
تعرّضت مدينة دير الزور لقصف بمختلف الأسلحة على مدار ثلاث أعوام-الصورة من The Atlantic
بتاريخ 3/3/2013
تتعرّض مدينة دير الزور لهجوم مركّز من عناصر ما يعرفون بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، بالإضافة إلى استهداف لم ينقطع من قوات النظام السوري.
وكانت داعش قد انسحبت من معظم أنحاء دير الزور في شباط/فبراير الماضي بعد معارك عنيفة مع فصائل مسلحة من المعارضة السورية، لكنها بدأت هجوماً مضاداً في نيسان/أبريل الماضي، وما زال مستمراً إلى اليوم.
ومن الواضح أن داعش تحاول بسط سيطرتها على دير الزور، بحيث يُحكم من سيطرتها على المنطقة الشرقية من سورية، وهي المناطق الغنية بالنفط، ويربطها مع المناطق التي تُسيطر عليها في المنطقة الغربية من العراق.
وكانت قوات من داعش قد بدأت هجوماً على مدينة البوكمال بتاريخ 11/4/2014، إلا أن عناصر من قوات معارضة مع قوات من جبهة النصرة صدّت الهجوم، وأجبرت قوات داعش للتراجع إلى محطة T2 النفطية، والتي سيطرت عليها داعش.
ومع نهاية شهر أيار/مايو 2014 بدأت داعش بفرض حصار على مدينة دير الزور، بالتزامن مع قصف مركز تقوم به قوات النظام السوري بالمدفعية والطائرات للقوات المعارضة لداعش، وبالتزامن مع انقطاع الاتصالات عن دير الزور.
وقد امتدّت المعارك يوم 9/6/2014 إلى بلدة خشام شرق المدينة، مما أدّى إلى قطع إمدادات الكهرباء عن المدينة.
وقد أدّى القصف المستمر من قوات النظام وداعش من جهة، والحصار الذي تُنفّذه داعش على المدينة من جهة أخرى، بعد إغلاق المعبر الشمالي عند جسر السياسية إلى أزمة إنسانية خانقة، وبدأت المواد الغذائية والصحية بالنفاذ، وهي مواد شحيحة أصلاً، نظراً لخضوع المدينة لحصار جزئي منذ نحو عامين، مع استهداف مستمر للمدينة بالطائرات والقذائف لم يتوقف تقريباً منذ عام 2011.
وتُعاني محافظة دير الزور من تردّي الأوضاع الصحيّة فيها بشكل كبير، حتى قبل بدء الحصار الأخير، حيث توقّفت كل المستشفيات الكبرى عن تقديم خدماتها منذ أكثر من عام، كما أن المستشفيات الميدانية تُعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبيّة، ونقص في الكوادر الطبيّة.
وقد سجّلت المدينة العام الماضي أول حالات الإصابة بمرض اللشمانيا (أو ما يسمى بحبّة حلب أو حبة بغداد)، وأول حالات الإصابة بمرض شلل الأطفال، وأعلى عدد من حالات الإصابة بمرض التيفوئيد وشلل الأطفال على مستوى سورية.
ويعود تردّي الأوضاع الصحية في المدينة، وانتشار الأمراض فيها، وخاصة لدى الأطفال، مقارنة مع بقية المدن السورية إلى اعتماد أهالي المدينة على نهر الفرات كمصدرٍ لماء الشرب، في الوقت الذي تَحوّل فيه النهرُ إلى مكبّ لكثيرٍ من المخلفات السّامة، وخاصة مخلفات تكرير النفط.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وإذ تلفت الانتباه إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها مدينة دير الزور، فإنّها تدعو المنظمات الدولية إلى تسليط الضوء على الجرائم التي يرتكبها النظام السوري وتنظيم داعش بحق المدنيين فيها، كما تدعو إلى توجيه المزيد من الدعم الإنساني إلى المدينة، وخاصة في مجال المعونات الصحية وتوفير معدات تنقية مياه الشرب،
كما تدعو اللجنة المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود من أجل محاسبة منتهكي الجرائم التي تجري في سورية، حيث تؤدّي سياسات المجتمع الدولي إلى تشجيع المجرمين على الإفلات من العقاب، وتشجّعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق السوريين، وهو ما يؤدّي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بكل أبعادها يوماً بعد يوم.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان