عشرون عاماً مرت على يوم السابع والعشرين من حزيران/يونيو 1980 عندما حُصدت أرواح إنسانية بريئة على أيدي من يفترض بها القيام بحمايتهم وإنصافهم.
عشرون عاماً مرت على سجن تدمر الذي شهد تلك المجزرة الرهيبة. في فجر ذلك اليوم الأسود من تاريخ سورية الحديث الذي استحل فيه حكام البلد دم ثلة مختارة من أبناء الشعب السوري، ساسة وأدباء وعلماء وشعراء ومفكرين وأطباء ومهندسين وعمالاً وفلاحين وأطفالاً وشيوخاً.
عشرون عاماً مرت ولم يرشح عن تفاصيل هذه المجزرة الرهيبة إلا خطوطها العريضة وأسماء الآمرين وبعض المنفذين، أما أسماء الضحايا فما زالت مطوية في سجلات القتلة -إن كان ثمة سجلات لديهم- على الرغم من تباعد الزمان
لقد آن لهذه الجناية التاريخية أن تنكشف فصولها ويعرف الجناة وما اقترفت أيديهم الملطخة بدم الأبرياء ، كما آن الأوان ليعرف الشعب السوري أسماء الضحايا وجريرتهم التي أخذوا بها على هذا النحو الهمجي الذي لم يعهد له مثيل في التاريخ الحديث.
لقد حاولت السلطات الحاكمة في سورية أن تسدل ستاراً من الكتمان الكثيف على مجزرة سجن تدمر المروعة، على الرغم من تسرب أخبار قليلة عنها، لكن سرعان ما انكشف ذلك الستار عندما اعتقل جهاز الأمن الأردني مجموعة من العناصر المسلحة الذين أرسلتهم السلطات السورية لاغتيال رئيس وزراء الأردن الأسبق مضر بدران، وتبين أثناء التحقيق معهم أن عنصرين منهم شاركا فعلاً في مجزرة سجن تدمر، واعترفا بتفاصيل المذبحة، التي تابعها الشعب السوري والعالم عبر التلفزيون الأردني، ونشرتها صحف الأردن وضمت إلى وثائقه الرسمية :
يذكر أن الرئيس حافظ الأسد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة يوم السادس والعشرين من شهر تموز/يونيو 1980 من قبل أحد عناصر حرسه الجمهوري الخاص، فحمل المسئولية مباشرة لجماعة الإخوان المسلمين ، وبأمر صريح من رفعت الأسد شقيق حافظ ورئيس سرايا الدفاع جرى رد فعل انتقامي استهدف نزلاء سجن تدمر، الذين اعتقلتهم السلطات الأمنية في سورية من كل المدن والمناطق السورية. وأحالتهم إلى سجن تدمر الصحراوي في بادية الشام شرقي سورية. كان معظم السجناء من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومن أنصار التيار الإسلامي الذي أبدى معارضته للسياسة القمعية والديكتاتورية والطائفية لنظام الحكم في سورية. وفي فجر اليوم التالي السابع والعشرين من شهر تموز/يونيو 1980 قام حوالي 200 عنصراً من اللواء 40 واللواء 138 من مرتبات سرايا الدفاع التابعة مباشرة لرفعت الأسد بالانتقال بالطائرات المروحية من مناطق تمركزهم قرب دمشق إلى تدمر، حيث أقدموا على فتح النار على السجناء، وهم في زنزاناتهم ، غير مدركين لما يدبر لهم ، ورموهم بالقنابل والمتفجرات حتى ماتوا عن آخرهم خلال نصف ساعة من الزمن. ثم قامت شاحنات كبيرة بنقل جثثهم ، ورمتها في حفر أعدتها مسبقاً لرمي الجثث فيها في وادِ شرقي بلدة تدمر. عاد العناصر المنفذون إلى قواعدهم في دمشق ، واستقبلهم الرائد معين ناصيف صهر رفعت الأسد وهنأهم على إبادة الأبرياء ، ووزع على كل واحد منهم مكافأة مالية .
