نهاية أحد أكابر مجرميها : فايز النوري
مات اليوم الخميس 10 شباط / فبراير 2022 فايز النوري الذي شغل منصب رئيس محكمة أمن الدولة سيئة الصيت منذ عام 1979 وحتى 2011 عندما ألغيت واستبدلت بمحكمة الإرهاب الأسوأ سمعة وأداءً، وأحيل النوري إثر ذلك على التقاعد.
لم يمارس النوري قبل توليه قاضي محكمة أمن الدولة العليا مهنة المحاماة أو القضاء، بل كان يعمل معلماً لتلاميذ المرحلة الابتدائية، وحصل على شهادة في الحقوق أثناء توليه منصبه بدون أن يذهب للجامعة أو يقدم امتحاناً.
عُرف النوري بأحكامه العرفية الظالمة للمحكومين دون أن يستمع إلى أقوالهم ودون الاطّلاع على أيّ من ملفاتهم، ولم تكن المحاكمة تدوم أكثر من دقائق معدودة، وفي عام 1979 حكم على 19 معتقلاً بالإعدام دفعة واحدة، بينما حكم في واقعة أخرى عام 1992 على 660 معتقلاً بالإعدام دفعة واحدة أيضاً. كانت الأحكام التي يصدرها بمثابة نكتة سمجة يطلقها تقضي على الأبرياء وحياتهم ومستقبلهم بدون أن يشعر بوخز الضمير أو يتبع أصول للمحاكمات وبدون تثبت، ويزيد الأحكام من عنده كما يشاء إذا ناقشه المتهم أو حاول الدفاع عن نفسه. وزيادة في الإذلال كان يختم المحاكمه بقوله للمتهم : “انقلع:.
وتوجد تسجيلات للنوري صرح فيها أنه حكم بالإعدام على كل من يعارض أهداف حزب البعث واعترف بأن المحكمة شكلت أصلاً لأغراض سياسية وهي المحافظة على حزب البعث والقضاء على أعدائه.
تسبب فايز النوري بقتل عشرات الآلاف من السوريين الأبرياء وخصوصاً من فئة الشباب وشرد آلاف الأسر – إرضاء لرؤوسائه رفعت الأسد ثم حافظ الأسد بعد إبعاد الأول عن سورية ومن بعده لوريث حكمه بشار – بأحكام لا علاقة لها لا بالقضاء العادل أو النزيه أو المهني حتى أنه حكم على مسيحيين بالإعدام بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وعلى الرغم من قسوة أحكامه، فقد كان النوري فاسداً مرتشياً فلقد روى العديد من المعتقلين الذين كتب لهم النجاة من مقصلته أنهم دفعوا له رشاوى كبيرة جداً لتخقيف الأحكام عليهم .
بدأ النوري مسيرته بصفة معلم ابتدائي يدرس مادة الفنون، ثم تعرف عليه رفعت الأسد في إحدى زياراته لمدينة دير الزور التي ينحدر منها ووجد فيه من الصفات ما يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ سياساته، وهكذا عينه أمين شعبة في حزب البعث في السبعينيات ثم رقاه ليصبح أمين فرع الحزب في دير الزور وانتقل بعدها إلى دمشق ليكون عضو احتياط في قيادة حزب البعث ثم عينه رفعت الأسد قاضياً في محكمة أمن الدولة إثر تأسيسها عام 1979 لمحاكمة المتهمين بعضوية جماعة الإخوان المسلمين ثم أصبح رئيساً لها.
أصيب فايز النوري في أواخر حياته بالشلل النصفي وأهمل من قبل النظام الذي استخدمه 30 سنة لقتل عشرات آلاف المواطنين الأبرياء وساءت حالته حتى قضى اليوم وهو في أسوأ حال وأسوأ سمعة منبوذاً حتى من أبناء مدينته الذين لقوا منه ظلماً مضاعفاً أثناء حياته.
لم يكن فايز النوري إلا أداة مطيعة منفذة لحكم حافظ الأسد ثم وريثه بشار من بعده، وكانت الأحكام تصدر للنوري معدة مسبقاً من أجهزة مخابرات نظام الأسد ليضيف عليها من سماجاته واستهزائه بقيم الإنسانية والحياة.
ولئن مات النوري ولم يلق جزاءه العادل ولم يقدم للمحاكمة فقد مضى منبوذاً مكروهاً من الجميع بمن فيهم خاصته وأهل مدينته وغالبية الشعب السوري. ستغذ مسيرة الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية للجميع السير وستقضي على إرث أمثاله من المجرمين.
يرجى اتباع الوصلة أسفله والاستماع إلى الفيديو القصير المرفق عن المذكور