في يوم 26/2/2014 بثّت قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني مقطع فيديو لما قالت بأنّه رتل لمسلحين يتحرّكون في منطقة بركة العتيبة في ريف دمشق، ويظهر الفيديو المصوّر بطريقة غير واضحة رتلاً ضخماً يتحرّك راجلاً، قبل أن يحدث انفجار ضخم على طول المسافة التي يتحرّك عليها الرتل، فيما وصفته القناة بأنّه كمين مُحكمٌ للجيش السوري، استهدف مسلحين من جبهة النصرة وكتائب إسلامية.
وفي نفس اليوم، بثّت قناة الإخبارية السورية تقريراً عن الكمين الذي قالت أيضاً بأنّه استهدف مقاتلين من جبهة النصرة ولواء الإسلام، وأن معظم القتلى كانوا من الجنسيات السعودية والقطرية والشيشانية، وعرضت فيه المقطع الذي بثّته قناة المنار، ثم تجوَّل المراسلُ والكاميرا بين جثث القتلى الذين يُفترض بحسب التقرير أنّهم قُتلوا أثناء الكمين.
وفي المقاطع التي تم إنتاجها من قبل القنوات المؤيدة للنظام، والتي حضرت جميعاً إلى المكان، وقامت بإعداد تقارير لمراسليها من فوق جثث القتلى، تحدّث ضباط وجنود سوريون قالوا بأن الجيش السوري هو من قام بهذا العمل، إلا أنّ مقطعاً مسرباً أظهر في نفس المكان جنوداً لبنانيين، يُعتقد أنّهم تابعون لميليشيات حزب الله، وكانوا يضحكون بين الجثث، ويبدو أن المقطع قد تم تصويره قبيل إحضار وسائل الإعلام المؤيدة.
ورغم أنّ التسجيل البعيد للكمين يُظهر انفجاراً كبيراً، إلاّ أنّ عرض الإخبارية السورية للجثث يُظهرها في منطقة عُشبية جافة، ومع ذلك فإنّ العُشب لا تظهر عليها آثار الحريق، ولا يوجد في المكان أي أثر لانفجار.
وقد أظهر تسجيل بثّه الإعلامي اللبناني حسين مرتضى الموالي للنظام السوري صوراً للضحايا، أظهرت دمية دُبّ (لم يصب بأي حروق من الإنفجار بطبيعة الحال) بين جثث القتلى الذين يُفترض أنّهم عسكريون في طريقهم لتنفيذ عملية عكسرية، فيما ظهرت جثة أخرى ملفوفة بالعلم الأسود الذي تحمله جبهة النصرة، وهو الآخر لم يصب بأي خدوش، مثلها مثل بقية ألبسة كل القتلى.
وتُظهر الصور التي بثتها القنوات الإعلامية التابعة للنظام أن الجثث كانت مصفوفة بشكل مرتب، وبمسافات منتظمة بينها، وكلها بقيت على الطريق، دون أن تظهر آثار لأشلاء مبعثرة، أو جثث متناثرة خارج الطريق، كما هو المفروض لانفجار ضخم كالذي أظهرته القنوات المؤيدة للنظام.
وقد أشارت صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد إلى أن مقاتلي الكتائب المسلحة لا يسيرون بهذا العدد على هذا النسق، ولا يُمكن أن يكون تسليحهم في هذه الحالة بضعة بنادق روسية، على النحو الذي أظهرته الأفلام التي عرضتها وسائل إعلام النظام.