اطلع العالم وكتبت منظمات حقوق الإنسان عن هذه المجزرة الرهيبة التي اقترفها النظام الحاكم في سورية بحق مواطنين اعتقلوا لانتمائهم لمعارضة سياسية أو بسبب آرائهم ، وبعضهم كانوا رهائن عن أقربائهم، لم يدن أحد منهم بجريمة، واطلعت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، التي انعقدت في جنيف في دورتها السابعة والثلاثين على وقائع مجزرة تدمر، خلال مناقشتها للبند 13 من جدول الأعمال الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم، ووزعت على اللجنة الوثيقة رقم (E/CN/4/1469) تاريخ 4/3/1981 التي تضم إفادات المشاركين في مجزرة تدمر، وهما عيسى إبراهيم الفياض وأكرم بيشاني. وناقشت اللجنة بجلستها رقم 1632 تاريخ 9/3/1981 مضمون المذكرة وشارك في النقاش مندوبو الأردن والعراق وسورية.
الوصف القانوني لمجزرة تدمر:
إن وقائع مجزرة سجن تدمر، كما وردت في إفادات بعض من شارك في تنفيذها، تتعدى حدود جرائم القتل العمد المعاقب عليها بموجب قانون العقوبات السوري، حيث يعتبر الآمرون بها وكل منفذيها مسؤولين جنائياً عن هذه المجزرة.
إن هذه المجزرة تثير مسألة قانونية دولية هامة، وهي التكييف القانوني الدولي لتلك المجزرة، والمسؤولية الجزائية الدولية لمرتكبيها.
و بتشخيص الوقائع كما وردت في إفادات المشاركين في المجزرة يتبين التالي:
1- إن الأمر بارتكاب المجزرة صدر عن رفعت الأسد، بناء على توجيه من حافظ الأسد، ووضعت التفاصيل التنفيذية بواسطة الرائد معين ناصيف، بينما أشرف على التنفيذ المقدم سليمان مصطفى، وشارك في تنفيذ الجريمة 80 عنصراً من سرايا الدفاع.
2- إن الغاية من المجزرة هي الإبادة الجماعية للمعتقلين السياسيين في سجن تدمر يوم 27/6/1980.
3- إن المعتقلين الذين كانوا ضحية الإبادة الجماعية، يختلفون عن الآمرين والمنفذين للمجزرة من ناحيتين:
الأولى: سياسية باعتبارهم من الفئات المعارضة لنظام الحكم في سورية.
الثانية: مذهبية وطائفية: كون المعتقلين لا ينتمون إلى المذهب الطائفي الذي يدين به جميع الآمرين والمنفذين للمجزرة ، وهذا ما أكد عليه المشاركون في المجزرة الذين أدلوا بشهاداتهم من التلفزيون الأردني بتاريخ 25/2/1981.
وعلى ضوء هذه الوقائع، نشير إلى النقاط القانونية والدولية التالية:
1- إن حق الحياة يعتبر جوهر حقوق الإنسان الأساسية، وإن خرق هذا الحق لا يعتبر انتهاكاً خطيراً وفاضحاً لحقوق الإنسان فحسب، وإنما جريمة يعاقب عليها.
2- إن انتهاك حق الإنسان في الحياة، عندما يتخذ شكل سياسة منهجية من الدولة، وبأمر من المسئولين فيها، بغية إبادة أو إفناء مجموعة من المواطنين، لبواعث سياسية، أو طائفية، أو كلتيهما معاً، يعبر في هذه الحالة عن شكل من أشكال جريمة إبادة الجنس البشري الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول 1948.
3- لقد استقر الاجتهاد الدولي من خلال تقنين قواعد المسئولية الدولية على أن الخرق الخطير على نطاق واسع لالتزام دولي ذي أهمية جوهرية للمحافظة على الكائن الإنساني كتلك الالتزامات التي تحظر الاستعباد أو الإبادة الجماعية أو التمييز العنصري، يشكل جريمة دولية (الفقرة جـ من المادة 18 من مشروع لجنة الصياغة المعتمدة من قبل لجنة القانون الدولي في عام 1976 بجلستيها رقم 1402 و 1403)
4- ويبدو من مناقشات لجنة القانون الدولي أن تعبير (على نطاق واسع) لا يقصد منه أن ركن الجريمة الدولية متوقف على عدد الأشخاص، وإنما على إرادة الدولة، بانتهاج سياسة مخالفة للكرامة الإنسانية. كما أن تعبير (الكائن الإنساني) لا يعني المحافظة على حياة الإنسان فقط، وإنما الحفاظ على كرامة الشخص الإنساني أيضاً.
