نشرت صحيفة نيويورك تايمز يوم 13 أكتوبر تحقيقاً يكشف بالأدلة قيام روسيا بشكل متعمد باستهداف أربعة مشافٍ في إدلب خلال 12 ساعة.
وفيما يلي النص الكامل للتحقيق:
وفقا لتحقيق قامت به صحيفة التايمز، قامت القوات الجوية الروسية وبشكل متكرر بقصف المشافي في سورية لدعم نظام بشار الأسد لسحق ما تبقى من المعارضة السورية.
من خلال تحليل تسجيلات صوتية للقوات الجوية الروسية غير منشورة من قبل، وتصريحات شهود العيان والعاملين في مراكز مراصد حركة الطيران الحربي، تمكنت التايمز من تتبع غارات جوية استهدفت أربع مشافي خلال ١٢ساعة فقط في شهر أيار/مايو، و أثبتت تورط الطيارين الروس بشن كل من هذه الغارات.
تعتبر فترة الـ ١٢ ساعة في يوم ٥ أيار/ مايو مدة صغيرة من الحرب الجوية في سوريا، ولكنها نموذج مصغر عن التدخل العسكري الروسي الذي استمر لأربع سنوات خلال الحرب الأهلية في سوريا. تم فتح جبهة جديدة في الصراع السوري هذا الأسبوع ، عندما عبرت القوات التركية الحدود مع سوريا كجزء من حملة تخوضها ضد الميليشيات الكردية.
لطالما اتُهمت روسيا بالقيام بهجمات ممنهجة ضد المستشفيات والعيادات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية كجزء من استراتيجيتها لمساعدة الأسد على الانتصار في الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات.
قامت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان ، وهي مجموعة من الناشطين الحقوقيين تتابع الهجمات على العاملين في المجال الطبي في سوريا ، بتوثيق ما لا يقل عن ٥٨٣ من الهجمات المماثلة منذ عام ٢٠١١ ، ٢٦٦ من هذه الهجمات تم تنفيذها منذ بدء تدخل روسيا في أكتوبر٢٠١٥، هذا وقد قتل ما لا يقل عن ٩١٦ عاملاً في المجال الطبي في سوريا منذ العام ٢٠١١.
جمعت التايمز مجموعة كبيرة من الأدلة لتحليل تفجيرات المشافي التي وقعت في يوم ٥ و ٦ مايو.
من خلال المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي من سوريا في ذلك اليوم والمقابلات مع شهود العيان وسجلات الجمعيات الخيرية التي تدعم المستشفيات الأربعة، أصبح من الممكن الحصول على الوقت التقريبي لكل غارة. حصلت التايمز على سجلات لحركة الطيران يحتفظ بها مراقبون من الأرض لتحذير المدنيين من الغارات الجوية القادمة نحوهم، و تحققت من وقت كل غارة لتأكيد أن الطائرات الحربية الروسية كانت تحلق فوق هذه المناطق. بعد ذلك استمعنا وعملنا على فك رموز الآلاف من موجات بث الراديو التابع للقوات الجوية الروسية ، والذي وثق أشهر من نشاط الطيارين في سماء شمال غرب سوريا. حصلت التايمز على التسجيلات من قبل شبكة من المراقبين الذين أصروا على عدم الكشف عن هويتهم خوفاً على سلامتهم.
سجلات المراقبين في يوم ٥ و ٦ مايو تؤكد تحليق الطيارين الروس فوق كل مستشفى في الوقت الذي تم قصفه، كما تظهر السجلات الصوتية للقوات الجوية في ذلك اليوم الطيارين الروس خلال تأكيدهم لكل غارة. وأكدت مقاطع الفيديو التي تم الحصول عليها من الشهود، والتي تحققت التايمز منها، وقوع ثلاثة غارات.
إن قصف المستشفيات بدون مبالاة أو عن قصد هو جريمة حرب ، لكن إثبات المسؤولية عن ارتكاب جرائم الحرب وسط حرب أهلية معقدة مسألة صعبة للغاية. فحتى الآن ، يفتقر العاملون في المجال الطبي في سوريا و منظمات حقوق الإنسان إلى دليل على هذه الجرائم.
