
يعيش رفعت الأسد، قائد سرايا الدفاع التي ارتكبت مجزرة سجن تدمر وعدد كبير من الجرائم الأخرى، في أوروبا منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي
تمر اليوم الذكرى الثامنة والثلاثية لمجزرة سجن تدمر، والتي قامت بها سرايا الدفاع، وهي ميليشيا كان يقودها رفعت الأسد، شقيق رئيس النظام السابق حافظ الأسد.
وكان عناصر السرايا ومجموعة عناصر من اللواء 138 قد وصلت بالمروحيات، قادمة من مطار المزة العسكري، إلى سجن تدمر في الساعة 6:30 من صباح يوم 27/6/1980. وعند وصولهم تم إرسال حوالي 60 عنصراً باتجاه مهاجع السجن، فيما بقيت مجموعة عند الطائرات المروحية التي أقلتهم.
وتولى كل 6-7 عناصر الدخول إلى مهجع من المهاجع، وقتل كل من فيه من السجناء. وبلغ عدد الضحايا وفقاً لتقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان حوالي 1200 معتقل. وقد تم تنفيذ المجزرة خلال أقل من ساعة.
ورغم استهداف هذه المجزرة دون غيرها لمعتقلين في سجنٍ لا يمكن الوصول إليه، ولا يُعرف الداخلون إليه أصلاً، وكان من الممكن أن لا تُعرف أحداثها أبداً، خاصة وأن إمكانية التواصل والتوثيق في ذلك الوقت كانت ضعيفة جداً، حتى في المدن والمناطق المفتوحة، إلا أن المجزرة حظيت بتوثيق مختلف عن أي مجزرة أخرى، حيث أدّت سياسة الإرهاب الخارجي التي اتبعتها الأجهزة الأمنية آنذاك، وعلى رأسها ميليشيا سرايا الدفاع، إلى الكشف عن المجزرة، عندما قام بعض عناصر الميليشيا ممن شاركوا في تنفيذ مجزرة تدمر بالسفر إلى الأردن لاغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران، لكن المحاولة باءت بالفشل، وألقي القبض على المنفذين، وقدموا ضمن اعترافاتهم المصوّرة تفصيلاً لأعمال المجزرة.
لقد شكّلت مجزرة تدمر واحدة من أسوأ الجرائم التي ارتكبت في تلك الحقبة، فقد استهدفت معتقلين عزّل لا يملكون حتى إمكانية الهروب أو الاختباء، وعكست عقلية الانتقام المافيوية التي كانت تتحكم بالنظام آنذاك، ممثلة برأسيه حافظ ورفعت الأسد، حيث استُهدف أشخاصٌ لم يُعتقلوا أصلاً وفقاً لأي قواعد قانونية، ولم تثبت عليهم أي تهم، وفقاً لأي قانون حتى الجائر منها، وكانوا يخضعون أصلاً لعمليات إعدام دورية، كما ستُظهر شهاداتُ المعتقلين الذين حالفهم الحظ بالخروج من هذا السجن لاحقاً.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان، وإذ تستذكر مجزرة سجن تدمر في ذكراها الثامنة والثلاثية، وتستذكر معها كل ضحايا نظام الأسد، الاب والابن، فإنّها تؤكّد أن الجرائم التي ارتكبها هذا النظام لا تسقط بالتقادم، وإن الحماية الدولية التي يحصل عليها مجرمو الحرب، بمن فيهم رفعت الأسد المقيم منذ أكثر من ثلاثين عاماً في أوروبا، لن تمنع من محاسبة الجناة، وأن هذه المحاسبة ينبغي أن تبقى شغلاً شاغلاً لكل منظمات المجتمع المدني، والمشتغلين بالشأن العام عموماً، وأن تتولى كل المؤسسات عمليات التوثيق الاحترافي بشكل مستمر، لضمان حقوق الضحايا وذويهم، وحفظ حقّهم المعنوي في انتظار لحظة حصولهم على حقهم القانوني.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
27/6/2018