في 27/6/1980 شهد سجن تدمر الصحراوي واحدة من أبشع المجازر الموثقة في فترة الثمانينيات، بعد أن قام عناصر من سرايا الدفاع، برئاسة رفعت الأسد آنذاك، باقتحام السجن وقتل أكثر من ألف معتقل أعزل في داخله خلال ساعات.
ورغم أن عقد الثمانينيات شهد عدداً كبيراً من المجازر والانتهاكات الضخمة، إلا أن معظمها لم يُكتب له التوثيق بشكل مفصل، نظراً لغياب تكنولوجيا الاتصال آنذاك، بما منع نقل الأحداث والتفاصيل وتوثيقها بالشكل الذي يجري هذه الأيام في سورية. لكن عدداً محدوداً من هذه الانتهاكات وجد طريقه للتوثيق بشكل معقول، وكانت مجزرة سجن تدمر واحدة من أهمها، رغم أنها نظرية الأكثر صعوبة من حيث التوثيق، وكان من الممكن أن لا يُعرف عنها شيء أبداً.
لقد مثّلت مجزرة سجن تدمر نموذجاً مصغراً على العقلية الإجرامية التي حكمت سورية منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، والتي تقوم على الانتقام من المدنيين والعزّل بأشنع الطرق. وهو ما ظهر بشكل واضح في العمليات الانتقامية التي استهدفت المدنيين في كل المدن السورية التي شهدت احتجاجات شعبية منذ عام 2011 وحتى الآن.
لقد تمكّن الجناة خلال العقود المنصرمة من الإفلات من العقاب نتيجة لغياب الإرادة لدى المجتمع الدولي بمحاسبتهم، أو حتى بتطبيق أدنى معايير الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد تمكّن المتهم الرئيسي في مجزرة سجن تدمر من العيش والعمل بحرية في أوروبا خلال كل العقود الماضية، كما أن وزير الدفاع منذ عام 1972 وحتى 2004، والذي توفي اليوم في باريس، تمكّن أيضاً من العيش بحرية في سنواته الأخيرة، رغم دوره الرئيسي بناء على موقعه في هرم السلطة الأمنية والعسكرية.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وأذ تحيي الذكرى السابعة والثلاثين للمجزرة، فإنّها تؤكّد أنها ستستمر في إحياء ذكرى الضحايا في هذه المجزرة وفي كل المجازر الأخرى حتى تتحقق العدالة للضحايا وذويهم وللمجتمع السوري ككل.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
27/6/2017