1. لمحة عن مخيم اليرموك
يقع مخيم اليرموك داخل مدينة دمشق. وقد تأسس المخيم عام 1957، ويقع على مساحة 2.1 كم2، ويسكنه من اللاجئين المسجلين مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) حوالي 150 ألف لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى عشرة آلاف نسمة من غير المسجلين، أي أن مخيم اليرموك يضمّ حوالي ثُلث اللاجئين الفلسطينيين في سورية. وفي المخيم 28 مدرسة، وثلاث مراكز صحية. وهو من ضمن المخيمات غير الرسمية للأونروا في سورية.
ويتواجد في سورية حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني، يعيشون في تسعة مخيمات رسمية، بالإضافة إلى ثلاثة مخيمات غير رسمية، منها مخيم اليرموك.
ويقع المخيم على بُعد 8 كم من المدينة القديمة، في الجنوب الشرقي لمحافظة دمشق، ويصِل بين أحياء التضامن، والعروبة، والحجر السود، والقدم، والميدان، ويلدا، وأنحاء واسعة من الغوطة الشرقية.

عجوز فلسطينية في المخيم، لم تأكل منذ ثلاثة أيام، وتحاول أن تشق طريقها إلى نقطة توزيع المساعدات-الصورة عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغييل اللاجئين
2. استهداف مخيم اليرموك
شارك مخيم اليرموك في المظاهرات السلمية المعارضة للنظام منذ الأشهر الأولى لانطلاق الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام السوري.
وقد شهد مخيم اليرموك يوم 6/6/2011 تشييع 23 شخصاً سقطوا في الجولان، في مواجهات نظّمتها فصائل موالية للنظام السوري، فيما وُصِف بأنّه محاولة من النظام للعب بالورقة الفلسطينية في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة له آنذاك، وشارك في التشييع عشرات الآلاف، قام على إثرها مسلحون تابعون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، الموالية للنظام، بإطلاق النار على المتظاهرين، مما أدّى إلى مقتل 11 فلسطينياً وجرح عشرات آخرين، وانتهت بإحراق مقر رئيسها أحمد جبريل في المخيم في مساء ذلك اليوم.
وقد تعرّض مخيم اليرموك في عام 2012 إلى عدد من حالات القصف المدفعي وبقذائف الهاون، ففي 6/9/2012 تعرّض شارع لوبيا في مخيم اليرموك إلى قصف بقذائف مدفعية، مما أدّى إلى مقتل عدد من المواطنين، وفي 2/8/2012 تعرّض المخيم إلى قصف بقذائف الهاون، سقطت وسط شارع فلسطين الرئيسي في المخيم، مما أدّى إلى مقتل عدة مواطنين، وفي 19/9/2012 قامت قوات الجيش السوري بقصف المخيم، بعد أن قامت بإعدام أربعين شخصاً من حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك، منهم على الأقل خمسة عشر فلسطينياً.
وفي يوم 16/12/2012 تعرّض المخيم لأول مرة لقصف بطائرة ميغ، مما أسفر عن مقتل حوالي 15 مواطناً.
وقد أدّى قصف المخيم إلى ردّة فعل دولية، فقال الأمين العام للأمم المتحدة بأن مثل هذه الهجمات على المدنيين يمكن اعتبارها “جرائم حرب”. وأدانت كل من حركتي فتح وحماس هذه الهجمات، وحمّل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه نظام الرئيس بشار الأسد ما وصفها بالجريمة في مخيم اليرموك. وأضاف بإنّ “المجازر في مخيم اليرموك وفي كل مكان في سورية تستدعي اليوم قبل الغد أن يضع المجتمع الدولي حداً لنظام القتل والإرهاب في سورية قبل أن يحرق المنطقة بأسرها”، واعتبرت الولايات المتحدة الأميركية أن قصف الطيران الحربي التابع للنظام السوري مخيمَ اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق يمثل تصعيد كبيراً، ويُنذر بالخطر.
وفي 21/7/2013 تعرّض المخيم لقذائف تحمل غازات سامة، أدّت لإصابة أكثر من 12 مواطناً بحالات اختناق وتسمّم.
