في 2/2/1982 كانت مدينة حماة على موعد مع المجزرة الأكبر في عهد الأسد الأب، حيث بدأت قوات من الجيش السوري، وعلى رأسها سرايا الدفاع التي كان يرأسها رفعت الأسد، شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد، تطويق المدينة وقصفها، قبل أن تقوم باقتحامها، وارتكاب مجازر في معظم الأحياء، بالإضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة من السكان.
وشهدت المجزرة تعتيماً إعلامياً كاملاً آنذاك، نتيجة قطع الاتصالات عن المدينة بالكامل، وعدم السماح بالدخول والخروج من المدينة، وبالتالي فلم تصل من أخبار المجزرة وصورها إلا القليل.
وبالإضافة إلى التعتيم الإعلامي الذي فُرض أثناء المجزرة، لم تتمكن المنظمات الدولية والمحلية من جمع أسماء الضحايا وتوثيق الانتهاكات، حيث أنّ السنوات التي تلت المجزرة، كانت الأشد قسوة في تاريخ سورية.
لقد مثّلت مجزرة حماه ذروة حالة القمع في سنوات الدم التي امتدّت منذ أواخر السبعينيات، وحتى وفاته عام 2000، في نموذج تمثّله ابنه من بعده في تعامله مع الحراك الشعبي الذي بدأ في مارس/آذار 2011، والمستمر حتى الآن.
كما ساعدت مجزرة حماة على التأسيس الكامل لدولة الرعب، القائمة على البطش بالسوريين، معارضيين وغير معارضين، كباراً أو أطفالاً، نساء أو رجالاً. وأعيد إحياء نهج حماة في عام 2011 عندما تمّ استدعاء من بقي حيّاً ممن قادوا حملات القمع في سنوات الدم، وتم تنفيذ النهج بشراسة منذ ذلك الحين، لتتحول سورية بأكملها إلى “حماة 1982”!
لقد ساعد المجتمع الدولي الجناة في مجزرة حماه على الإفلات من العدالة كل هذه السنوات، بل وقدّم لهم الحماية، وسمح لهم بالإقامة والتنقل بحرية في أوربا.
إن جريمة مجزرة حماه، مثلها مثل بقية المجازر والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، لا يُمكن أن تسقط بالتقادم، ولا يمكن للجناة أن يفلتوا من العقاب. وعلى المجتمع الدولي أن يعمل بشكل حثيث على ترسيخ منظومة حقوق الإنسان في سورية، لما في ذلك من أثر على المنطقة برمتها، بدلاً من تركيز الجهد على كيفية إيجاد مخارج آمنة للجناة، ومنع تقديمهم للعدالة.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
2/2/2017