اعتمدت الأمم المتحدة الثلاثين من آب / أغسطس يوماً عالمياً للمعتقلين والمخفيين قسرياً، لكن هذا الاعتماد لم يوقف الأنظمة المستبدة وفي مقدمتها النظام السوري من اعتقال المواطنين المدنيين وإخفائهم قسرياً، بحيث لا يعلم ذووهم ولا ممثلوهم القانونيين مكان احتجازهم ولا التهم الموجهة إليهم ولا ظروف احتجازهم ولا يسمح لهم بالاتصال بأحد بل وفي كثير من الحالات تنكر السلطات المعتقلة وجودهم لديها، ويخضع المغيبون قسرياً عادة لشتى أنواع الإهانة والتعذيب والمعاملة السيئة دون أن يكون لهم حق في التظلم أو الاعتراض أو وجود من يدافع عنهم وكثير منهم من يقتل تحت التعذيب أو يموت بسبب الإهمال والأمراض وسوء التغذية والتجويع.
ولقد دأب النظام السوري على اتباع هذه الأساليب اللإنسانية بحق معارضيه وغير معارضيه، وسجون النظام السوري في تدمر وصيدنايا والمزة وعدرا وفرع فلسطين وفروع التحقيق والمخابرات المختلفة أكبر شاهد على هذه الممارسات.
لا يزال أكثر من 30 ألف مواطن سوري مخفي قسرياً من أيام حافظ الأسد من سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم بالإضافة إلى آلاف اللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين وغيرهم من الجنسيات العربية.
وفي سجون نظام بشار الأسد ما يناهز 200 ألف مغيب قسرياً حسب بعض الإحصائيات، لا يعلم ذووهم إن كانوا في الأحياء أم في الأموات، ولا تعترف الأجهزة المعتقلة بوجودهم لديها، ولقد أظهرت صور “قيصر” طرائق في غاية الهمجية في تصفية هؤلاء المخفيين قسرياً، ويوجد بين هؤلاء آلاف من الأطفال والنساء يعاملون في غاية التوحش وانعدام الإحساس الإنساني، وكل ذلك موثق بدقة من الناجين من الإخفاء ومن المنظمات الحقوقية التي تابعت هذا الأمر عن قرب.
ولقد دأبت سلطات نظام بشار الأسد على استصدار شهادات وفاة لآلاف من المغيبين قسرياً قتلوا تحت التعذيب أو نتيجة الإهمال والأمراض والتجويع وزعمت أن وفاتهم كانت طبيعية.
ولقد شجع المناخ الدولي الذي تعامل بلامسؤولية مع هذه الانتهاكات الخطيرة نظام الأسد على الاستمرار والتمادي في اعتقال المواطنين السوريين وغير السوريين بعيداً عن الأصول القانونية والقضائية وإخفائهم ومعاملتهم أسوأ معاملة، ولا يزال نظام بشار الأسد يعامل بأنه نظام شرعي غير مارق.
بالإضافة إلى اتباع النظام السوري هذا الأسلوب المحرم قانونياً ودولياً فإن فئات أخرى موجودة على التراب السوري اتبعت هذا الأسلوب الهمجي بوتيرة تزيد أو تنقص والذي زاد من عذابات المواطن السوري فقد اتبعت داعش وقسد وحزب الله والنصرة (تحرير الشام) والمجموعات الطائفية العراقية والأفغانية وغيرها من فصائل المعارضة المسلحة اعتقال المواطنين السوريين وإخفائهم ومعاملتهم معاملة سيئة وقتلهم.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تدين بشدة اتباع أسلوب الإعتقال والإخفاء القسري، وتدين نظام بشار الأسد على وجه الخصوص الذي يتبع هذا الأسلوب المنتهك لحرية الإنسان وكرامته وحقوقه في العدالة والمقاضاة السليمة والمعاملة التي تليق به، وتدين بنفس الشدة الجماعات التي تمارس اعتقال المواطنين وتغييبهم ومعاملتهم معاملة سيئة.
وتطالب اللجنة المعارضة السورية وفي مقدمتها ائتلاف قوى الثورة والمعارضة باتخاذ موقف صامد تجاه هذه القضية واتخاذ الأساليب الكفيلة بإطلاق سراح المخفيين قسرياً في سجون نظام بشار الأسد.
وتستنكر اللجنة ممالئة المجتمع الدولي للنظام السوري والتستر عليه وتطالبه بوقفة قوية ضد ممارساته في اعتقال وإخفاء وتعذيب وقتل المواطنين العزل والأبرياء. كما تطالبه بالضغط عليه لكي يطلق سراح كافة المعتقلين والمخفيين قسرياً وبيان كافة حالات الاختفاء القسري منذ سبعينيات القرن الماضي، ومقاضاة منتهكي الحقوق آمرين ومنفذين.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
30/8/2020