يقع حي الوعر في الجزء الغربي من مدينة حمص، وهو آخر الأحياء التي تُسيطر عليها المعارضة المسلحة في المدينة، بعد إخراج المسلحين من بقية أحياء المدينة في شهر أيار/مايو 2014.
كان يعيش في الحي في عام 2011 حوالي 50,000 نسمة، ليرتفع العدد في منتصف 2012 إلى حوالي 280,000 بعد وصول أعداد كبيرة من النازحين إليه من بقية أحياء المدينة. لكن الحصار والاستهداف الذي شهده الحي منذ ذلك الوقت دفع معظم هؤلاء لمغادرة الحي إلى خارج سورية أو إلى مناطق أخرى، ليصل عدد السكان حالياً إلى حوالي 75,000 نسمة، منهم حوالي 1700 طفل رضيع، و1000 من ذوي الاحتياجات الخاصة، و1100 من ذوي الأمراض المزمنة.
دخل الحي في هدنة مع قوات النظام في أواخر قوات النظام، حيث خرج من الحي 300 مقاتل في 9/12/2016 مقابل السماح بدخول المساعدات إلى الحي. وبالفعل دخلت عدد من قوافل المساعدات الإنسانية إليه منذ ذلك الوقت وحتى منتصف شهر آذار/مارس 2016 تقريباً.
في 12/3/2016 أغلقت قوات النظام معبر دوار المهندسين، وأعادت الحصار على الحي، بالتزامن مع رفع وتيرة الهجمات بالمدفعية وقذائف الهاون وقنابل النابالم والقنابل العنقودية.
الحصار يخنق الوعر
بدأ فرض الحصار على حي الوعر بالتزامن مع أحياء حمص القديمة في بداية شهر حزيران/يونيو 2012، واستمر بشكل كامل أو جزئي حتى الآن. ويُعدّ الحي من أكثر المناطق السورية تأثراً بالحصار لعدّة أسباب، أهمّها:
- الكثافة السكانية العالية، نتيجة للعدد الكبير من النازحين الذين قدموا إليه بالإضافة إلى السكان المحليين الموجودين فيه أصلاً.
- عدم وجود أي موارد طبيعية داخل الحي، على خلاف مناطق الغوطة الشرقية مثلاً، والتي تُمكّن السكان المحاصرين من الحصول على موارد زراعية. ولا يتمكّن سكان الحي من الوصول إلى بساتين الوعر في شرق الحي نتيجة لوجود قناصة قوات النظام على المباني المرتفعة المطلّة على المناطق الزراعية المنخفضة.
- إحاطة الحي بالكليات العسكرية التي تُمكّن من إحكام الحصار بشكل مطبق، حيث تُحيط به كلية المشاة والكلية الحربية وكلية الدفاع الجوي والكلية الرياضية وكلية المعلومات.
ماذا بعد؟
دخلت لجنة من الحي في مفاوضات مع قوات النظام، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص الحي بعد اشتداد وطأة الحصار الذي يواجهه الحي.
وتُقدّم قوات النظام خيار خروج المقاتلين ومن يرغب من الحي، مقابل دخول قوات النظام إليه ورفع الحصار عنه، بما يُعرض عشرات الآلاف من المدنيين في الحي لخطر الاعتقال والتعذيب بعد ذلك، في تكرار لسيناريوهات مشابهة جرى تنفيذها في مناطق أخرى، وخاصة في ريف دمشق، وهو ما سيدفع عدداً كبيراً من المدنيين لمغادرة الحي إذا ما جرى مثل هذا الاتفاق.
إن عمليات التهجير التي تفرضها قوات النظام في ريف حمص وريف دمشق تحت تهديد سلاحي الحصار والقصف تمثّل جريمة ضد الإنسانية، حيث يتم تغيير البنية الديموغرافية للأرض السورية، ويساعد على فرض حلول الأمر الواقع في أي حل سياسي مقبل.
إن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يمكن أن تقوم بوقف هذه الجرائم من خلال الضغط الحقيقي لإدخال المساعدات إلى حي الوعر، بما يكفي السكان لمقاومة الضغوط التي يواجهونها بفعل الحصار. وهو ما لم يُظهر المجتمع الدولي جدية في تنفيذه خلال الفترات الماضية.