إن مركز روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد منحها الحماية من التدقيق وجعل منظمات الأمم المتحدة مترددة في اتهام القوات الجوية الروسية بالمسؤولية.
“إن الهجمات على المراكز الصحية في سوريا ، وكذلك القصف العشوائي للمرافق المدنية هي بكل تأكيد جرائم حرب ينبغي المحاسبة عليها في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي” تقول سوزانا سيركين، مديرة السياسات في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. و تكمل قائلة بأن الصين و روسيا استخدمتا حق النقض (الفيتو) للاعتراض “وبصورة مخزية” على قرار لمجلس الأمن كان من شأنهما إحالة تلك الجرائم إلى المحكمة.
لم ترد الحكومة الروسية مباشرة على أسئلة حول قصف المستشفيات الأربعة. بدلاً من الرد، أشار متحدث باسم وزارة الخارجية إلى تصريحات سابقة تدعي أن سلاح الجو الروسي ينفذ ضربات دقيقة فقط على “أهداف تمت دراستها بدقة”.
فتح الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريس تحقيقًا في قضية استهداف المستشفيات في أغسطس / آب. التحقيق و الذي لا يزال جارياً، يهدف جزئيًا إلى تحديد سبب الهجوم على المستشفيات على الرغم من أن تلك المستشفيات أضافت مواقعها طوعًا إلى قائمة منع الاستهداف التي ترعاها الأمم المتحدة والتي تم إعلام روسيا و أطراف الصراع الأخرى بها لمنعهم من الهجوم عليها.
يقول سوريون عاملون في القطاع الصحي أنه يبدو أن قائمة الأمم المتحدة أصبحت تستخدم كقائمة أهداف عسكرية من قبل الطيران الحربي السوري و الروسي.
قال ستيفان دوجاريك ، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ، في سبتمبر / أيلول إن التحقيق – وهو لجنة داخلية لتقصي الحقائق – لن يقوم بنشر تقرير، كما أنه لن يحدد “المسؤولية القانونية” لأي طرف من الأطراف. فاسيلي نيبينسيا ، المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة ،شكك بآلية عمل اللجنة بعد الإعلان عنها بفترة قصيرة ، معربًا عن أمله في ألا يكون هذا التحقيق لكشف الجناة بل يجب أن يكون بحسب قوله تحقيق عن استخدام الأمم المتحدة لمعلومات كاذبة في عملية إنهاء النزاع.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه في الفترة الواقعة بين ٢٩ أبريل وحتى منتصف سبتمبر، عندما هاجمت القوات الحكومية الروسية والسورية آخر معاقل المعارضة في شمال غرب سوريا، تعرضت ٥٤ مستشفى وعيادة في مناطق المعارضة السورية للهجوم. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، حاول ما لا يقل عن سبعة مشافي حماية أنفسهم من خلال إضافة مواقعهم إلى قائمة منع الاستهداف. في 5 و ٦ مايو، هاجمت روسيا أربعة مستشفيات كان جميعها ضمن القائمة.
البداية كانت عند مشفى نبض الحياة الجراحي، و هو أحد أكبر مراكز معالجة الصدمات النفسية في جنوب محافظة إدلب حيث يقوم هذا المشفى بخدمة حوالي مئتي ألف شخص. هذا وقد كان يجري المستشفى حوالي ٥٠٠ عملية جراحية و يستقبل ٥٠٠٠ مريض شهريًا ، وفقًا لإحصائيات منظمة سوريا للإغاثة والتنمية، وهي منظمة خيرية داعمة للمشفى مقرها الولايات المتحدة الأمريكية.
تعرض مستشفى نبض الحياة للهجوم ثلاث مرات منذ افتتاحه في عام ٢٠١٣و تم نقله مؤخرًا إلى مجمع تحت الأرض يقع في أرض زراعية، على أمل أن تتم حمايته من الغارات الجوية.
في الساعة ٢:٣٢ مساءً من يوم ٥ مايو ، يمكن سماع ضابط روسي يعمل في غرفة التحكم بحركة الطيران في تسجيل صوتي وهو يزود الطيار بخطوط الطول و العرض المتوافقة تمامًا مع موقع مستشفى نبض الحياة.
