واصلت مأساة اللجوء السوري تربعها على رأس قائمة أزمات اللجوء حول العالم للعام السادس على التوالي، حيث بقي اللاجئون السوريون المجموعة الأكبر عدداً بين كل اللاجئين حول العالم. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين اليوم 5,627,690 لاجئاً، ثلثاهم في تركيا، فيما يتوزّع الباقون بين لبنان والأردن والعراق ومصر.
ورغم المبادرات التي رعتها روسيا وشركاء إيران في لبنان منتصف عام 2018 لإعادة اللاجئين، إلا أن عدد اللاجئين السوريين واصل الارتفاع منذ ذلك الحين وحتى الآن، حيث فشلت كل المبادرات في إقناع اللاجئين بالعودة، نظراً لمخاوف اللاجئين مما قد ترتكبه الأجهزة الأمنية في سورية بعد العودة، خاصة في ظل غياب الضمانات من حلفائه، وقيام الأجهزة الأمنية السورية باعتقال عدد من اللاجئين العائدين إلى سورية، واختفاء آخرين، وإعدام بعضهم تحت التعذيب، رغم أن العائدين بشكل طوعي يَفترضون بالضرورة عدم وجود مطالبات أمنية بحقّهم.
كما تُشكّل الحالة الاقتصادية التي تعيشها سورية في الوقت الراهن عائقاً أساسياً أمام عودة اللاجئين إلى سورية، فقد أدّت معطيات الحرب إلى انهيار معظم قطاعات العمل في سورية، وازدادت نسبة البطالة بشكل كبير، واتّسعت الفجوة الطبقية بصورة فاحشة، إلى غير ذلك من العوامل التي تدفع الشباب في أي بلد –حتى لو لم يعرف تجربة الحرب- إلى البحث عن سُبُلٍ للهجرة منها، لا العودة إليها.
وتواجه المنظمات الدولية التي ترعى اللاجئين السوريين نقصاً حاداً في الموارد اللازمة لتقديم الحد الأدنى من الرعاية، نظراً لامتناع عدد كبير من الدول المانحة عن تقديم التزامات تتناسب مع الاحتياجات الدولية، أو عدم الوفاء بالالتزامات التي يتم الإعلان عنها.
ويواجه السوريون في لبنان على وجه الخصوص انتهاكات متزايدة من طرف الدولة والمجموعات شبه الحكومية والأهلية. حيث تتصاعد التوجهات العنصرية التي تستهدف اللاجئين، ويتم تحفيز هذه التوجهات من قبل شريك أساسي في الحكومة وهو التيار الوطني الحر، والذي يُسيطر على رئاسة الدولة ووزارة الخارجية ووزارات أخرى. حيث يقوم التيار بتغذية حملة لخطاب الكراهية التي يستهدف اللاجئين، ويُنظّم في الفترة الأخيرة أنشطة عامة للتحريض على اللاجئين والدعوة لترحيلهم.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان، وإذ تنتهز اليوم العالمي للاجئين للتأكيد على أهمية إيلاء اللاجئين أولوية قصوى من قبل المجتمع الدولي، نظراً للظروف الإنسانية الخاصة التي يعيشونها في دول اللجوء، والتي تترك –إضافة لآثارها الآنية المباشرة- آثاراً طويلة المدى على جيل الأطفال بينهم، بما يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على بيئة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية، وحتى على بيئة الاستقرار والأمن، فإنّها تؤكّد على أن معالجة أزمة اللجوء تتطلب التركيز على الأسباب التي دفعت اللاجئين لمغادرة منازلهم للعيش في ظروف قاسية في دول اللجوء، وأن تجاهل هذه الأسباب والتركيز بدلاً من ذلك على التعامل مع المخرجات إنما يُساعد الجناة على التخلّص من المسؤولية والمحاسبة، ويمنع تحقيق العدالة لضحايا أكبر أزمة إنسانية عرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
اليوم العالمي للاجئين
20/6/2019