ويذكر أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل، ومنظمة فتح الانتفاضة، قد وقفت بشكل كامل مع النظام، وشارك مقاتلوها في حصار المخيم، بينما تماهت مواقف بقية الفصائل الفلسطينية، بما فيها فتح وحماس، في موقف يميل إلى النأي بالنفس عن إدانة واضحة للانتهاكات التي يتعرّض لها أبناء المخيم، ومطالبة المقاتلين بالخروج من المخيم

سكان المخيم يحاولون الوصول إلى نقاط توزيع المعونة-الصورة عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين
3. الحصار على مخيم اليرموك
بدأ حصار مخيم اليرموك يوم 26/12/2012، بعد عشرة أيام من القصف الجوي الأول على المخيم. وما زال الحصار مستمراً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
وقد ترك الحصارُ المضروب على المخيم أثراً كبيراً على من تبقّى من سكانه، نظراً لخلو المخيم من أي أرض زراعية يمكن أن تُوفّر موارد غذائية، بخلاف بعض المناطق المحاصرة في ريف دمشق.
وقد بدأ الحصار يشتدّ ضراوة على المخيم، كما باقي المناطق المحاصرة، مع بداية شهر رمضان لعام 2013 (في شهر يوليو/تموز 2013)، حيث لم تَعُد الحواجز تسمح بمرور أي مواد غذائية، بعد أن كانت تسمح بمرور كميات قليلة منها من قبل.
ومع نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2013 سجّلت الهيئات الطبية في داخل المخيم عشرات من ضحايا الجوع ، ليدخل المخيم في وضع مأساوي شديد الخطورة، ويستدعي دعوات دولية عديدة لفك الحصار المفروض على المخيم. فقد أطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس نداء استغاثة لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك ، وقال بأن الفلسطينيين تعرضوا لنكبة أخرى، ولا بد أن نساعدهم بالقدر الذي نستطيع.
كما طالب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بتدخل دولي لفتح ممرات إنسانية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك السوري. وحذر في بث إذاعي فلسطيني مشترك تضامنا مع مخيم اليرموك، من مواجهة اللاجئين بالمخيم خطر الموت جوعاً بفعل نقص الإمدادات الغذائية والطبية.

نهر بشري في مخيم اليرموك، في الطريق إلى نقطة توزيع المعونات-الصورة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
4. مبادرات الحل
في 4/8/2013 أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية عن مبادرة لحل قضية مخيم اليرموك، تم إقرارها في اجتماع لأربعة عشر فصيلاً فلسطينياً في دمشق، حيث نصّت المبادرة على خروج المسلحين من المخيمات، وإنهاء كافة المظاهر المسلحة فيها، وتسوية أوضاع الراغبين في ذلك، وتسهيل حرية الدخول والخروج من وإلى المخيم، بما يشمل عبور الأفراد والمواد الغذائية والطبية والمركبات، ويشجّع عودة النازحين إلى منازلهم، وإعادة خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والبنية التحتية والشؤون البلدية والخدمات التعليمية والصحية، وتسوية أوضاع المعتقلين من أبناء المخيمات الذين لم يثبت تورطهم في الأحداث، والمتابعة والتنسيق المشترك في إطار تنفيذ عناصر المبادرة بما يكفل إزالة كافة العقبات أمام تنفيذها، وتوفير كل متطلبات نجاحها.
لكن المبادرة لم تُكلّل بالنجاح، وتبادلت كل من منظمة التحرير الفلسطينية والجبهة الشعبية القيادة العامة الاتهامات فيما يتعلق بأسباب فشلها، وبمن رفض الالتزام بتنفيذ بنودها.
وفي 23/11/2013 أُعلن عن التوصل إلى اتفاق بين المقاتلين في المخيم والقوات السورية والفلسطينية المحاصرة للمخيم، من خلال لجنة المصالحة الشعبية، ودخلت بناء على هذا الاتفاق دفعة من المساعدات الغذائية للمخيم.
وفي 15/2/2014 أُعلن عن التوصّل إلى اتفاق جديد بين الفصائل الفلسطينية لإخراج المسلحين من المخيم. وبالفعل بدأ المسلحون بالانتشار على أطراف المخيم يوم 16/2/2014، فيما توجّه بعضهم إلى منطقة الحجر الأسود ومنطقة التضامن.
كما تم تشكيل وفدٍ شعبي يضم أكثر من خمسين شخصية على رأسهم ممثلي الفصائل الفلسطينية، من أجل التأكّد من خلوّه من المسلحين.
وفي 27/2/2014 انتشرت قوات تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في شوارع المخيم، وفقاً لما أعلنه وزير العمل الفلسطيني أحمد المجدلاني المكلف متابعة المخيم، والذي أضاف أنه تمّ أيضاً فتح الطريق الرئيس المؤدي إلى وسط المخيم، وإخراج 167 حالة مرضية ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تم توزيع طرود غذائية على سكان المخيم من قبل الأونروا. وأضاف أن الأمور تسير وفق ما تم الاتفاق عليه، وكما هو مخطط، ومن الممكن انتهاء مشكلة المخيم خلال فترة القريبة.
