صورة جوية لسجن صيدنايا-عن صحيفة واشنطن بوست
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريراً مفصلاً عن الإعدامات الممنهجة والواسعة التي يشهدها سجن صيدنايا، والتي ما زالت مستمرة حتى عام 2018.
وأشار التقرير الذي نُشر اليوم إلى أن نزلاء السجن الذين وصل عددهم في فترات معينة إلى رقم يتراوح بين 10,000 و20,000 معتقل، قد تقلّص بشدّة في الأونة الأخيرة بفعل عمليات الإعدام التي تُجريها الأجهزة الأمنية، حتى أصبح أحد أجنحة السجن خالياً الآن.
وقال سجناء سابقون للصحيفة بأن إن السجناء يُنقلون من السجون عبر سوريا للانضمام إلى معتقلي الإعدام في قبو سجن صيدنايا، ومن ثم يتم إعدامهم في جلسات الإعدام قبل الفجر. وقال بعض السجناء السابقون الذين قابلتهم الصحيفة بأنهم أنفسهم حكموا بالإعدام، إلا أن قيام ذويهم بدفع آلاف الدولارات كرشاوي لمسؤولين أمنيين أنقذهم من الإعدام والاعتقال.
ووفقاً لهؤلاء المعتقلين السابقين الذين كانوا قد مروا عبر “محكمة دمشق الميدانية” الموجودة داخل مقر الشرطة العسكرية في دمشق، فقد ارتفعت معدلات أحكام الإعدام على مدار العام الماضي مع تشدد مواقف قضاة المحكمة.
وقالوا بإنه وحتى قبل وصول السجناء المحكومين إلى المشنقة؛ فإنّ عدداً منهم كان يموت بفعل سوء التغذية أو الإهمال الطبي أو الاعتداء الجسدي، وغالباً ما يحدث ذلك بعد حصول انهيار نفسي.
وحالما يتم شنق السجناء ، عادة ما يتم نقل جثثهم مباشرة من غرفة الإعدام إلى شاحنة أو سيارة منتظرة ثم يتم نقلهم للتسجيل في مستشفى عسكري قبل دفنها في المقابر الجماعية على الأرض العسكرية ، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
وقال سجين سابق يدعى أبو حسين، 30 عاماً، وهو ميكانيكي من حمص الغربية، إن الحراس أدخلوا أنبوباً معدنياً في حلق سجين كان معه من ضاحية داريا في دمشق، ثم تركوه ليموت “وبقي جسده ملقى بيننا طوال الليل”. ووصف آخر كيف أجبر السجناء في زنزانته على ركل رجل من درعا الجنوبية حتى الموت.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي نشرتها الصحيفة لأراضي سجن صيدنايا في مارس/آذار 2018 تراكم العشرات من الأجسام المظلمة التي يقول الخبراء إنها تتفق مع أجساد البشر.
وقال إسحاق بيكر، مدير تحليل الصور في برنامج إشارات مبادرة هارفارد الإنسانية: “هناك أشياء مظلمة وقاتمة في الصور، وتشبه بعضها البعض، طولها من خمسة إلى ستة أقدام تقريبًا”. ورغم أن هذه الصور بحسب الصحيفة لا تثبت وجود الإعدامات، إلا أنها تتسق مع روايات شهود العيان عن عمليات الإعدام الجماعية في هذا المرفق.
ويصف محتجزان سابقان كانا محتجزين في زنزانات أقرب إلى غرفة الحراسة في جناح السجن سماعهما لسجالات بين سجانين بشأن عمليات إعدام في أوائل مارس/آذار 2018، وقد قال أحد الرجال: “كانوا يتحدثون عن مجموعة من جثث السجناء التي نقلت إلى الفناء”.
وتظهر صور الأقمار الصناعية الأخرى للأراضي العسكرية قرب دمشق، التي حددتها منظمة العفو الدولية في السابق كموقع للقبور الجماعية، زيادة في عدد حفر الدفن وشواهد القبور في مقبرة واحدة على الأقل منذ بداية العام. وقال المنشقون الذين عملوا في نظام السجون العسكرية إن هذه المنطقة، الواقعة جنوب العاصمة، هي المكان المحتمل للدفن الجماعي لسجناء صيدنايا.
وعلى الرغم من اختلاف أيام التنفيذ ، إلا أن سجناء سجن صيدنايا السابقين يقولون إن الحراس يتجولون في الغالب في زنزاناتهم بعد ظهر يوم الثلاثاء ، داعين سجناء بأسمائهم من القوائم.
وقال سجين سابق أسمته الصحيفة “محمد”، وهو طالب سابق، إن اسمه نودي عليه من قبل السجانين، وتم سحب التي شيرت الذي يرتديه فوق رأسه، واقتيد إلى مهجع الموت في الطابق السفلي ، حيث تعرض للضرب، وكان محاطاً بصراخ الآخرين. ثم دفع وبقية السجناء إلى زنزانة ضيقة وجردوا من ملابسهم قبل أن يغادرهم الحراس. وتم الاحتفاظ بهم هناك لمدة أسبوع، إلى أن حضر الحراس وأخذوا السجناء للإعدام إلا محمد وشخص آخر، حيث علما لاحقاً أن عائلاتهم دفعت عشرات الآلاف من الدولارات إلى وسيط مرتبط بالحكومة، وهو جزء من شبكة ظهرت خلال الحرب لتزويد العائلات بأخبار عن أقارب محتجزين وفي بعض الأحيان تساعد في إطلاق سراحهم مقابل مبالغ من المال.
وقالت التقرير بأن الزيادة المفاجئة في أحكام الإعدام تحصل في الوقت الذي تجري فيه مناقشة مصير المحتجزين السوريين في زمن الحرب في مسار أستانا، كما أنه يتزامن مع قيام الحكومة السورية بإصدار إشعارات وفاة للسجناء السياسيين بمعدل لم يسبق له مثيل. وبدأت هذه الممارسة تتسارع في يناير/كانون الثاني، ويبدو أنها تؤكد في العديد من الحالات أن المحتجزين قد ماتوا منذ بداية الصراع.