شهادة المكتب الحقوقي الموحد في الغوطة الشرقية
نشر المكتب الحقوقي الموحد في الغوطة الشرقية يوم 26/2/2014 بياناً قال فيه إن مجموعة من أهالي الغوطة الشرقية يزيد عددهم عن 175 فرداً خرجوا من الغوطة المحاصرة عن طريق العتيبة، والتي تؤدي إلى خارج الغوطة، وفي تمام الساعة الثالثة صباحاً قام النظام برفقة حزب الله اللبناني وبعض مقاتلي لواء أبو الفضل العباس العراقي بنصب كمين لهم مسبق التخطيط، وأثناء مرورهم من طريق العتيبة تم تفجير حزامين من الألغام والعبوات الناسفة المزروعة على طول الطريق يفصل بينهما ما يقارب النصف دقيقة ثم قامت قوات الأسد وميليشيات حزب الله باستهدافهم بالرشاشات الثقيلة وراجمات الصواريخ لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوفهم، وما إن قدِمت التعزيزات العسكرية حتى قاموا بتصفية الجرحى اعداماً ميدانياً.
وأضاف البيان إن مجموعة من هذه القافلة استطاعت النجاة من هذه المجزرة، بينهم مصابون بجروح خطيرة تم نقلهم إلى أحد المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية، وبعد ارتكاب هذه المجزرة قام النظام بوضع أسلحة ثقيلة ومتوسطة وجلب وسائل الإعلام التي تتبع له لتقوم بتزوير حقيقة الشهداء والإدعاء بأنهم من مقاتلي جبهة النصرة ولكتائب الإسلامية من جنسيات عربية وأجنبية، وأكد رواية النظام غير الصحيحة المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أكّد أنّ القتلى هم من جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة، وقال المرصد على صفحته على الفيسبوك: “تأكد استشهاد ومصرع 152 مقاتلاً من جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة وأسر 7 جرحى آخرين، في كمين نفذته قوات حزب الله اللبناني مدعمة بالقوات النظامية بين بلدتي العتيبة وميدعا في الغوطة الشرقية”.

دمية دب كانت مع من يُفترض أنهم مُقاتلون في طريقهم لتنفيذ عملية عسكرية-الصورة عن مقطع من قناة حسين مرتضى
النتائج والتوصيات
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان وإذ تُشير إلى التعارض البيّن في الأفلام التي عرضتها وسائل وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري في سورية ولبنان، وإلى صعوبة تصديق أن يكون هؤلاء الضحايا قد سقطوا بانفجار كبير، كالذي تمّ عرضه، فإنّها تُشكك بكامل الرواية الرسمية حول الكمين.
وبما أنّ الصور والأفلام الموثّقة من طرف النظام السوري تُظهر الجثث والمكان خالياً من آثار أي انفجار، فإنّ ذلك يعني بالضرورة أن القتلى قد تم قتلهم بطريقة أخرى، لا تترك أثراً حارقاً، وهو ما يرجح فرضية الإعدام الميداني، خاصة مع ملاحظة عدم تناثر الجثث أو خروجها عن قارعة الطريق، كما هو المعتاد في حوادث الانفجار كافة.
وبناء على ما سبق تُوصي اللجنة بما يلي:
- تُشير اللجنة إلى نفي الكتائب العسكرية التي قيل بأن الضحايا ينتمون لها لوقوع أي كمين لأفرادها، فإنّها تُطالب بالتعامل مع الأفلام التي أنتجها النظام باعتبارها أدلّة ملموسة على جريمة حرب، تُظهر صور الجناة والضحايا، بشكل موثّق من طرف الجناة أنفسهم.
- تُشكّل هذه الجريمة إضافة جديدة للجرائم التي ارتكبتها ميليشيات حزب الله اللبنانية في سورية، وهو ما يستدعي تصنيفها كمنظمة إرهابية، بجناحيها السياسي والعسكري، والعمل على تقديم قادتها وسياسيها إلى العدالة الدولية.
- ضرورة قيام وسائل الإعلام والمنظمات الدولية برصد انتهاكات الإعلام السوري الرسمي والإعلام الموالي له، والذي يرقى إلى مستوى المشاركة في جرائم الحرب والتحريض عليها.
- دعوة المنظمات الحقوقية إلى دراسة المعطيات الكاملة للانتهاكات قبل الانتهاء إلى استنتاجات قد تنافي الدقّة.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
28/2/2014