نداء عاجل بخصوص تصاعد الحملة الأمنية على السوريين في تركيا
تصاعدت في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق الحملة الأمنية على السوريين المقيمين في تركيا، ولم تعد تفرق بعض أجهزة إنفاذ القانون المختلفة بين من لدية إقامة نظامية، وبين المخالف في مكان الإقامة المحددة له، وبين المقيم غير النظامي. وقامت بحملات تفتيش واعتقال أعداد كبيرة بصورة عشوائية وبقسوة، وعرضت وجوههم على شاشات القنوات الفضائية التركية بصورة مذلة، ورحلتهم مرغمين مكبلين إلى الشمال السوري الذي يعوزه الأمن والأمان، حيث لا مأوى ولا عمل، وفصل الأب عن زوجته وأبنائه بشكل غير قانوني ولاإنساني “مثل تسفير شاب هو المعيل الوحيد لعائلته، وعنده بطاقة الكيملك، لكنه نسيها في البيت، فتوسل لدورية الأمن أن يحضرها من بيته القريب، أو يسمحوا لأحد من أهله أن يأتي بها، فلم يجد أذنا صاغية، وتم تسفيره بغير وجه حق”. أو ” الزوجة التي ألقي القبض عليها وافتقدها زوجها المقعد ذي العيال ولم يكتشف بترحيلها إلا بعد ثلاثة أيام بعدما أصبحت في الشمال السوري ولم يسمح لها حتى بالاتصال بأسرتها على الرغم من امتلاكها إقامة وهي حامل في شهرها السابع وزوجها مقطوع الرجلين بسبب براميل النظام وعندها أطفال، تم التفريق بينها وبين أسرتها بدون سبب” وضيق على السوريين المقيمين بفعل النعرة العنصرية التي تفتعلها وتغذيها دوائر المعارضة والجهات القومية المتطرفة وجهات أخرى مستفيدة من ذلك.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وهي ترصد وتوثق الكثير من حالات الاعتقال والترحيل غير القانونية مصحوبة بالخشونة والمعاملة التي تفتقر إلى الإنسانية، والتعذيب في بعض الحالات التي أفضت إلى الموت على يد أجهزة تنفيذ القانون التركي في الماضي القريب وإطلاق الرصاص المباشر عليهم، لتطالب السلطات التركية بأعلى مراجعها رئيس الجمهورية، ووزير الداخلية الذي تدهورت حالة المقيمين السوريين في ولايته لأدنى مستوى، بوقف فوري لهذه المعاملة، وتذكرهم بالمادة الثالثة من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان التي اعتمدتها الدولة التركية “بأن لكل إنسان الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه”.
وتذكرهم أيضاً بما خلصت إليه منظمات الأمم المتحدة ولا سيما لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، في تقريرها الذي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن الأوضاع في مناطق سيطرة النظام لا تزال تشكل «عقبات أمام عودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين». وأشارت في الوقت نفسه إلى «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الدولي الإنساني في جميع أنحاء سوريا».
وكما أننا نتفهم الواقع التركي ونقدره ولا نود لأحد أن يتدخل فيه، فإننا نود من السلطات في تركيا تجنيب السوريين المقيمين فيها التجاذبات السياسية، وتنفيذ المعاهدات الإنسانية الأممية بحقهم، والتوقف عن التعامل المشين معهم من قبل أجهزة تنفيذ القانون.
وكما نقدر للدولة التركية استضافة ملايين المهجرين السوريين إثر الهجمة الظالمة للنظام السوري المستبد وحلفاؤه الإيرانيين والروس وقتلهم لمئات الآلاف، وتشريدهم لنصف الشعب السوري، لكننا نطالب السلطات فيها بالتعامل معهم وفق مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الجوار واحترام الظروف الصعبة التي يمر بها السوريون.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
24 تموز / يوليو 2023