قيل إنّ مواطنين لبنانيين اعتقلتهم القوات السورية خلال احتلالها لبنان بين عامي 1976 و2005، حُرِّروا عندما استولى مقاتلو داعش على مدينة تدمر وأطلقوا سراح سجناء سجن تدمر الشهير بقسوته والواقع في هذه المدينة ذات الإرث التاريخي.
محطة mtv التلفزيونية اللبنانية كانت ذكرت الخبر الخميس الماضي عقب ساعات قليلة على سقوط المدينة في يد داعش، معلنةً أنّ 27 معتقلاً لبنانياً، بينهم خمسة مسيحيين، بعضهم مسجون منذ أكثر من 35 عاماً تم تحريرهم. ولم تستطع لا وزارة الداخلية اللبنانية ولا أي منظمة تمثّل حقوق عائلات المعتقلين والمفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية تأكيد الخبر.
ويُقال إنّ أكثر من 600 رجل اعتُقلوا أو فُقِدوا على يد قوات الاحتلال السورية في لبنان. العديد منهم كانوا مسجونين في تدمر وسجون أخرى في سوريا. معظمهم سجناء سياسيون، وأعضاء في الميليشيات اللبنانية- المسيحية، وضباط في قوى الأمن الللبناني وحتى جنود لبنانيون.
وعلى مر السنين، جرى إطلاق سراح العديد من المعتقلين. ومن بين آخر المُفرج عنهم يعقوب شمعون، الذي عاد إلى لبنان عام 2012، بعد 17 سنة من السجن. وقد اعتُقل لعضويته في الكتائب اللبنانية المسيحية المعادية للسوريين وحُكم بالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة بتهمة التعامل مع إسرائيل.
يمكن لاحتمال اطلاق سراح سجناء لبنانيين من تدمر أن يُشكّل إثباتاً على سجن سوريا لمواطنين لبنانيين، وهذا الأمر يمكن أن يعرضها للخضوع الى المحاكم الدولية لمحاسبة الحكومة في دمشق. “إذا كان هذا الأمر صحيحاً، فهو يعني بأنّه دليل على وجود معتقلين لبنانيين في سوريا ويفتح الأبواب امام العدالة”، قال لـNOW غازي عاد، رئيس جمعية دعم اللبنانيين المعتقلين والمنفيين (سوليد).
السجناء اللبنانيون
لم يسبق أن اعترفت الدولة السورية بوجود سجناء سياسيين لبنانيين لديها، ولكن من حين الى آخر يتم اطلاق سراح سجناء ويعادون الى ديارهم في لبنان سراً. العديد من بينهم يأتون محملين في نعوش. تتم العملية بسرية، وغالباً تحت التهديد بالقتل، وقلة من بينهم تجرأوا على التصريح عن الأمر.
علي أبو دهن هو أحد المعتقلين اللبنانيين السابقين في سوريا. تمّ اعتقاله في تدمر عام 1989. “كان يوجد أكثر من 100 لبناني”، قال، لكنه لا يتذكّر سوى السجناء الذين كانوا معه في الزنزانة: أي شامل كنعان، وهو رقيب في الجيش اعتُقل عام 1986، وعلاء الدين حسن الذي اعتُقل عام 1987، وسعيد علي الحاج، الذي اعتُقل عام 1989، وجمال ياسين، الذي اعتُقل عام 1987. وقال أيضاً إنّ الطريقة الوحيدة لاكتشاف الحقيقة هي عبر اتصال وزارة الخارجية اللبنانية بتركيا أو بقطر وبكل طرف لديه صلات بداعش أو بجبهة النصرة من أجل مساعدة الحكومة اللبنانية على استرجاع مواطنيها المحررين.
ومع ذلك فمن غير الواضح إذا كان المواطنون اللبنانيون كانوا لا يزالون في السجن عام 2015. فقد تم إغلاق السجن لعشر سنوات، من 2001 حتى 2011. وأعيد فتحه لكي يضم كما قيل 350 سجيناً متّهمين بتنظيم مظاهرات مضادة للنظام في بداية الثورة ضد الأسد.
تجنّب السؤال
في آذار 2008، أطلقت الحكومة السورية 100 سجين لبناني من مراكز اعتقال موزّعة في أنحاء البلاد، ما دفع المنظمات الدولية الى إدانة الحكومة في دمشق لاعتقالها الاعتباطي لمواطنين أجانب.
وكانت قضية المعتقلين مدار أخذ ورد بين الحكومتين السورية واللبنانية منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005. وعام 2008، عندما استأنفت السلطات السورية واللبنانية العلاقات الدبلوماسية فيما بينها، تلقت وزارة العدل اللبنانية قائمة بأسماء سجناء لبنانيين معتقلين في سوريا. غير أنهم كانوا مجرمين عاديين مسجونين بتهم تهريب، ومخدرات، وحتى بالبغاء.
وفي العام نفسه، قيل إنّ الرئيس ميشال سليمان الذي كان منتخبا جديداً آنذاك سأل بشار الأسد نفسه عن السجناء السياسيين اللبنانيين ولكن قيل له إنّ “هذه ليس مسألة رئاسية”. وأحيلت القضية لسنوات الى المجلس الأعلى اللبناني السوري وهكذا وصلت الى طريق مسدود: حيث قدّم الوفد اللبناني قائمة من الأسماء يعتقدون بأنّ أصحابها معتقلون في سوريا، ليجيب الوفد السوري بالتحري عن مواطنيه الذين فُقدوا في الحرب الأهلية. ولم يتغيّر شيء منذ ذلك الحين، على الرغم من إقامة عائلات المفقودين اعتصامات دورية في بيروت.
معظم السجناء نُقلوا قبل الهجوم
من الصعب التأكد من الشائعات القادمة من تدمر، قال ناشطون سوريون. “لقد سمعتُ في الأخبار وأعلم بوجود لبنانيين معتقلين هناك، ولكن لا يمكنني معرفة ما حصل هناك”، قال أحد الناشطين السوريين لـNOW شرط عدم ذكر اسمه. “حرّر داعش أكثر من 1000 سجين من تدمر. معظمهم جنود منشقّين عن الجيش السوري”، قال ناشط سوري آخر لـ NOW، وأضاف: “لكن معظم السجناء قامت قوات النظام بتحويلهم الى سجون أخرى قبل ان يبدأ هجوم داعش”.
بدوره قال عاد لـNOW: “للأسف، الإشاعات غير صحيحة. هذا تصرف غير مسؤول من قبل الإعلام. فأن تمنح العائلات أملاً بدون طائل هو بمثابة قتلها. الوضع حساس جداً، هو معقد، وفظيع”، دون أن يشير إلى كيف أمكن له التأكد من صحة أو كذب المعلومات، وتابع: “أنا أكيد من أمر واحد في الوقت الحالي. هو بأنهم قاموا بإجلاء من هم في السجن قبل الهجوم عليه”.
عن موقع NOW