
يضمّ سجن حماة المركزي حوالي 1000 معتقل، منهم حوالي 600 معتقلون على خلفية تهم تتعلق بأنشطة مناهضة للنظام
دخل السجناء في جناح الإرهاب والشغب في سجن حماة المركزي في استعصاء عام، احتجاجاً على سياسات التعذيب التي تقوم بها المفرزة التي شكّلها مدير السجن مؤخراً.
وأدّى الاستعصاء إلى استدعاء كتيبة حفظ النظام إلى السجن، حيث أظهر فيديو سرّبه المعتقلون من داخل السجن انتشار سيارات الأمن في باحة السجن، فيما أشارت تقارير لاحقة إلى أن قوات الأمن والسجانين قاموا بسحب بعض المعتقلين وبدؤوا بتعذيبهم.
فيديو سرّبه المعتقلون اليوم من داخل السجن
وبحسب الفيديوهات التي تم تسريبها من داخل السجن، فإنّ المعتقلين قاموا بإغلاق أبواب الجناح الذي يتواجدون فيه، وقاموا بإسنادها بأبواب أخرى ربما تمّ خلعها من داخل الجناح.
وفيما يلي تقرير خاص عن سجن حماة المركزي، بالاعتماد على مقابلات قامت بها اللجنة السورية لحقوق الإنسان مع معتقلين سابقين في السجن. فيما تقوم اللجنة على إعداد تقارير خاصة عن سجني عدرا والسويداء ليتم نشرها في الأيام القليلة المقبلة.
المعتقلون في السجن
يضمّ سجن حماة المركزي حوالي 1000 معتقل، يتوزّعون على أجنحة، وفقاً للتهم التي اعتقلوا على أساسها، حيث يضم السجن: جناحاً للسرقة، وجناح القتل (وهو أصغر الأجنحة، حيث يضم حوالي 50 سجيناً)، وجناح الدعارة والاغتصاب، وجناح المحكومين، وجناح المخدرات، وجناح المتفرقة (الجرائم الأخرى)، بالإضافة إلى جناح الإرهاب والشغب (وهو الأكبر حالياً، حيث كان يضم حوالي 450 معتقلاً قبل عامين، ثمّ أصبح الآن يضمّ حوالي 600 معتقلاً، بعدنا نُقل إليه حوالي عدد من سجناء سجن عدرا).
ورغم أن معظم المعتقلين في جناح الإرهاب والشغب مدانون بتهم متفرقة تتعلق بالمشاركة في الحراك المناهض للنظام، إلا أنّ معظمهم لم يُشارك في أي نشاط مهما كان، وتم اعتقالهم من الحواجز الأمنية في مناطق مختلفة، وأجبروا تحت التعذيب على الاعتراف بتهم تتراوح من تمويل الإرهاب (وهي تهمة مشتركة تقريباً لمعظم المعتقلين) إلى المشاركة في أعمال عسكرية (هناك طفلة من حلب عمرها 12 عاماً متهمة بتمويل الإرهاب، فيما يُتهم شخص شبه أعمى بمشاركته في الأعمال العسكرية كقناص!).
إدارة السجن
تم تغيير قائد السجن قبل عدة أشهر، حيث تولّى قيادته العميد زياد المحمد (وهو من محافظة دير الزور)، وكان يُدير قبل ذلك سجن اللاذقية، ويعاونه كل من النقباء: يوسف علي الوحيش من السفيرة، وياسر من حلب، وعماد العلي من جبلة، وعبد المعين من كفر البطون.
ومنذ استلامه لمنصبه، قام العميد المحمد بفرض سياسة صارمة على المعتقلين، وقام قبل أيام بتشكيل مفرزة خاصة بالتعذيب، أدّت إلى بدء استعصاء السجناء هذا اليوم.
ويعدّ هذا الاستعصاء متابعة لعدد من الأنشطة الاحتجاجية السابقة، ففي 21/6/2015 (والذي صادف بداية شهر رمضان الماضي) أضرب السجناء عن طعام السجن، فقام مدير السجن باستدعاء المحامي العام من حماة، والذي قام بدوره بمقابلة 25 سجيناً، ووعدهم بتحسين ظروفهم، لكن السجناء الخمس والعشرون الذين قاموا بمقابلته نُقلوا بعد المقابلة إلى سجون السويداء واللاذقية كعقاب لهم.
الأوضاع داخل السجن
يُعاني السجناء من الخدمات السيئة داخل السجن، حيث يُقدّم لهم طعام رديء، يدفعهم لتجنبه وشراء الطعام بالاعتماد ما يصلهم من ذويهم من أموال، وهو أمر يرهق الأهالي نتيجة لغلاء الأسعار داخل السجن.
كما يُعانون من تردّي الأوضاع الصحية للسجن، حيث يتولى طبيب واحد مسؤولية السجناء جميعاً، ولا يقوم أصلاً بفحص المرضى منهم، ويكتفي بإعطاء المسكنات فيما إذا قرر تقديم العلاج للمريض، مهما كان نوع مرضه.
كما يُعاني المعتقلون في السجن من الانتهاكات التي يتعرّضون لها أثناء نقلهم للمحاكمات أمام ما يُسمّى بمحكمة الإرهاب في دمشق، حيث يتم نقلهم بدوريات إلى سجن حمص، فيتم إيداعهم هناك لمدة أسبوع تقريباً في غرفة تُسمى بغرفة الأمانات، قبل أن يُنقلوا إلى دمشق، ويعودوا إلى الأمانات مرة أخرى، في انتظار إعادتهم إلى سجن حماة المركزي.
وفي مقابلات أجرتها اللجنة السورية لحقوق الإنسان مع معتقلين سابقين في السجن فإنّ غرفة الأمانات تبلغ أبعادها حوالي 5 أمتار عرضاً وبطول 6 أمتار، وتتسرّب مياه الصرف الصحفي إليها، وتقع تحت الأرض، مع شباك صغير جداً قرب السقف.
ورغم المساحة الصغيرة للغرفة، فإنّه يتواجد فيها عادة من 100-150 شخصاً، وهي متسخة جداً، ويُمنح السجين بطانية عسكرية مليئة بالقمل، مما ينقل القمل إلى كل السجناء الموجودين في هذه الغرفة.
وإلى جانب هذه الغرفة تقف غرفة تُسمى بغرفة مساجين الاحترازي، وفيها حوالي خمسة سجناء، يكونون من الموالين للنظام ممن يُعاقبون على جرائم مختلفة، حيث يتولّى سجناء الاحترازي استغلال السجناء في غرفة الأمانات، فهم من يقومون ببيعهم الطعام، كما يُمكّنونهم من الاتصال بذويهم من خلال الهواتف النقالة التي يحملونها، حيث تُكلّف الدقيقة الواحدة للاتصال المحلي لدى سجناء الاحترازي 50 ليرة.