وفي 2/3/2013 تجددت الاشتباكات مرة أخرى في المخيم، وتبادلت كل من الجبهة الشعبية-القيادة العامة، الموالية للنظام، وجبهة النصرة الاتهامات حول المسؤولية عن خرق الهدنة. وأعلنت جبهة النصرة عن إعادة نشر مقاتليها داخل المخيم، بعد أن قالت إن النظام والميليشيات الفلسطينية المؤيدة لها قد خرقت الاتفاق.

بعد استهداف المخيم وحصاره من قبل قوات الجيش السوري والميليشيات الفلسطينية التابعة لها، اضطر كثير من الفلسطينيين إلى الهجرة للمرة الثانية أو الثالثة- الصورة من IPS
5. جهود الإغاثة
وفي يوم 18/1/2014 تم السماح جزئياً من قبل السلطات السورية بإدخال المساعدات إلى المخيم، حيث دخل حوالي 400 طرد، فيما تمّ السماح بإخراج مئات من الحالات الإنسانية من المخيم.
لكن الدخول الجزئي للمساعدات قُبيل انعقاد مؤتمر جنيف بيومين، لم يُكلل بحل كامل للمشكلة الإنسانية، حيث تأخر دخول أولى قوافل المساعدات الإنسانية إلى المخيم حتّى 30/1/2014.
وجاء دخول المساعدات الإنسانية إلى اليرموك في الوقت الذي كان من المتوقع دخولها إلى حمص، التي كانت موضع النقاش في مباحثات جنيف، والتي بدأت يوم 20/1/2014، بخلاف مخيم اليرموك الذي لم يجر نقاشه.
وفي 5/2/2014 أعلنت وكالة الأونروا أنها بدأت حملة تلقيح ضد شلل الأطفال في مخيم اليرموك، حيث قامت بنقل عشرة آلاف لقاح إلى المخيم.
وقد توقفت برنامج الأنروا مساء 7/2/2014 بعد تجدد الاشتباكات في المخيم
وتمكّنت الأونروا من توزيع 7500 حصة غذائية منذ 18/1/2014 وحتى 27/2/2014، وهو ما اعتبرته “نقطة في بحر بالنسبة الى الحاجات المتنامية” لسكان المخيم المحاصرين. ويكفي الطرد الواحد أسرة مؤلفة من خمسة إلى ثمانية أشخاص لمدة 10 ايام، في حين يقطن في المخيم نحو 18 الف فلسطيني، ونحو هذا العدد من السوريين، في حين كان يقطنه نحو 180 ألف نسمة قبل بداية الأزمة السورية.
وقد قام المفوض العام للأونروا فيليبو غراندي بدخول مخيم اليرموك يوم 24/2/2014 خلال استئناف الأونروا لأعمال توزيع المساعدات الغذائية، وعبّر عن صدمته لما آل إليه حال اللاجئين الفلسطينيين في المخيم.
وفي 26/2/2014 قامت كل من منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) بتوقيع اتفاقية بتقديم مساعدة طارئة بمبلغ 759,000 دولار للاجئين الفلسطينين في مخيم اليرموك
6. التوصيات
- تطالب اللجنة السورية لحقوق الإنسان السلطة الفلسطينية وكافة الفصائل الفلسطينية باتخاذ موقف واضح ومعلن تجاه الانتهاكات التي تجري في مخيم اليرموك، وعدم الاكتفاء بالمواقف الضبابية، والتي تحاول إلقاء اللوم على كافة الأطراف ما عدا المتهم الرئيسي.
- تدعو اللجنة السورية لحقوق الإنسان منظمة الأمم المتحدة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ببذل كل الجهد الممكن من أجل إنهاء معاناة كل المحاصرين، بما في ذلك اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك.
- تدعو اللجنة السورية كافة المجموعات المسلحة إلى الخروج من مخيم اليرموك، وكافة المناطق السكنية، منعاً لاستهداف المدنيين من قبل النظام السوري والميليشيات الفلسطينية التابعة له.
- تؤكّد اللجنة على أهمية عمل كافة الأطراف الدولية لوقف الانتهاكات الواسعة التي يُمارسها النظام السوري بحق المدنيين في كل المناطق في سورية، وتدعو إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2139، من خلال إجراءات تنفيذية واضحة، تتضمّن محاسبة مرتكبي الجرائم، وتعويض الضحايا.