرج أحمد بيرقدار وجريس يوسف التلي ونعمان علي عبده وعمر الحايك.
وأدى العفو الرئاسي كذلك إلى إطلاق 46 معتقلاً سياسياً لبنانياً، كان بعضهم في السجن منذ الثمانينات.
استمر نمط الإفراج عن السجناء السياسيين، بينهم سجناء رأي، بعد انتهاء مدة الأحكام الصادرة عليهم أو بعد اعتقال طويل الأجل دون محاكمة. وكان بين سجناء الرأي الذين أُفرج عنهم الفاتح جاموس وأصلان عبد الكريم، وكلاهما من قادة حزب العمل الشيوعي، اللذين ظلا محتجزين بعد انتهاء مدة الأحكام الصادرة عليها البالغة 15 عاماً. كما أُطلق سراح أكثر من 20 سجيناً سياسياً أردنياً وفلسطينياً.
سجناء الرأي
مع أن عدد سجناء الرأي انخفض في شكل كبير عام 2000 نتيجة حالات الإفراج، فقد ظل عشرات منهم في الحجز، وكان بعضهم يمضي أحكاماً بالسجن مدداً طويلة صدرت عن محكمة أمن الدولة العليا بعد محاكمات جائرة. وكان بينهم تسعة من أعضاء حزب العمل الشيوعي يقضون أحكاماً بالسجن تصل إلى 22 سنة، وعشرات من سجناء الرأي أو سجناء الرأي المحتملين المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي منذ أواخر السبعينات لعلاقتهم بتنظيم الإخوان المسلمين، وظل مصيرهم مجهولاً، وأُطلق جميع سجناء الرأي المنتمين إلى الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي، الذين كانوا قد حُكم عليهم بالسجن مدداً تصل إلى 15 سنة.
– في شباط 1992 قبض أفراد المخابرات العسكرية على عبد العزيز الخير لعلاقته بحزب العمل الشيوعي، إلى جانب 12 عضواً قيادياً في الحزب. وورد انهم جميعاً تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال المرحلة الأولى من الاعتقال. وفي آب ،1995 حكمت عليه محكمة أمن الدولة العليا بالسجن 22 عاماً بعد محاكمة جائرة. وحُكم على عبد العزيز الخير مع بهجت شعبو وعباس محمود عباس، ومحمد حسن معمار وعدنان محفوظ، الذين ظلوا في السجن كذلك يقضون أحكاماً بالسجن تصل إلى 17 عاماً.
ظل الغموض يكتنف حالات المئات من الأشخاص، بينهم من يشتبه انهم أعضاء في جماعة الأخوان المسلمين ومواطنون لبنانيون، اختفوا في أواخر السبعينات والثمانينات. ورغم إطلاق 46 سجيناً سياسياً لبنانياً، فان مصير عشرات آخرين ظل مجهولاً. وكان بين هؤلاء جنود لبنانيون يُعتقد انهم نقلوا إلى سوريا في تشرين الأول ،1990 بعد اشتباكات مسلحة بين القوات السورية والقوات الموالية لقائد الجيش اللبناني الأسبق ميشال عون.
– فقد اختفت خديجة يحيى بخاري، وهي مغنية لبنانية، بعد القبض عليها في سوريا في 29 نيسان ،1992 و أبلغت السلطات منظمة العفو الدولية خلال العام 2000 انه حُكم عليها بالإعدام، ونُفذ فيها الحكم في 2 كانون الأول .1992 ولم تبلغ السلطات عائلتها بإعدامها، كما أنها لم تسلمها جثتها. وذكرت السلطات أنها أُعدمت بتهمة التجسس لمصلحة المخابرات الإسرائيلية في قبرص، وتجنيد ضابط سوري للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية. أما الضابط السوري، وهو زوجها بحسب معلومات منظمة العفو الدولية، فقد حُكم عليه بالإعدام كذلك ونُفذ فيه الحكم. ولم تفصح السلطات عن اسمه أو عن تاريخ إعدامه.
