تقع قرية التريمسة السورية في ريف حماة ويبلغ عدد سكانها 6 آلاف نسمة.
شهدت قرية التريمسة في الثاني عشر من شهر تموز / يوليو 2012 ما يمكن وصفه بأنه أسوأ مجزرة وحشية منذ بداية الانتفاضة السورية قبل عام ونصف. ووصف شهود عيان كيف بدأت قوات النظام السوري بقصف القرية من الصباح الباكر لمدة 7 ساعات ثم بدأت بتعقب سكان القرية بدعم من الشبيحة من القرى الطائفية المجاورة. هوجم السكان في منازلهم وتعبقتهم أينما وجدوا، وكان يطلق النار على الذين كانوا يحاولون الفرار عبر الحقول القريبة. كُبلت أيدي بعض السكان ثم أُعدموا بسرعة. وأخذت قوات النظام والشبيحة الطائفية جثث بعض السكان بينما أحرقت جثثاً أخرى. اعتلت قوات النظام أسطح المنازل والأماكن المرتفعة وشرعت بإطلاق النار بصورة عشوائية على الجميع بدون استثناء.
وروى الأهالي كيف قام أفراد قوات النظام بالقبض على العديد من شباب القرية وطعنهم في صدروهم وحناجرهم.
وذكرت مصادر الأمم المتحدة إن مراقبيها في سوريا شاهدوا مروحيات ودبابات تقصف التريمسة يوم 12 تموز/ يوليو، وإن القوات الجوية التابعة للنظام لعبت دورا رائدا في الهجوم. ويبدو أن عمليات القتل كانت لها نظائر في المذبحة التي حدثت في الحولة نهاية مايو/أيار. والتريمسة -مثل الحولة- تقع بالقرب من سلسلة من القرى الطائفية التي ظلت إلى حد كبير موالية لنظام الأسد
وذكر شاهدا عيان في التريمسة أن بعض مهاجميهم أتوا من اتجاه قرى الصفصافية وتل السكين والفلحة. وقال: “العلاقات بيننا وبين القرى العلوية كانت دائما مسالمة، لكن بعض الشبيحة قدموا من هناك”.
وقالت إحدى الناجيات “لم تكن لدينا مشاكل معهم لفترة طويلة، لكننا الآن نخشاهم ولا نريد أن نقترب من قراهم”.
وتحدث أهل القرية بغضب شديد عن الطبيب مصطفى الناجي الذي كان “كل ذنبه أنه يعالج أبناء القرية بالمجان”، وأكدوا أن قوات نظام بشار الأسد ذبحوه في عيادته قبل أن يحرقوا أطفاله وأطفالا آخرين بالقرية.
وأظهرت الصور أشلاء بشرية كثيرة متراكمة فوق بعضها لشباب وفتية وأطفال، وملابس مضرجة بالدماء.
وصرخ أحد الشباب “حتى بيت الله لم يسلم من قصفهم”، وأظهرت صور مئذنة مسجد القرية وقد طالها الكثير من التدمير، وقال آخر بصوت غاضب “أكثر من 220 جثة وضعنا بهذا المسجد”.
كما أظهرت صور الفيديو من بقي حيا من أطفال القرية وهم يتظاهرون بالشوارع حاملين بأيديهم بقايا الصواريخ والقذائف التي ألقيت على قريتهم، وآخرون يحملون بقايا من ملابس الضحايا، وذلك على مرأى المراقبين الدوليين الذين لم يسمح لهم بدخول القرية إلا بعد 13 ساعة من وقوع المجزرة.
وأكد رئيس بعثة المراقبين بسوريا الجنرال روبرت مود أن فريقه في حماة تمكن من معاينة استمرار الاشتباكات في محيط التريمسة التي استخدمت فيها المدفعية والمروحيات، ووقعت فيها مجزرة راح ضحيتها 220 شخصا حسب لجان التنسيق المحلية.
وأعلن مود في مؤتمر صحفي في دمشق أن بعثة المراقبين الدوليين “مستعدة للتوجه إلى التريمسة والتحقق من الوقائع عندما يحصل وقف جدي لإطلاق النار”.
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان عن “صدمته وروعه” للتقارير حول المجزرة.
واعتبر في بيان صدر الجمعة في جنيف أن ذلك يشكل “انتهاكا لالتزام الحكومة وقف استخدام الأسلحة الثقيلة في أماكن سكنية والتزامها بالنقاط الست لخطة السلام” التي وضعها أنان والتي تنص على وقف كل أشكال العنف وسحب الدبابات من الشوارع.
وقال الناشط الإعلامي في محافظة حماة أبو غازي لوكالة فرانس برس إن “التريمسة الجمعة خالية تماما. الجميع مات أو هرب”، مضيفا لأن قوات النظام قصفت مسجدا كان لجأ إليه العديد من السكان.