وبناء على ما تقدم ومن وقائع مجزرة سجن تدمر ، ومقارنتها بالنقاط القانونية المشار إليها، يمكن تكييف مجزرة سجن تدمر، بالإضافة لكونها تشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان في العالم أجمع، وجناية قتل عمد في التشريع الداخلي السوري، فإنها على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان، تعتبر جريمة دولية لا تتقادم.
وهذا التكييف الدولي يظهر سواء في الاتفاقية الدولية لمنع ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري، أو قواعد المسئولية الدولية.
أولاً: جريمة مجزرة تدمر وفقاً لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري:
تنص المادة الثانية من هذه الاتفاقية – التي انضمت إليها سورية- على أنه يقصد بإبادة الجنس البشري أي فعل من الأفعال التالية التي ترتكب بقصد القضاء – جزئياً أو كلياً – على جماعة بشرية، بالنظر إلى صفتها القومية أو الاثنية أو العرقية أو الدينية.
1- قتل أعضاء المجموعة
2- الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانياً أو نفسياً.
كما تقضي المادة الثالثة بالمعاقبة على أفعال إبادة الجنس البشري ، والاتفاق بقصد ارتكاب هذه الجريمة ، والتحريض عليها ، والشروع في ارتكابها، والاشتراك فيها.
كما نصت المادة الرابعة على معاقبة كل من يرتكب جريمة إبادة الجنس، أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة الثالثة، سواء أكان الجاني من الحكام أو الموظفين أو الأفراد.
وإن مطابقة وقائع مجزرة سجن تدمر على الاتفاقية المذكورة تثير ثلاث نقاط تجب مناقشتها:
أ- ما المقصود بالقضاء الجزئي على المجموعة البشرية؟ وهل هناك حد لعدد الأشخاص؟
ب- ما المقصود بالمجموعة الدينية؟ وهل تشمل المذاهب ضمن الدين الواحد؟
ج- ما مظاهر النية الجرمية في جريمة إبادة الجنس البشري؟
أ- ما المقصود بالقضاء الجزئي على المجموعة البشرية؟ وهل هناك حد لعدد الأشخاص؟
تشير الأعمال التحضيرية للمادة الثانية من الاتفاقية أن تعبير (القضاء جزئياً وكلياً) كان قد اقترح خلال صياغة الاتفاقية في اللجنة السادسة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ، بغية التأكيد على أن جريمة إبادة الجنس البشري تتوافر أركانها بمجرد نية القضاء على أي نفر من المجموعة البشرية مهما صغر عدده. (تراجع الفقرة 50 من الدراسة المعنونة “مسألة معاقبة جريمة إبادة الجنس البشري E/CN/4 Sub/2/416 المقدمة من المقرر الخاص “نيكودوم راونشيشو” لدى اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، بتاريخ 4/7/1978) أي أن شروط الاتفاقية لم تشترط أي حد عددي من الأشخاص المنتمين للمجموعة البشرية ضحية الجريمة.
وإذا علمنا أن عدد المغدورين في سجن تدمر يزيد على 700 معتقل (ذكرت مصادر مطلعة أن العدد يصل إلى 1183) وهم يشكلون جميع المعتقلين في السجن ومن مختلف المذاهب السياسية والمذهبية التي تختلف عن تلك التي يدين بها الآمرون والمنفذون للمجزرة، آخذين مع العلم أن مجزرة سجن تدمر ليست سوى حلقة في سلسلة مجازر ارتكبتها السلطات السورية الحاكمة ولنفس الغاية، جزمنا بأن هذه الأعمال تستهدف القضاء على المجموعة التي تنتمي إليها ضحايا هذه المجازر، مهما كانت درجات هذه الإبادة.