السجناء السياسيون
ظل في السجن مئات السجناء السياسيين المحتجزين منذ أمد طويل، بينهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين والمنظمة الشيوعية العربية وحزب البعث الديموقراطي، وذلك منذ إلقاء القبض عليهم في السبعينات والثمانينات. وقد احتُجز العديد منهم بمعزل عن العالم الخارجي من دون محاكمة، بينما يمضي آخرون أحكاماً بالسجن مدداً طويلة صدرت عليهم بعد محاكمات جائرة. وأشارت الأنباء إلى أن أعضاء المنظمة الشيوعية العربية، بشكل خاص، قد تعرضوا لمعاملة قاسية أثناء احتجازهم في سجن صيدنايا. وقيل انهم يعانون مشكلات صحية وعقلية خطيرة. وكان بينهم هيثم نعال، وهو طالب جامعي في كلية الحقوق قُبض عليه عام ،1975 وغياث شيما، وهو طالب جامعي في كلية العلوم، وفارس مراد.
وظل عشرات الأشخاص، بينهم نساء احُتجزن رهائن في أوائل الثمانينات وفي الأعوام الأخيرة بدلاً من أقربائهم المشتبه في انتمائهم إلى الإخوان المسلمين، محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي في سجن تدمر وغيره من مراكز الاعتقال.
– في 22 أيار ،1998 قبضت قوات الأمن السورية على مدحت منير طيفور، وهو مراقب عمال (46 عاماً) في درعا على الحدود السورية – الأردنية رغم حصوله على إذن من السفارة السورية في الأردن لزيارة عائلته. ومدحت منير طيفور، وهو متزوج وله خمسة أطفال، شقيق لأحد قادة الأخوان المسلمين، وقد احتُجز، منذ القبض عليه بمعزل عن العالم الخارجي في فرع التحقيق العسكري بدمشق، على ما يبدو. وثمة قلق عميق على مصيره ومخاوف أن يكون قد تعرض للتعذيب لانتزاع معلومات عن شقيقه.
التعذيب/سوء المعاملة
وردت أنباء أقل عن التعذيب خلال عام ،2000 ولكن الآلية التي تسمح بممارسته ظلت على حالها، ولم تُجر، على ما يبدو، أي تحقيقات في المزاعم السابقة المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة. واستمر تعذيب السجناء السياسيين وإساءة معاملتهم في شكل منظم في سجن تدمر وغيره من مراكز الاعتقال. ومنها “فرع فلسطين” وفرع التحقيق العسكري في دمشق وغيرها من المراكز التي يديرها الأمن السياسي.
– وورد أن سجيناً احتُجز سبعة أيام في كانون الأول بدلاً من قريبه المنفي، قد تعرض للتعذيب بالأسلوب المعروف باسم “الدولاب” والضرب بالعصي والأسلاك أثناء تعليقه بإطار معلق.
وبحسب الأنباء التي وردت إلى منظمة العفو الدولية من سجن تدمر استمرت ممارسة التعذيب وإساءة المعاملة روتينياً، وان كانت اقل حدة. وورد آن السجناء السياسيين، بمن فيهم المرضى، احتُجزوا في حبس انفرادي في زنازين تحت الأرض، وانهم تعرضوا للضرب بأسلوب “الفلقة” والركل المتكرر وخصوصاً على الظهر والأرداف، مما أدى إلى كسور في الفقرات، ورغم أن السجناء السياسيين كانوا يؤمرون بضرب زملائهم المساجين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الحزب السياسي نفسه، وورد أن السجناء السياسيين الذين رفضوا تنفيذ الأوامر تعرضوا للتعذيب.
توفي في الحجز سجين سياسي واحد على الأقل.
– ففي شباط، توفي عطية دياب عطية في سجن تدمر نتيجة للتعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى المرض، على ما يبدو. وكان عطية دياب عطية قُبض عليه في لبنان في عام 1989 لعلاقته بحركة فتح، ثم نُقل إلى سوريا.
ما زالت عقوبة الإعدام بنصّ القانون بالنسبة إلى طائفة عريضة من الجرائم، إلا انه لم تتوافر معلومات بشأن أحكام الإعدام وتنفيذها خلال عام .2000
أرسلت منظمة العفو الدولية عدة رسائل إلى السلطات السورية. ومن القضايا التي أثارتها حالات الاعتقال التعسفي. وقد ردّت السلطات، وتناولت في ردّها بعض بواعث قلق المنظمة.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
2/6/2001