بث المكتب الإعلامي لما يسمى بولاية حمص التابع لتنظيم الدولة الإسلامية صورا تظهر ما قال إنه عملية تفجير نفذها عناصر من التنظيم لسجن تدمر العسكري في ريف حمص (وسط سوريا). وأظهرت الصور مراحل تفخيخ السجن قبل أن يتم تفجيره لاحقا وتحويله إلى ركام.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن التنظيم فجر السجن عقب قيام عناصر منه بزرع عبوات ناسفة داخل السجن وفي محيطه، مما أدى إلى دمار في أجزاء واسعة من السجن.
وهي خطوة لاقت جدلا في الشارع السوري وعلى الافتراضي، حيث اعتبرها البعض اغلاقا لكابوس كبير أرعب السوريين لعقود من الزمن واعتبرها اخرون محواً مقصوداً لمسرح جريمة شهد أقذر جرائم العصر، وتدميرا لكثير من الأدلة التي يمكن ان تكون شاهدة في المستقبل على المجرمين والضحايا.
ومنذ لحظة التفجير تداول الشهداء الأحياء ممن كتب له الخروج من هذا السجن الذي كانت تتوسطه عبارة شهيرة (الداخل مفقود والخارج مولود) صور التفجير .
يقول محمد برو وهو ممن قضى فيه 13 عاما:
لم اكن مسرورا بتفجير هذا السجن الرهيب، كنت أتمنى ان يبقى كمتحف يذكر العالم كل لحظة بجرائم اقذر نظام عرفته سوريا، يزوره كل سياح العالم ليقارنوا بين ما تركه ال الأسد من أدوات الموت والبؤس والعذاب وما تركته زنوبيا من أوابد الحياة والحضارة ..
ويقول أبو أسامة الذي قضى فيه معظم فترة الثمانينات:
لا أنكر ابدا انني تشفيت بكل حجرة فيه، لقد كان كابوسا مرعبا اخشى العودة اليه كل يوم .. الان ارتحت تماما، على الأقل لن اخشى على ولدي بعد الان ان يعرف طريق هذا السجن الذي لم يغب يوما عن بيتنا منذ خرجت .. لقد كان حديثنا اليومي عن العذاب والشقاء وارتحت الان منه الى الابد. ليذهب الى الجحيم، رغم اني كنت أتمنى ان يتفجر هذا السجن بسجانيه وليس حجارته.
لماذا فجرت داعش سجن تدمر ؟؟
تساءل الدكتور رضوان زيادة على صفحته:
لا ادري لماذا فجرت داعش سجن تدمر كأكبر دليل على دمار الانسان وامتهانه في عهد سلالة الأسد، كان يجب تحويل سجن تدمر لمتحف يعلم الأجيال القادمة ماذا جرى في عهد الدكتاتور وكيف يمكن ان نتجنب هذا التاريخ الأسود في مستقبلنا .
في حين رأى مدير المرصد السوري لحقوق الانسان في خطوة تفجير السجن الذي يمثل ذاكرة سيئة للسوريين ومن أسوأ رموز النظام أنها محاولة من التنظيم للحصول على شعبية وتعاطف من الشعب السوري الذي نالته الويلات على يد سجاني هذا السجن.
أما الصحفي إبراهيم الجبين فرأى في صفحته أن الحرص على بقاء سجن تدمر قريبٌ من الحرص على بقاء مؤسسات دولة بشار الأسد التي لم تكن أقل إجراما ووحشية من المعتقل الشهير.
وأن الأعوام من ١٩٦٣ وحتى ٢٠١٥ بأيامها ولياليها تحمل ملايين الأدلة التي تدين البعث والأسد الأب والابن ومن معهما.
وأن داعش دمرته لتغسل نفسها وتبدأ عهدها الإجرامي الخاص ولا تعنينا دوافعها.
