بدأت قوات الجيش السوري وميليشيا سرايا الدفاع هجوماً على مدينة حماة في 2/2/1982، واستمرّت العمليات العسكرية مدة 27 يوماً، وشملت سلسلة متواصلة من المجازر في مختلف أحياء المدينة، مما أسفر عن مقتل حوالي 30 ألف شخص، وفقاً لتقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان، منهم نحو عشرة آلاف شخص لم يُعرف مصيرهم إلى الآن. كما أدّت الهجمات إلى تدمير جزء كبير من المدينة، بشكل يشبه ما تعرضت له أحياء في مدينة حمص وحلب خلال السنوات السابقة.
وقد خلّفت المجزرة عدداً غير محدد من الانتهاكات طويلة المدى، حيث لم تقم الدولة بالاعتراف بهذه المجزرة، وبالتالي فلم يعاد الاعتبار للضحايا ولم تنصف أسرهم. فقد بقي الضحايا دون تعويض عن خسائرهم المادية، كما بقيت آلاف الأسر تواجه مشاكل اجتماعية وقانونية نظراً لعدم معرفتها بمصير أبنائها، أو لمقتل كامل الأسرة في المجزرة، وعدم تمكّن الأقارب من متابعة الأملاك، وحصر الإرث الخاص بهذه الأسرة، بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالزواج والنسب، نتيجة لغياب الأب، وعدم معرفة زوجته بمصيره..الخ!.
وشهدت المجزرة تعتيماً إعلامياً كاملاً آنذاك، نتيجة قطع الاتصالات عن المدينة بالكامل، وعدم السماح بالدخول والخروج من المدينة، وبالتالي فلم يصل من أخبار المجزرة وصورها إلا القليل. ولم يصدر أي خبر عن المجزرة إلا بعد بضعة أسابيع على انتهائها.
وإضافة للتعتيم الإعلامي الذي فُرض أثناء المجزرة، فلم تتمكن المنظمات الدولية والمحلية من جمع أسماء الضحايا وتوثيق الانتهاكات، حيث أنّ السنوات التي تلت المجزرة، كانت الأشد قسوة في تاريخ سورية.
لقد مثّلت مجزرة حماه ذروة حالة القمع في سنوات الدم التي امتدّت منذ أواخر السبعينيات، وحتى وفاة حافظ الأسد عام 2000، في نموذج تمثّله ابنه من بعده في تعامله مع الحراك الشعبي الذي بدأ في مارس/آذار 2011، والمستمر حتى الآن.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان في الذكرى السادسة والثلاثين للمجزرة تؤكّد على أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، كما تؤكّد على أن تعطيل مبدأ المحاسبة، وعدم احترام المجتمع الدولي لقواعد حقوق الإنسان، بشكل تاريخي وممنهج، أسّس لموجات التطرف التي تشهدها سورية والمنطقة، كما سيستمر في دعم هذا التطرف في الفترات اللاحقة، ما لم يتم تغيير هذه السياسة.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
2/2/2018