في 21/8/2013 تعرّضت الغوطة الشرقية لقصف بصواريخ تحمل غازات سامة، مما أدّى إلى مقتل 1300 شخص خلال بضع ساعات، وإصابة حوالي 2000 شخص آخرين باختناقات مختلفة، في أكبر مجزرة عرفتها سورية منذ عام 2011.
أدّى هذا الهجوم آنذاك إلى ردّة فعل دولية كبيرة، حيث تحوّل إلى مركز اهتمام وسائل الإعلام الدولية والأوساط الدبلوماسية، وبدأ الحديث في واشنطن عن احتمالية توجيه ضربة عسكرية إلى دمشق. لكن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تراجع عن مشروع الاستهداف العسكري للنظام. وقام وزيرا الخارجية الأمريكي والروسي بمباحثات مطوّلة، انتهت إلى توقيع برنامج مشترك، سلّم النظام بموجبه ترسانته الكيميائية إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ليتم تدميرها على متن سفينة أمريكية. وأُقرّ هذا الاتفاق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2118.
وقد شكّل قرار مجلس الأمن رقم 2118، والصادر عن جلسة المجلس في 27 أيلول/ سبتمبر 2013 مفصلاً مهماً في ملف الأسلحة الكيميائية السورية، حيث كان أول قرار يصدر بالإجماع عن المجلس فيما يتعلق بسورية، وأول قرار من المجلس يُخصّص بالكامل للحديث عن السلاح الكيميائي السوري. وأيد القرار إجراءات المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتعجيل بتفكيك البرنامج السوري للأسلحة الكيمياوية، وإخضاعه لتحقيق صارم.
لكن القرار الدولي، مثله مثل بقية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بشأن سورية، امتنع عن اتهام أي طرف في الهجوم، واكتفى بسردية تُشير ضمناً لا صراحة إلى النظام السوري.
ورغم تسليم النظام السوري لكل ترسانته المفترضة من الأسلحة الكيميائية، إلا أن الهجمات بهذه الأسلحة لم تتوقف، وكان آخرها الهجوم على خان شيخون في 4/4/2017، والذي أدّى إلى مقتل 104 أشخاص، وتحوّل هو الآخر إلى حدث دولي لبضعة أيام، خاصة بعد قيام الولايات المتحدة بضربة رمزية لمطار الشعيرات الذي انطلقت منه الطائرات التي قامت بالهجوم.
وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية قد حددت في 13/1/2017 لأول مرة قائمة بمسؤولين عسكريين وسياسيين في النظام السوري، واتهمتم بأنّهم أعطوا الأوامر باستخدام الغازات السامة في هجمات ارتكبت في عامي 2014 و2015. وضمّت القائمة الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد. في الوقت الذي تدعو فيه الأمم المتحدة ومعظم دول المجتمع الدولي إلى التحاور المباشر مع بشار الأسد، بما يضمن بقاؤه في السلطة لمرحلة انتقالية على الأقل.
إن إصرار المجتمع الدولي على تجاهل الجناة، وتسخير كل جهوده لمنحهم فرصاً ومسارات للإفلات من العقاب، شجّع على تنفيذ المزيد من الجرائم، والتي أدت في مجملها إلى مقتل حوالي نصف مليون سوري، وتهجير نصف السوريين من بيوتهم.
وإذا تدعو اللجنة السورية لحقوق الإنسان في الذكرى الرابعة لمجزرة الغوطة الشرقية إلى بذل كل الجهود لجلب الجناة إلى العدالة، فإنّها تؤكّد أن أي حل سياسي يسمح لمجرمي الحرب بالإفلات من العقاب، ناهيك عن حل يُبقيهم في مواقع السلطة، إنما يُشكّل وصفة لتوسّع دائرة العنف، ولدفع مزيد من الشباب إلى أتون العنف والتطرف.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
21/8/2017