ب-ما هو المقصود بالمجموعة الدينية ؟ وهل تشمل المذاهب ضمن الدين الواحد؟
من المتفق عليه في جميع النصوص الدولية التي تعالج التمييز المبني على الدين، أن المقصود بالدين، ليس فقط الأديان بمفهومها الحصري ، وإنما تنصرف إلى المعتقدات والمذاهب ضمن الدين الواحد أيضاً (على سبيل المثال، مشروع إعلان إزالة التعصب المبني على التمييز الديني المعتمد من لجنة حقوق الإنسان في دورتها السابعة والثلاثين آذار/مارس 1981).
وإن شعوب أوروبا عانت من هذا التمييز كثيراً، كالتفرقة بين الكاثوليك والبروتستانت وغيرهما من المذاهب. لذلك بات مجمعاً عليه، بأنه حيثما وردت كلمة دين أو مجموعة دينية، فإنها تشمل كل طائفة ومذهب يتفق أفراده على مثل روحية معينة. (تراجع الفقرتان 77 و 78 من الدراسة المشار إليها آنفاً)
وإذا كانت السوابق التاريخية في جرائم إبادة الجنس البشري قد تركزت على الأقليات الدينية أو المذهبية، فإن الوضع في سورية-خلافاً للقاعدة- ليس إلا سيطرة أقلية مهيمنة على السلطة، ونخص بالذكر السلطة الفعلية التي تمسك بزمام الأمور في البلاد.
وتمارس هذه الأقلية منذ أكثر من عشر سنوات – قبل مجزرة سجن تدمر- تمييزاً طائفياً ضد كل من لا ينتمي إلى المذهب الذي تدين به هذه الأقلية إلى أن وصل الأمر إلى حد المباشرة بأعمال الإبادة الجماعية في كل من حلب وحماة وجسر الشغور وسرمدا وتدمر وغيرها.
لذلك فإن المادة الثانية من الاتفاقية حول المجموعة الدينية تنطبق على المذاهب والمعتقدات داخل الدين الواحد ، ولا تقتصر ضحايا جريمة إبادة الجنس على الأقلية الدينية فقط ، وإنما قد توجد أقلية مهيمنة على السلطة، وتمارس أعمال الإبادة الجماعية بحق الأكثرية، كما هو حال الفئة الحاكمة فعلياً في سورية.
ج- ما مظاهر النية الجرمية في جريمة إبادة الجنس البشري ؟
إن نص المادة الثانية من الاتفاقية (يقصد بإبادة الجنس البشري أي فعل من الأفعال التي يقصد جزئياً أو كلياً على جماعة..) يربط بين النية الجرمية والقصد الجنائي ، وتعتبر النية الجرمية متحققة بمجرد ظهور القصد أي إبادة مجموعة بشرية محددة، وهذا ما يميز جريمة (إبادة الجنس البشري) عن غيرها من جرائم القتل العادية.
(تراجع لطفاً الفقرتان 96-106 من الدراسة المشار إليها في البند 1) ..
وبناء على ذلك ، وإذا ربطنا وقائع مجزرة تدمر بما سبقها وما تلاها ، نرى بوضوح، تحقق النية والقصد الجرميين في تصرفات وتصريحات المسئولين في سورية.
وعلى سبيل المثال :
1- تزايد المجازر الجماعية في كثير من المحافظات السورية، وضد المواطنين الذين لا ينتمون إلى المذهب الذي تدين به السلطة الحاكمة فعلياً في سورية، والتي تمارس هذه المجازر فعلاً عبر قنوات مختارة من نفس الفئة . وهذه المجازر هي:
أ- مجزرة جسر الشغور بتاريخ 10/3/1980
ب- مجزرة سجن تدمر 27/6/1980
ج- مجزرة سوق الأحد بحلب بتاريخ 13/7/1980
د- مجزرة سرمدا بتاريخ 25/7/1980
هـ- مجزرة هنانو بحلب بتاريخ 11/8/1980
و- مجازر عدة بحماة وبتواريخ مختلفة كان آخرها مجزرة حماة المشهورة التي بدأت بتاريخ 2/2/1982
ز- مجزرة ساحة العباسيين في دمشق بتاريخ 18/8/1980
2- كتب رفعت أسد مقالاً في جريدة تشرين الرسمية بتاريخ 31/7/1980 قال فيه: “نشن مائة حرب حتى نقضي عليهم، وإننا نعرف أماكنهم في سورية داخلياً وعربياً ودولياً”
3- ذكرت جريدة تشرين الصادرة في 29/8/1980 أن أي جندي أو مواطن سوري يقتل أحد عناصر (الإخوان المسلمين) سيحصل على مكافأة .. وهذه الدعوة بالإضافة إلى أنها تحريض على القتل، وإثارة للفتنة الطائفية، فإنها تدخل في منطوق الفقرة الثالثة التي تعاقب على التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جرائم إبادة الجنس. هذا إذا علمنا بأن التنفيذ العملي لهذا التحريض لن يقتصر على الإخوان المسلمين ، وإنما على كل معارض لنظام الحكم في سورية.
