بدأت قوات المعارضة هجومها على أطراف مدينة كسب الحدودية في يوم 18/3/2014، فيما أُطلق عليه معركة الأنفال، ومع ظهر يوم الجمعة 21/3/2014 كانت قوات المعارضة قد بدأت بالسيطرة على مواقع استراتيجية في المدينة.
وفي 22/3/2014 أسقَطت الدفاعات الجوية التركية طائرة سورية اخترقت المجال الجوي التركي أثناء محاولتها قصف القوات المعارضة. وقد اعتبرت دمشق إسقاط الطائرة من قبل الجيش التركي دعماً مباشراً للمقاتلين المعارضين، وهو ما استندت إليه الادعاءات اللاحقة حول المجازر التي استهدفت الأرمن في كسب.
وقد اضطرت قوات النظام السوري بعد إسقاط الطائرة للتوقف عن استخدام سلاح الطيران، نظراً لعدم إمكانية استخدامه دون المناورة في الأراضي التركية، فعمدت لاستخدام القصف المكثّف بالصواريخ، وهو ما حدا بكثير من سكن كسب للخروج منها، بما ذلك الأرمن، حيث لجأ بعضهم إلى مدينة اللاذقية، فما غادر آخرون إلى لبنان. (مقطع يظهر القصف المكثف على كسب براجمات الصواريخ)
وقد طال القصف العشوائي الذي مارسته قوات النظام ضد كسب إلى تضرر عدد من الكنائس والأماكن التاريخية، ففي يوم 25/3/2014 تعرّضت كنيسة الروم الأرمن في المدينة لقصف، أدّى لإحداث أضرار كبيرة فيها.
مزاعم إبادة الأرمن
بدأت المزاعم باستهداف الأرمن في كسب من قبل قوات المعارضة المسلحة، وحتى من قبل القوات التركية، بعد عدّة أيام من بدء المعارك في كسب، حيث عمدت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام في سورية ولبنان على وجه الخصوص بالترويج لمزاعم بحدوث مجازر بحق الأرمن، بحملة تحمل عنوان “احفظوا كسب”.
وقد علمت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أن شركة للعلاقات العامة في الولايات المتحدة بدأت حملة يوم 27/3/2014 بخصوص هذه المزاعم، بعد توقيعها عقداً مع جهة لم تُحدد.
وقد انتقلت هذه المزاعم إلى الوسط السياسي مع تقدّم وزارة الخارجية الروسية بطلب إلى مجلس الأمن في 1/4/2014 لمناقشة ما أسماه الطلب “مجزرة الأرمن” في كسب، وإعطاء تقييم مبدئي لهذا الحدث.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قد دعى يوم 31/3/2014 على حسابته على تويتر مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة ما أسماه “الجرائم التي ارتكبها مقاتلون متشددون في كسب بحق السكان الأرمن”.
ومن جهتها، أبدت وزارة الخارجية الأمريكية قلقها من استهداف الأرمن في كسب، رغم أنّها لم تتحدّث عن أي انتهاكات محددة، وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم 29/3/2014 بأنّنا “نشعر بانزعاج شديد من القتال والعنف الذي يُهدد الأرمن في كسب بسورية، وأجبر الكثيرين على الفرار”.
لكن الرئيس الشيشاني رمضان قادروف، الموالي لموسكو بشدّة، كان المصدر الوحيد الذي قدّم أرقاماً فيما يخصّ الانتهاكات في كسب، حيث أشار إلى أنّ ما أسماهم “الجهاديين” ينفذون الأوامر بإضعاف البلدان الإسلامية”، وقال إن مقاتلي “جبهة النصرة” و”الجبهة الإسلامية” قتلوا 100 شخص من سكان كسب من أصول أرمينية”.
حقيقة مزاعم الإبادة
لم تُقدّم وسائل الإعلام المؤيدة للنظام، والمتبنيّة لهذه المزاعم، مثلما لم تفعل وزارة الخارجية الروسية وحتى الأمريكية، أي أدّلة تتعلق بالانتهاكات المزعومة، أو أي تفاصيل عنها.
من جهته نفى مختار كسب فاسكن شبريان في تصريح لصحيفة أرمنية يوم 1/4/2014 مقتل أي أرمني في المعارك التي تدور بين المقاتلين وبين عصابات الأسد، كما نفى استهدافهم بشكل مباشر.
ولم تتمكن اللجنة السورية لحقوق الإنسان من الحصول على أي انتهاك استهدف الأرمن بشكل مقصود، سواء من قبل قوات الحكومة السورية أو القوات المعارضة، بينما تستطيع تأكيد نزوح حوالي 500 أرمني من المدينة نتيجة للقصف العشوائي الذي تُمارسه قوات النظام السوري.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان إذ تدعو كافة المقاتلين لاحترام حقوق المدنيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والمذهبية، وتؤكّد بشكل خاص على ضرورة حماية دور العبادة، فإنّها تدعو المنظمات والحكومات إلى التأكّد من الادعاءات المستندة إلى حملات الدعاية، دون وجود أدلّة وشهادات معتمدة، وفقاً للأصول التوثيق الحقوقي.