شهد يوم 27 /6 من عام 1980 مجزرة دامية في قلب صحراء تدمر، نفّذتها ميليشيات سرايا الدفاع بحقّ المعتقلين في سجن تدمر، مما أدّى لمقتل ما يزيد عن 1000 معتقل، تم إعدامهم رمياً بالرصاص وبالقنابل اليدوية.
وقد بقيت أنباء مجزرة تدمر غامضة، كما معظم المجازر التي تمّ ارتكابها في سورية في فترة الثمانينيات، إلى أن تمّ اعتقال المجموعة التي نفّذت محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران في عمّان في عام 1981. حيث كان بعض عناصر المجموعة المنفّذة ممن شاركوا في المجزرة، فقدّموا تفاصيل المجزرة والمسؤولين عنها في التحقيقات التي عرضها التلفزيون الأردني آنذاك.
وبحسب شهادة الرقيب عيسى إبراهيم فياض، والذي تم اعتقاله في الأردن وأدلى بشهادته المتلفزة، فإن المجموعة التي ذهبت إلى سجن تدمر في فجر يوم 27/6/1980 كانت من اللواء 40 (والذي يقوده معين ناصيف زوج ابنة رفعت الأسد) واللواء 138 (الذي يقوده المقدم سليمان مصطفى) التابعين لسرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت الأسد شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد، وكانت المجموعة بقيادة المقدم سليمان مصطفى. وقد انتقلت بالطائرات المروحية إلى باحة السجن في حوالي السادسة والنصف من صباح ذلك اليوم، وتم توزيع عناصر المجموعات إلى ستة أقسام، كل منها توجّهت إلى أحد المهاجع.
ورغم أنّ فترة الثمانينات قد شهدت عدداً كبيراً من المجازر، إلا أنّ هذه المجزرة كانت الأولى التي يتمّ توثيقها من خلال شهادات الجناة وباعترافاتهم المسجلة، كما أنّها قدّمت نموذجاً واضحاً للطبيعة الجرمية لنظام الأسد، والتي لا تتورّع عن ارتكاب مجزرة وحشية بحق المختطفين العزل في واحد من أسوأ السجون سمعة على مستوى العالم.
ورغم قسوة المجزرة، والشهادات الموثّقة من الجناة أنفسهم، إلا أنّ المشرف الرئيسي على المجزرة، والذي أصدر الأوامر بتنفيذها، قائد ميليشيات سرايا الدفاع رفعت الأسد، وجد ملاذاً آمناً في أوروبا منذ عام 1984 وحتى اليوم، وهو الأمر الذي شكّل استخفافاً أوروبياً بكل قيم التضامن في مجال حقوق الإنسان.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وإذ تدعو لمحاسبة مجرمي مجزرة تدمر، وإعادة الاعتبار لضحاياها وضحايا كل المجازر التي تم ارتكابها في سورية منذ بداية الثمانينيات وحتى اليوم، فإنّ تؤكّد أن ممارسات المجتمع الدولي في تشجيع مرتكبي الجرائم على الإفلات من العقاب، وتغليب المصالح السياسية على المنظومة الأخلاقية شجّع بصورة مباشرة على استمرار النظام السوري في ممارسة انتهاكات حقوق الإنسان على مدار العقود الماضية، وتوسّع هذه الانتهاكات بصورة خطيرة في السنوات الثلاث الأخيرة، على يد الرئيس الحالي، ابن الرئيس السابق، وأخيه وأقاربه، بنفس الصورة التي حصلت في بداية الثمانينات.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
27/6/2014