وقال سجين سابق للسوري الجديد:
ان داعش قصدت من سرعة تفجيرها للسجن عدة أمور، أولها ان تظهر بصيغة الحريص على تنفيذ العدالة بشكلها الانتقامي الثأري حتى من الحجر وثانيها لتقطع الطريق على اتخاذ سجن تدمر كمسمار جحا دوليا وشعبيا والاهم من كل هذا بحسب السجين الذي لازال يسكن المنطقة، ان داعش كعادتها عرفت كيف تستفيد من شهرة سجن تدمر الدموية شعبيا ودوليا وحقوقيا وفي الذاكرة، لتضمن مثل كل مرة شهرة إعلامية جديدة تتناقلها الميديا .
وماذا عن الأدلة وعشرات المفقودين الذين تنتظر عائلاتهم أي معلومة عنهم ؟؟
كتب المهندس عبد الرزاق محمد حسن على صفحته على الفيس بوك:
ليس المقصد من الابقاء على سجن تدمر أن يكون شاهدا على إجرام النظام … لا … ولكن لنبقي عليه كرمز أنه كان سجنا؛ ثم نحوله إلى متحف أو مدرسة أو مطعم سياحي … لنقول للعالم أننا ننشد حياة إنسانية كريمة وبلا سجون … ولنعبر عن إنسانيتنا وسماحة ديننا وأخلاقنا …
الحضارة ليست التقدم العلمي فحسب بل الحضارة لمسة إنسانية للحياة.
بينما رأى الدكتور يحيى العريضي ان محاولة داعش لمحو اثار الجريمة جعلها تثبت كثر، وتساءل : هل تعتقد داعش أو النظام أن إزالة سجن تدمر تفجيراً تلغي وصمة العار؟
أعتقد أن ذلك غَرِس الوصمة أبدياً وعمّقها على جبين الاستبداد وخاصة أن مجرماً سعى الى محي أثر مجرم آخر.
اما الكاتب السوري اسلام أبو شكير فرأى سببا مهما كان يمنع تفجير السجن، فهناك الاف المفقودين لا يعرف احد عنهم شيئا كان يمكن للسجن وادلته ان تساهم في كشف ما خفي من اثارهم ومعرفة ما حصل معهم بعد عشرات السنوات من القلق والاسئلة من أهلهم بانتظار عودتهم او معرفة مصيرهم ليضيف:
الاذكياء الذين فرحوا بتفجير سجن تدمر او استهانوا به، سأكون معكم، لا نحتاج لأدلة إضافية على جرائم الأسد ولا نريد ان يظل المكان موجودا ليذكر أبنائنا وأحفادنا بذلك .
ماذا عن الضحايا؟
هناك عشرات الالاف من الضحايا الذين لا تعرف عنهم عائلاتهم شيئا.
داعش بهذه الفعلة وضعت عقبة أخرى (لربما كانت الأشد صعوبة) امام إمكانية معرفة مصير هؤلاء،أم أن هؤلاء لايهمونكم أيضا ؟؟؟
أما الإعلامي توفيق الحلاق فقد أدان فعلة داعش: “كان يجب أن يكون سجن تدمر مثل باستيل فرنسا، يذهب اليه سياح العالم ليسترجعوا تلك الحقبة الدموية من تاريخ فرنسا، وأن تدميرسجن تدمر تم على يد داعش الأسد.
رغم الجدل الكبير نجح داعش مرة أخرى في جذب الأنظار وهذه المرة من بوابة رعب الذاكرة الدموية السورية، فهل يكمل داعش مابدأه منذ أول فيديو في ابتكار كل مايجذب الميديا اليه من بوابة الرعب ويكمل مابعد سجن تدمر على ماتبقى من تدمر ؟؟
هذا مايخشاه الكثير وان تمنوا ان يكونوا هذه المرة مخطئين فلا تحترق زنوبيا من اجل معركة إعلامية جديدة لتنظيم الرعب داعش …