4- أما القانون 49 لعام 1980 (أقر في 6/7/1980) الذي يقضي بإعدام كل منتسب للإخوان المسلمين، فيمثل في المقام الأول تثبيت قانونية جرائم إبادة الجنس التي تمارسها السلطة الحاكمة في سورية، وفي المقام الآخر كان يراد منه أن يمثل غطاء قانونياً لعملية الإبادة في سجن تدمر التي جرت قبل استصدار هذا القانون، إذ نصت المادة الخامسة منه على أنه (لا يستفيد من التخفيض والعفو الواردين في هذا القانون الذين هم قيد التوقيف والمحاكمة) على الرغم من مخالفة هذه المادة للمادة 30 من الدستور السوري النافذ لعام 1973 التي تنص بأنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يمكن أن يكون لها أثر رجعي .
إن جميع ما تقدم يثبت القصد الجرمي الطائفي من أعمال السلطة الحاكمة في سورية، ويمكن أن نخلص إلى القول: بأن عناصر جرم إبادة الجنس البشري متوافرة جميعها في المجازر التي ترتكبها عناصر سرايا الدفاع والوحدات الخاصة وغيرهما بأمر وتوجيه من حافظ الأسد وشقيقه رفعت.
وبالتالي فجميع الآمرين والمنفذين يعتبرون مجرمين دوليين عملاً بالمادتين: الأولى والرابعة من الاتفاقية.
ثانياً: مجزرة تدمر – جريمة دولية – وفقاً لقواعد المسؤولية الدولية
يعتبر الاجتهاد الدولي: الخرق الخطير لأي التزام دولي ذا أهمية جوهرية للمحافظة على الكائن الإنساني جريمة دولية (الفقرة جـ من المادة 18 من مشروع لجنة صياغة قواعد المسؤولية الدولية)..
وبعد هذا العرض لسياسة المجازر الجماعية والإبادة التي تمارسها السلطة الحاكمة في سورية ضد الفئات المعارضة، آخذين بعين الاعتبار التمييز الطائفي المرافق لهذه السياسة – من واجبنا التساؤل عما إذا كان المجتمع الدولي المعاصر قد صادف خرقاً خطيراً لالتزام المحافظة على الكائن الإنساني، أخطر من هذا الخرق المستمر والمنهجي الجاري في سورية.
وإذا كانت قواعد المسؤولية الدولية لم تنته صياغتها بعد من لجنة القانون الدولي ، فإن ذلك لا يعني عدم اعتبار هذه المجزرة بحكم الجريمة الدولية ، لأن القواعد التي تصوغها لجنة القانون الدولي ، لن تخلق هذه المسؤولية ، وإنما ستعلنها ، لأن هذه القواعد مستمدة من ميثاق الأمم المتحدة ، وبالتالي ، فإن هذه القواعد ذات صفة إعلانية، وليست إنشائية.
إن مجزرة تدمر ، وسلسلة المجازر التي ارتكبتها السلطات الحاكمة في سورية بحق الشعب السوري ، تدخل في هذا النطاق الجرمي الدولي ، ولا تخضع الجرائم التي ارتكبها المسؤولون للتقادم الجنائي ، عملاً بالاتفاقية الصادرة عن الأمم المتحدة في 16/1/1968.
المادة الثالثة من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري:
يعاقب على الأفعال التالية:
1- إبادة الجنس
2- الاتفاق بقصد إبادة الجنس
3- التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة إبادة الجنس
4- الشروع في ارتكاب جريمة إبادة الجنس
5- الاشتراك في جريمة إبادة الجنس
المادة الرابعة من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري:
يعاقب كل من يرتكب جريمة إبادة الجنس أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة الثالثة ، سواء أكانت من الحكام أو الموظفين أو من الأفراد.
وتوثيقاً لهذه الجريمة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث ، يرجى العودة إلى النص الحرفي لاعترافات المشاركين في مجزرة تدمر كما وردت في التحقيقات التي نشرت في الوثائق الأردنية في 25 شباط/فبراير 1981
موقف اللجنة السورية لحقوق الإنسان من مجزرة سجن تدمر بعد عشرين عاماً
آ- تطالب اللجنة السورية لحقوق السلطات الحاكمة في سورية بما يلي :
1- الإعلان عن أسماء ضحايا هذه المجزرة الفظيعة
2- الإعلان عن مكان دفن جثث الضحايا
3- إعلان أسماء كل المسؤولين عن هذه المجزرة والمتورطين فيها
4- تقديم كل مسؤول وكل متورط في هذه المجزرة الفظيعة إلى قضاء مستقل ليفصل فيها
5- السماح لمندوبين عن منظمات حقوق الإنسان وهيئات المجتمع العالمي بحضور وقائع محاكمات المسؤولين والمتورطين في هذه المجزرة.
6- تعويض أسر الضحايا مادياً ومعنوياً وأدبياً عن كل الخسائر التي لحقت بهم
7- الاعتذار إلى أسر الضحايا لكتمان مصير أحبائهم الذي نتج عنه آثار أسرية واجتماعية مدمرة
8- الاعتذار إلى الشعب السوري عن هذه المجزرة الفظيعة غير المسوغة
ب- وتتوجه اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وإلى كل المنظمات الإنسانية والحقوقية لممارسة الضغط الأدبي والمعنوي على السلطات السورية حتى تستجيب للمطالب العادلة في إزاحة الستار عن هذه المجزرة التي طال الصمت عليها، وحتى تفي السلطات الحاكمة في سورية بالطلبات المذكورة أعلاه.
ج- تناشد اللجنة السورية لحقوق الإنسان المنظمات الإنسانية والحقوقية ومنظمات المجتمع العالمي بمتابعة المسؤولين عن هذه المجزرة، الذين لا يقعون حالياً تحت سلطة القضاء السوري، وتقديمهم للمحاكمة بجريمة إبادة الجنس البشري.
أسماء بعض المشاركين في مجزرة سجن تدمر من المخططين والمنفذين
1- العقيد رفعت الأسد – قائد سرايا الدفاع – القرداحة / محافظة اللاذقية
2- المقدم علي ديب – قائد اللواء 138 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
3- الرائد معين ناصيف – قائد اللواء 40 من سرايا الدفاع
4- المقدم سليمان مصطفى – قائد أركان اللواء 138 من سرايا الدفاع- محافظة اللاذقية
5- الملازم الأول ياسر باكير – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حماة
6- الملازم منير درويش – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
7- الملازم رئيف عبد الله من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
8- الرقيب محمد عمار – من حراسة منزل معين ناصيف – محافظة اللاذقية
9- الرقيب علي موسى – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
10- الرقيب همام أحمد – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – جبلة
11- الرقيب نزيه بلول – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
12- الرقيب طلال محي الدين أحمد – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
13- الرقيب عيسى إبراهيم فياض – من حراسة منزل معين ناصيف – محافظة اللاذقية
14- العريف أكرم بيشاني – من حراسة منزل معين ناصيف – محافظة طرطوس
15- العريف إبراهيم يونس – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
16- العريف إبراهيم مكنا – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – منطقة جبلة
17- العريف طاهر زبادي – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
18- العريف علي صالحة – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – منطقة مصياف
9- العريف عبد الرحمن هدلان – من اللواء 40 من سرايا الدفاع
20- العريف ناصر عبد اللطيف – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة طرطوس
21- العريف غسان شحادة – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة اللاذقية
22- الرقيب بدر منصور من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
23- العريف حسين عيسى – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
24- العريف بشير قلو – من اللواء 40 من سرايا الدفاع – محافظة حمص
25- المقدم فيصل غانم – مدير سجن تدمر أثناء المجزرة.