في ثلاثة أعوام يمكن للطفل أن يتعلّم القراءة والكتابة، وفي ثلاث سنوات يُمكن لطفل في الخامسة عشرة من عمرة أن يُصبح طالباً في الجامعة، غير أن هذا الأمر لا ينطبق على أطفال سورية في أعوامهم الثلاثة الأخيرة!
هكذا بدأ التقرير الخاص الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) هذا اليوم، وحمل عنوان: “تحت الحصار: الأثر المدمّر على الأطفال خلال ثلاثة أعوام من النزاع في سوريا”. وسوف نقدّم هنا عرضاً من اللجنة السورية لحقوق الإنسان لأبرز ما جاء في هذا التقرير الهام.
الأطفال في أرقام
فرّ واحد من كل عشرة أطفال سوريين، بما يبلغ مجموعه 1.2 مليون طفل، فيما ولد 37498 طفل، وهم يحملون صفة اللجوء، وذلك حتى نهاية شهر كانون الأول/يناير 2014.
ومنذ آذار/مارس 2013 إرتفع عدد الأطفال المتضررين من جراء الأزمة الى أكثر من الضعف، حيث زاد العدد من 2.3 مليون إلى أكثر من 5.5 مليون طفل. وتضاعف عدد الأطفال المشردين داخل سوريا أكثر من ثلاث مرات، من 920.000 إلى ما يقرب من 3 مليون طفل. وتضاعف عدد الأطفال اللاجئين بأكثر من أربع مرات من 260,000 إلى أكثر من 1.2 مليون طفل، منهم 425.000 طفلاً دون الخامسة.
وحتى كانون الثاني/يناير 2014، قُتل ما يزيد عن 10.000 طفل. وبحسب التقارير، فإن المعظم قد توفي في الأشهر الأربع والعشرين الأخيرة، كما توجد أدلة تشير إلى استهداف الأطفال بشكلٍ مباشر.
وذكر شهود عيان بأن الأطفال والرضع كانوا يُقتلون برصاص القناصة، أو أنهم كانوا من بين ضحايا عمليات الإعدام السريعة، وبعضهم كان يعذب حتى الموت.
المشاركة في الأعمال العسكرية
تتعدى المخاطر التي يتعرض لها الأطفال الموت والإصابات، إذ يجري استخدام الفتيان بعمر 12 عاماً للمشاركة في دعم عمليات القتال، في حين يتم إشراك البعض الآخر في عمليات الاشتباك والقتال الفعلي، بينما يعمل آخرون كمخبرين أو حراس أو مهربين للأسلحة.
سوء التغذية
لقد كان سوء التغذية يشكّل تحدياً لسوريا حتى قبل النزاع، وارتفع عدد الأطفال الذين يعانون من التقزم- الأطفال الأقصر طولاً مقارنةً مع جيلهم أو اولئك الذين قد لا تنمو أدمغتهم بالشكل الطبيعي- من 23 إلى 29%، بيبين العامين 2009 و 2011 . ومنذ ذلك الحين، دمر العنف المحاصيل وقتل الماشية وهجر المزارعين. كما تجد العديد من المجتمعات التي نجحت في السابق في تحقيق الاكتفاء الذاتي صعوبة في انتاج أو استيراد الغذاء.
الوضع الصحي
لحقت اضراراً مروعة ببنية قطاع الصحة التحتية، فقد دمر أو تضرر بما يقدَر بنحو % 60 من المستشفيات السورية 16 . كما أن % 70 من المراكز الصحية في الرقة وديرالزور وحمص إما تدمّرت أو أنها أصبحت خارج الخدمة 17 أقل من ثلثي سيارات الإسعاف والمراكز الصحية لا تزال تعمل حتى اليوم، في حين تفتقر الصيدليات إلى الأدوية الأساسية، وقد انخفضت معدلات التلقيح في جميع أنحاء البلاد من نسبة % 99 قبل الحرب إلى % 52 فقط 18 في العام 2012.
وبحلول نهاية عام 2012 ، انخفضت كمية المياه النقية التي تستهلكها العائلات في جميع أنحاء سوريا إلى 40 في المائة من مستوياتها قبل الأزمة، وبذلك تُصبح سبباً كبيراً في انتشار الأمراض. فعلى سبيل المثال فإنّ لدى أطفال ديرالزور فرصة 10% للحصول على المياه الآمنة المنقولة بالأنابيب، مقارنةً مع 80% لكل طفل في دمشق. ويجري حالياً معالجة ثلث مياه الصرف الصحي في البلاد فقط، مقابل 70% قبل اندلاع النزاع.
