تقع قرية دير بلوط في منطقة عفرين، ناحية جنديرس، وتتبع إداريًّا لمحافظة حلب. أقيم على أطرافها في منتصف أيار 2018 مخيم المحمدية غربي نهر عفرين لاستقبال المهجرين قسرياً، ثم أُلحق به مخيم آخر هو “مخيم دير بلوط” شرق نهر عفرين، وهما المخيمان الوحيدان في عفرين.
يبعد مخيم دير البلوط عن مدينة عفرين قرابة 27 كم، ويبعد عن بلدة أطمة قرابة 5 كم، بينما يبعد عن الشريط الحدودي مع تركيا قرابة 2 كم. ويقع المخيم في مناطق نفوذ الجيش التركي المباشر، وقريباً من مناطق إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة خارج النفوذ التركي.
يُقدّر إجمالي عدد سكان المخيمين حالياً بحوالي 3000 نسمة، يقطن نصفهم في مخيم دير بلوط الذي يضم مهجّرين من مناطق جنوب دمشق والقلمون الشرقي، ويُشكّل الفلسطينيون السوريون قرابة ثلثي القاطنين فيه، أي مايقارب 950 شخص ، يتوزعون على 230 عائلة.
ويضم المخيم حالياً العائلات الأشد فقراً بين المهجرين ممن لا يملكون القدرة على استئجار منازل في منطقة عفرين، وممن لا تربطهم أية علاقات مع الفصائل المسيطرة على المنطقة، والتي قامت مسبقاً بنقل عدد من العائلات المقربة منهم وتوطينهم في بيوت فارغة تركها سكانها خلال المعارك.
الوضع العام
تتولى هيئة إدارة الكوارث التركية ” أفاد”، والهلال الأحمر التركي الإشراف على شؤون المخيم الإغاثية والإنسانية بشكل مباشر وحصري، من خلال مجموعة من الإداريين من سكان المخيم يتبعون لها، ولا تسمح لأي منظمة سورية أو فلسطينية بالوصول إلى المخيم إلا باستثناءات محدودة.
ويتولى جهاز «الشرطة الحرة» المكون من عناصر سورية تم تدريبها من قبل الطرف التركي إدارة شؤون المنطقة وضبط الأمن فيها، إلا أن المخيم شهد عدة تجاوزات من قبل هذه العناصر، والتي شنت حملات مداهمة واعتقالات بين المهجرين تحت حجج متنوعة، كالانتماء لتنظيم داعش أو الاتجار بالممنوعات أو التحريض على السلطات التركية.
كما قامت عناصر الشرطة الحرة بمحاولة لفض أحد الاعتصامات بالقوة، والتي طالب فيها السكان تحسين أوضاعهم الإنسانية في المخيم، ووجهوا نداءات للأونروا من أجل التدخل والتخفيف من معاناتهم.
الوضع الإغاثي
تقوم منظمة أفاد بتقديم الخدمات الإغاثية الأساسية لسكان مخيم دير البلوط حيث تقوم بتوزيع سلات غذائية شهرية يصل وزنها قرابة 8-10 كيلو تحوي على كميات من البقوليات ومن المعلبات، بالإضافة إلى توزيعها لمادة الخبز بشكل يومي ومجاني.
كما تقوم أفاد بتأمين صهاريج للمياه الصالحة للشرب مرتين شهرياً، إلا أن المياه لا تكفي حاجة السكان، حيث تبلغ حصة الأسرة الواحدة من المياه الصالحة للشرب 10 لترات أسبوعياً، وهي كمية قليلة جداً لا تكفي العائلة لمدة يومين، مما يضطرهم إلى شراء المياه من الصهاريج المتنقلة التي لا تخضع لأي معايير صحية، والتي تسببت بالعديد من الامراض وخاصة الإسهالات بين الاطفال.
ويعاني معظم سكان المخيم من حالات سوء التغذية ولاسيما عند الاطفال، حيث تغيب مادة حليب الأطفال للرضع عن المساعدات المقدَّمة، مما يُجبر سكان المخيم على شرائها من حسابهم الخاص، ويصل سعر العلبة التي تكفي الرضيع لمدة أسبوع مايقارب 6 دولارات، الأمر الذي دفع بالعديد من العائلات إلى استخدام بدائل كتغذية الرضع بمنقوع التمر المغلي.
الوضع الطبي
يُعاني المخيم من غياب تام للرعاية الطبية باستثناء خيمة طبية تستقبل يومياً 100حالة مرضية تقريباً، ويشرف عليها ممرض واحد من المهجرين، وقد تم إنشاؤها بجهود ذاتية لتقدم لسكان المخيم بعض المسكنات ومضادات الالتهاب.
وتفتقد الخيمة الطبية للاحتياجات الإسعافية الأساسية كالضمادات وإبر الخياطة والسرنكات وأدوات الجراحة الصغرى لخياطة أي جرح وأسطوانات الأكسجين بالإضافة إلى سيارات الإسعاف، حيث يتم نقل المرضى عن طريق الميتورات إلى مستشفى أطمة والتي تبعد قرابة 5 كيلومترات، وقد سجلت في المخيم عدة حالات وفاة نتيجة عدم وجود رعاية طبية اسعافية مباشرة.
