قانون إرهاب النظام الأسدي في ذكراه الثالثة والأربعين (القانون 49/1980)
إن من أخطر المسائل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتأثيراً على ممارسة الشعب لحقوقه وحرياته أن يحول نظام الحكم الدولة بجميع إمكانياتها المادية والمعنوية من تنظيم اجتماعي وجد أساساً لحماية حقوق وحريات ومصالح أفراد المجتمع، وتنظيم شؤونهم إلى مؤسسة أمنية تمارس الإرهاب ضدهم وضد تجمعاتهم المدنية، وترتكب جرائم القتل والإعتقال التعسفي وحجز الحرية ومصادرة الأموال والقمع للمعارضين والمخالفين في الرأي بناءً على قوانين قمعية سنتها .
وهذا ما فعله نظام الأسد الأب واستمر عليه من بعده ابنه الوريث. ففي السابع من شهر تموز / يوليو عام 1980 أصدر مجلس شعب النظام الأسدي بناء على توصية من حافظ الأسد قانوناً يحمل رقم 49/1980 يقضي بإعدام كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين.
وبموجب هذا القانون الجائر الذي طبق بأثر رجعي ليغطي على كل المجازر التي ارتكبتها قوات الأمن ومخابرات النظام، بالإضافة إلى عمليات القتل والتصفية الجماعية في السجون قبل ذلك التاريخ، ولا سيما مجزرة سجن تدمر التي ارتكبت قبل صدوره بـ11 يوماً وقتل فيها أكثر من ألف مواطن سوري وهم في زنازينهم في سجن تدمر.
ومنذ صدوره تأثرت بهذا القانون الذي يشرع للجريمة والفئوية والطائفية المبطنة أعداد كثيرة من المواطنين السوريين شملت كل من يشك بتعاطفه بالإضافة إلى الأبناء والأحفاد والأقارب، وحرموا من حقهم في العمل والدراسة والسفر، ومنهم من اعتقل رهينة عن أبيه أو أخيه أو ابنه، ومورست على المعتقلين أقسى وأشنع أنواع التعذيب في سجن تدمر وفروع المخابرات وأقبية التحقيق السرية.
وحرم أبناء وأحفاد المهجرين قسراً من حقهم في العودة الآمنة إلى بلدهم فاعتقل العائد منهم وطبق عليه قانون الجريمة وحكم عليهم بالإعدام بموجب القانون الجائر ثم خفض لمدة 12 سنة في أسوأ الظروف والأحوال ومنهم من مات في المعتقل نتيجة التعذيب أو الظروف السيئة والإهمال ، وحرم كثير منهم من حقه في جنسية بلده وفي الحصول على وثيقة السفر والحقوق المدنية الأخرى التي هي من حق كل مواطن.
ولا يزال القانون 49/1980 ساري المفعول وسيفاً مسلطاً على رقاب المواطنين السوريين. لقد أمر بشار الأسد في 21 نيسان/ إبريل 2011 -قولاً لا فعلاً – بوقف العمل بقانون الطوارئ وألغى محكمة أمن الدولة وقام ببعض الإزالات اللفظية لا العملية، لكنه لم يتخل عن القانون 49/1980 الذي يشرع لجرائم النظام على الرغم من انعدام دستوريته وانعدام قانونيته وتصادمه مع المواثيق والمعاهدات الأممية.
إن الإصرار على بقاء هذا القانون البربري القاتل والظالم يوحي بحقيقة تعامل نظام الأسد مع الشعب السوري.
ولقد أثبتت الإنتفاضة السلمية التي انطلقت عام 2011 أن هذا النظام غير معني بالحريات ولا المواطنين ولا حياتهم وعلى استعداد أن يبيدهم ويخلي سورية من سكانها ويستبدلهم بأغراب يدينون له بالولاء من أجل بقائه.
يخطئ النظام العربي والمجتمع الدولي بالتطبيع مع هذا النظام لأنه يشكل خطراً ليس على السوريين فحسب بل على الأمن الإقليمي والعالمي، ومستعد ليذهب لآخر الشوط ويستخدم كل أدوات الجريمة من أجل بقائه.
على النظام العربي والمجتمع الدولي أن يتخذوا الإجراءات الفعالة لكبح جماح نظام الأسد المجرم لتعود سورية واحة الأمن والسلام لمواطنيها والمنطقة والعالم.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
7/7/2023