ومنذ تأكيد تفشي مرض شلل الأطفال في محافظة دير الزور في تشرين الأول/نوفمبر 2013 ، رُصدت 25 حالة من المرض في شمال وشرق البلاد، وقد أطلقت اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة المعنية في سبع دول أكبر حملة تلقيح في تاريخ المنطقة لاحتواء الفيروس. وقد تم تلقيح 2.7 مليون طفل سوري على مدى الأشهر الأربعة الماضية، ضمن أربع جولات في داخل سوريا.
الأطفال في اللجوء
بالإضافة إلى ما يُعانيه الأطفال مع أثناء اللجوء، من نقص في الموارد، فإنّهم يُعانون من مشاكل نفسية واجتماعية وعاطفية، نتيجة لما عاشوه من تجارب قبل اللجوء، أو نتيجة لظروف اللجوء ذاتها.
ففي مخيم الزعتري للاجئين في الأردن تبين أن ثلث الأطفال يُظهرون عرضاً من أعراض السلوك العدواني وإيذاء الذات. كما أن العنف الأسري في ازدياد، أما الأطفال الذين هم في طور الانتقال إلى مرحلة المراهقة فإنهم قد يلجؤون إلى استراتيجيات خطرة لمواجهة ما يمرون به. فمعدلات التسرب المدرسي هي الأعلى بين الأطفال الأكبر سناً ، وكثير منهم لديه مشاعر شديدة من الإحباط والعار والغضب في خضم الفوضى المحيطة بهم. وهؤلاء الأطفال معرضون لخطر الانجراف في الجريمة والإدمان والعنف.
التعليم
خلال ثلاث سنوات تم تدمير حوالي خُمس المدارس في سوريا كلياً أو جزئياً، أو تحولت إلى ملاجئ، أو وقعت تحت سيطرة الجماعات والقوات المسلحة. كما توقّف العديد من المعلمين عن الذهاب إلى عملهم، وهو ما أدى الى حرمان حوالي 3 مليون طفل في داخل سوريا ودول الجوار من التعليم، وهو نصف عدد الأطفال الذين ينبغي لهم أن يكونوا طلاباً في المدارس.
وفي دول اللجوء ، لا تملك بعض العائلات الوثائق اللازمة لتسجيل أبنائها في المدارس التي تبعد -في الكثير من الأحيان- كيلو مترات طويلة عن أماكن تواجدهم.
وتخطط منظمات الإغاثة لتوفير التعليم لنحو 435,000 طفل في سن المدرسة في لبنان، وهو أكثر من
عدد الأطفال اللبنانيين المسجلين حالياً في المدارس الحكومية. أما في الأردن فإذا استمر تدفق اللاجئين على النحو الحالي فإن على الشركاء التكفل بتعليم طفل سوري مقابل كل خمسة أطفال أردنيين. وفي تركيا، إذا ما استمرت الظروف الحالية، فمن الممكن ان يصل عدد التلاميذ اللاجئين إلى أكثر من 500,00037.
وتسعى اليونيسف إلى جمع 276 مليون دولار أمريكي ليتم استخدامها في التعليم – وهو ضعف المبلغ المخصص العام الماضي. وسوف تتيح هذه الأموال زيادة عدد الأطفال في المدارس وتوسيع مساحات وفصول التعليم، كما توفر المزيد من المعلمين المدربين والكتب والمواد التعليمية الأخرى مما سيساعد في الحفاظ على إمكانات جيل كامل من الأطفال السوريين.
توصيات التقرير
قدّم التقرير عدداً من التوصيات التي يمكن أن تضمن أن لا تتكرر مأساة الأطفال السوريين لعام رابع، ويضيع جيل كامل من الأطفال السوريين.
ومن التوصيات التي ذكرها التقرير:
1) إنهاء دائرة العنف الوحشية في سوريا على الفور
2) منح الوصول الفوري إلى مليون طفل يتعذر الوصول إليهم
3) خلق بيئة وقائية وآمنة للأطفال
4) الاستثمار في تعليم الاطفال
5) المساعدة في شفاء الأطفال من الداخل
6) تقديم الدعم إلى الحكومات والمجتمعات المضيفة