اللجنة السورية لحقوق الإنسان
اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2401 بخصوص سورية ، والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من 26-2-2018. ونص القرار على وقف الأعمال القتالية بين كافة الأطراف (باستثناء تنظيم الدولة والنصرة) لمدة ثلاثين يوماً ، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية للأماكن المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، وإجلاء المرضى والمصابين.
لكن روسيا سرعان ما اختصرت القرار الأممي بقرار صادر من موسكو إلى خمس ساعات هدنة لخروج المدنيين في محاولة لتفريغ الغوطة الشرقية من سكانها، وحتى هذا الإجراء لم يصمد أمام التصعيد الجنوني الذي أصبح سيداً للموقف من قبل الطيران الحربي الروسي وقوات النظام وداعميه من دول وميليشيات طائفية أجنبية.
واليوم (27-3-2018) وبعد شهر على بدء تنفيذ القرار، وبانتهاء مدته التي قررها المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن الدولي، ماذا حدث:
- صعد الطيران الحربي الروسي ضرباته الجوية على الغوطة تصعيداً جنونياً ، بالإضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي للنظام وداعمية بحيث تدمرت البنية التحتية والفوقية لبلدات الغوطة الشرقية.
- لم يسمح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المناطق المحاصرة، باستثناء مرة واحدة سرعان ما انسحب فريق الأمم المتحدة من المكان تاركا المساعدات نهباً لسرقتها عند دخولها حدود الغوطة وبعد اكتشاف فساد بعض موادها الغذائية.
- ولم يسمح بإخلاء الجرحى والمرضى إلا مرة واحدة ولعدد قليل مقابل تبادللأسرى في قبضة المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية.
- قتل أكثر من 1900 مدني من سكان الغوطة الشرقية خلال هذه المدة، وهم الذين وثقت أسماؤهم، ناهيك عن الذين دفنوا تحت ركام منازلهم بفعل قصف الطيران الروسي وقصف النظام الصاروخي ولم يبلغ عنهم أحد.
- وبعد سقوط كثير من مناطق الغوطة، بدأ النظام والروس بتهجير آلاف من سكان الغوطة وينتظر أن يتبعهم بتهجير آلاف أخرى ليتم استبدالهم بأغراب أجانب من أجل تأمين حاضنة موالية للنظام، وليحصل تغيير ديمغرافي قسري حول العاصمة.
- وما أن تقدمت قوات النظام وحلفاؤه في الغوطة الشرقية حتى شنت موجة واسعة من الإعدامات الميدانية، والاعتقالات العشوائية بالجملة والتي شملت الآلاف من سكان الغوطة، وزجت بهم في مراكز الاعتقا ل السرية، حيث يخشى عليهم من ممارسة التعذيب الشديد، والمفضي في كثير من الحالات إلى الموت. ولم تستثن النساء من أعمال الخطف والاعتقال والممارسة اللاأخلاقية البشعة بحقهن.
- بدأت حملة واسعة النطاق باختطاف الذكور بين سن (16-50) سنة من الشوارع أو اعتقالهم من منازلهم وسوقهم إلى أماكن احتجاز جماعية لزجهم في الصفوف الأمامية في معارك النظام ضد الشعب السوري المعارض للحكم الديكتاتوري القائم.
فماذا فعل المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن، أم غير ممثل به، تجاه ما يحصل في الغوطة الشرقية خصوصاً، وفي سورية عموما بصدد القرار 2401 وتطبيقاته ؟
لم يقم مجلس الأمن ولا الكتلة التي تدعي مناهضة النظام أو تدعي صداقة الشعب السوري بأي خطوة سياسية أو دبلوماسية أو تقنية أو غير ذلك للجم الاعتداء على حياة المدنيين وممتلكاتهم وحقوقهم في أرضهم التي عاشوا فيها منذ قدم التاريخ.
لقد عجز مجلس الأمن عن مجرد استنكار المجازر على مدار الساعة بصورة تليق به كراعٍ للأمن والسلم العالميين.
ولقد عجز عن تقديم المساعدة للمحاصرين والمرضى والجرحى ولم يعر الكثير من الاهتمام كعادته في توزيع المساعدات التي يأخذ منها النظام وحاضنته غير المحتاجة حصة الأسد.
لم يكن مجلس الأمن في يوم من الأيام جاداً في رفع معاناة الشعب السوري ليس فقط بسبب الفيتو الروسي المتراكم، ولكن لعدم وجود رغبه، وهذا يذكرنا كيف انتفضت 22 دولة غربية دبلوماسياً ضد الإجرام الروسي بسبب تسميم عميل روسي سابق في بريطانيا، دون الالتفات أو الرجوع إلى أي شرعية دولية، وتغافلت عما يقوم به النظام السوري وروسيا وإيران من استخدام كل الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا بما في ذلك الكيميائية ، ومع ذلك فلم يقم أي من هذه الجهات بخطوة واحدة جادة لوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وهي ترقب كل الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب على الأرض السورية تدعو المجتمع الدولي للوقوف الجاد ضد الجنون الروسي ودعمه المحموم لنظام ديكتاتوري استبدادي فئوي خطر على مواطنيه وعلى الإقليم وعلى المجتمع الدولي وصانع ماكر للإرهاب، وبالتالي فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل جزءاً من المسؤولية نتيجة خذلانه للشعب السوري المناضل من أجل حريته وكرامته.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
27-3-2018