في الساعة ٢:٣٨ بعد الظهر ، يقول الطيار أن الهدف مشاهد بالنسبة له و يؤكد أن لديه “التصحيح” وهي كلمة تدل أن الهدف أصبح الآن على الشاشة في قمرة قيادة الطائرة. يستجيب مركز التحكم الأرضي بإعطاء الضوء الأخضر قائلاً: “ثلاتة سبعات”.
وفي الوقت نفسه ، يسجل المراقبون مشاهدة طائرة حربية روسية تحلق في أجواء المنطقة.
في تمام الساعة ٢:٤٠ مساءً ، وهو نفس الوقت الذي تعرض فيه نبض الحياة للقصف بحسب ما قالته المؤسسة الخيرية ، يؤكد الطيار إلقاء القذائف قائلاً: “نفذت”. بعد ثوانٍ ، قام الصحفيون المحليون الذين توقعوا الهجوم بتصوير المستشفى و تسجيل سقوط ثلاث مقذوفات دقيقة الهدف. تخترق هذه المقذوفات سطح المستشفى وتقوم بتفجيرها من الداخل وملئها بالركام و الغبار.
كان قد تم إجلاء موظفي نبض الحياة قبل ثلاثة أيام من الهجوم وذلك بعد تلقيهم للتحذيرات التي توقعت حدوث غارة، لكن مستشفى كفرنبل الجراحي على بعد ثلاثة أميال شمال غرب المنطقة لم يحالفه نفس الحظ.
قال أحد الأطباء العاملين هناك إن المستشفى تعرض للقصف أربع مرات، ابتداء من الساعة ٥:٣٠ مساءً۔ وقال إن الغارات حصلت بفارق زمني يقدر بحوالي الخمس دقائق بين الغارة و الأخرى دون سابق إنذار، مما أدى إلى مقتل رجل كان يقف في الخارج، وأجبر المرضى والطاقم الطبي على استخدام عبوات الأكسجين للتنفس وسط الغبار الخانق.
في الساعة ٢:٣٢ مساءً من يوم ٥ مايو ، يمكن سماع ضابط روسي يعمل في غرفة التحكم بحركة الطيران في تسجيل صوتي وهو يزود الطيار بخطوط الطول و العرض المتوافقة تمامًا مع موقع مستشفى نبض الحياة.
في الساعة ٢:٣٨ بعد الظهر ، يقول الطيار أن الهدف مشاهد بالنسبة له و يؤكد أن لديه “التصحيح” وهي كلمة تدل أن الهدف أصبح الآن على الشاشة في قمرة قيادة الطائرة. يستجيب مركز التحكم الأرضي بإعطاء الضوء الأخضر قائلاً: “ثلاتة سبعات”.
وفي الوقت نفسه ، يسجل المراقبون مشاهدة طائرة حربية روسية تحلق في أجواء المنطقة.
في تمام الساعة ٢:٤٠ مساءً ، وهو نفس الوقت الذي تعرض فيه نبض الحياة للقصف بحسب ما قالته المؤسسة الخيرية ، يؤكد الطيار إلقاء القذائف قائلاً: “نفذت”. بعد ثوانٍ ، قام الصحفيون المحليون الذين توقعوا الهجوم بتصوير المستشفى و تسجيل سقوط ثلاث مقذوفات دقيقة الهدف. تخترق هذه المقذوفات سطح المستشفى وتقوم بتفجيرها من الداخل وملئها بالركام و الغبار.
كان قد تم إجلاء موظفي نبض الحياة قبل ثلاثة أيام من الهجوم وذلك بعد تلقيهم للتحذيرات التي توقعت حدوث غارة، لكن مستشفى كفرنبل الجراحي على بعد ثلاثة أميال شمال غرب المنطقة لم يحالفه نفس الحظ.
قال أحد الأطباء العاملين هناك إن المستشفى تعرض للقصف أربع مرات، ابتداء من الساعة ٥:٣٠ مساءً۔ وقال إن الغارات حصلت بفارق زمني يقدر بحوالي الخمس دقائق بين الغارة و الأخرى دون سابق إنذار، مما أدى إلى مقتل رجل كان يقف في الخارج، وأجبر المرضى والطاقم الطبي على استخدام عبوات الأكسجين للتنفس وسط الغبار الخانق.