بينما تضطر الحالات المرضية الحرجة إلى قطع عشرات الكيلومترات وتأمين نفقة تنقلات للوصول إلى المشافي الكبيرة التي أقامتها تركيا في المنطقة في اعزاز او الباب او الراعي، من أجل الحصول على معاينة طبية اختصاصية، ومن ثم الانتظار وفق الدور المحدد لفترة تصل لأشهر، حتى تتسنى لهم فرصة اجراء العملية المطلوبة.
وتنتشر في المخيم الأمراض نتيجة استخدام المياه الملوثة وعدم وجود نظام صرف صحي مناسب، بالإضافة إلى تراكم النفايات، وتزداد الأمراض حدة في فصلي الشتاء والصيف لعدم قدرة الخيام على حماية القاطنين من الظروف الجوية المختلفة سواء في الحر الشديد صيفاً أو البرد شتاءاً، ولانعدام الرعاية الطبية.
ويفتقد المرضى في المخيم أدوية الأمراض المزمنة كالربو والحساسية والسكري والضغط وأمراض القلب، في حين تنتشر العديد من الأمراض الجلدية كالأكزيما والليشمانيا والجرب، إضافة إلى حالات الزكام والبرد وضربات الشمس وحالات الجفاف أو الإسهال الشديدين، في ظل منع المنظمتان التركيتان لدخول أي من الطواقم الطبية أو مساعدات من جهات أو منظمات أخرى كون المخيم تحت إشرافهما.
الخدمات
يفتقد المخيم أيضاً كافة أشكال الخدمات الأساسية اللازمة للحياة، حيث تعتبر مشكلة الصرف الصحي المشكلة الأساسية في المخيم فقد أنشأت منظمة أفاد مجموعة من الكرفانات تحوي عدداً من المراحيض العامة والتي تعاني مشاكل في تصريف المياه الملوثة إلى جانب شح شديد في المياه وسوء النظافة، الأمر الذي دفع الكثير من سكان المخيم لقضاء حوائجهم في الأراضي الزراعية، واستخدام مياه نهر عفرين لأغراض النظافة الشخصية والاستحمام،حيث سجلت حالتي غرق لطفل ولبالغ في النهر خلال استحمامهم فيه.
ويفتقد المخيم أيضاً لخدمات الكهرباء والغاز وترحيل القمامة ، وتصريف المياه المطرية، حيث يتحول المخيم إلى مستنقع موحل عند سقوط الأمطار التي تجتاح الخيم، وقد تتسبب في تحطيمها نتيجة افتقادها للعوازل المطرية.
وقد حاول سكان المخيم إيجاد حلول لمشاكلهم على نفقتهم الشخصية، حيث قام بعض السكان باقامة دورات مياه خاصة إلى جانب خيامهم من البلوك رغبة في الحصول على بعض الخصوصية، كما حوّلوا تمديداتها الصحية إلى حفر مجاورة يقومون بتفريغها يدوياً، وأقام البعض خيماً مشتركة للطبخ، ورفع بعضهم جدران حجرية من البلوك الاسمنتي حول الخيام لمنع دخول مياه الأمطار، وقام آخرون بفرش طبقات بسيطة من الرمال أمام خيمهم لردم الطريق الموحل .
إلا أن عناصر الشرطة الحرة قامت في شهر تشرين الأول 20118 بعد عدة إنذارات بإزالة المخالفات جانب الخيام وهدم الغرف وجدران الحماية بالقوة، تحت ذريعة أن هذه المخالفات تُضر بسكان المخيم نتيجة إقامتها بشكل عشوائي، بالإضافة لقيام بعض السكان بسرقة الخزانات وبعض الحنفيات من المراحيض العامة وتركيبها قرب خيمهم.
ويغيب عن المخيم أي نشاط تعليمي أو مدرسة، إلا أن بعض المتطوعين قاموا بتحويل إحدى الخيم إلى مدرسة بسيطة يقومون خلالها بتقديم بعض النشاطات التعليمية لعدد محدود من الأطفال.
الوضع الاقتصادي
لا يوجد أي مصدر دخل لسكان المخيم وخاصة مع انعدام فرص العمل في المخيم أو في القرية القريبة، كما لا يتلقون أية مساعدات مادية أو عينية باستثناء المساعدات الغذائية التي تقدمها أفاد، مما يضطر بعض السكان إلى بيع جزء من حصصهم الغذائية لتأمين المال لقضاء حاجاتهم الأخرى، في حين تتلقى بعض العائلات مساعدات مالية متقطعة من قبل أقاربهم المتغربين.
ونظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية والمعاشية والخدمية يحاول العديد من سكان المخيم الدخول إلى تركيا بطرق غير شرعية، عن طريق مهربين، حيث تصل كلفة تهريب الشخص الواحد حتى 1500 دولار، وقد سجلت العديد من حالات الوفاة برصاص الجندرما التركية خلال محاولتهم العبور ، كما اعتقل العديد منهم وتمت إعادتهم إلى سورية.
اعتصامات متكررة
بدأ سكان المخيم وخاصة الفلسطينيين منهم حملة اعتصامات شبه يومية في منتصف شهر تشرين الأول 2017، طالبوا فيها بتحسين ظروف حياتهم، واتهموا فيها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالتقصير في حق المهجَّرين الفلسطينيين من أهالي دير بلوط وتجاهل احتياجاتهم، مطالبين بخروج الفلسطينيين من الأراضي السورية وتفعيل بند الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين بعد فقدانهم منازلهم في مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، والتأكيد على حق العودة إلى ديارهم وفق البند الـ11 من القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة بشأن اللاجئين الفلسطينيين.