أدانت منظمة العفو الدولية الهجوم الدامي الذي قامت به قوات الأمن السورية على أحد المساجد وسط موجة من الاعتقالات لمنشقين تشتبه بهم السلطات في مختلف أنحاء البلاد.
فقد لقي ما لا يقل عن سبعة أشخاص مصرعهم في عملية إغارة على المسجد العمري في مدينة درعا الجنوبية، حيث كان عشرات المحتجين يعقدون اعتصاماً احتجاجياً.
وحدث الهجوم الدموي وسط حملة شنتها قوات الأمن للقبض على عشرات الطلاب والناشطين والصحفيين والمثقفين في مختلف أنحاء سوريا عقب أسبوع من الاحتجاجات في مظاهرات مشابهة لتلك التي خرجت في أنحاء شتى من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتخضع درعا حالياً لنظام حظر التجول، حيث حذّرت السلطات الأهالي من إطلاق النار عليهم إذا ما غادروا بيوتهم.
وتعليقاً على هذه التطورات الدامية، قال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يتعين على السلطات السورية التوقف عن استخدام القوة المفرطة لسحق الاحتجاجات، وأن تفرج فوراً عن جميع من اعتقلوا لتعبيرهم السلمي عن معتقداتهم”.
“فالمحتجزون عرضة للتعذيب أو لغيره من صنوف المعاملة السيئة، وتساورنا بواعث قلق عميق بشأن سلامتهم.”
وقد هاجم عشرات من الجنود ورجال أمن بملابس مدنية الجامع العمري عقب منتصف الليل بفترة وجيزة، وفتح بعضهم النار على المحتجين.
وأبلغ ناشط سوري في مجال حقوق الإنسان منظمة العفو الدولية أن الأهالي قالوا إن ما لا يقل عن سبعة أشخاص قتلوا داخل المسجد.
وإذا ما تأكد ذلك، فإن وفاة هؤلاء تصل بعدد من قتلوا إبان الأيام الستة من الاحتجاجات في المدينة إلى 13.
وقال الناشط إن قوات الأمن كانت تطلق النار على المحتجين وسيارات الإسعاف من على أسطح المباني القريبة.
وتظهر أشرطة فيديو بعث بها ناشطو حقوق الإنسان قوات مسلحة وهي تطلق النار، على ما بدا، في منطقة المسجد، في حين كان مدنيون يرجونهم وقف إطلاق النار.
وقالت مصادر محلية إن إطلاق النار أدى إلى مقتل: عمر عبد الوالي ومحمد أبو العيون وحميد أبو نبّوت والدكتور غسان علي المحاميد وأشرف مسالمة وابتسام مسالمة وطاهر مسالمة. وأضافت إن عشرات غيرهم أصيبوا.
ولم تحصل منظمة العفو على تقارير ذات مصداقية تشير إلى أن المحتجين كانوا مسلحين.
وقد اتهمت السلطات السورية “عصابة مسلحة” بالوقوف وراء بعض الاحتجاجات في درعا وأصدرت بياناً قالت فيه إن الدكتور المحاميد قتل عندما تعرضت سيارة الإسعاف التي كان فيها “لاعتداء على أيدي عصابة مسلحة، ما تسبب في استشهاده”. ولم تورد السلطات في بيانها أية تفاصيل تسند ادعاءها.
وأغلقت السلطات الطرق في المدينة، بينما ورد أن قوات الأمن تنتقل من بيت إلى بيت وتعتقل أشخاصاً تنقلهم إلى أماكن مجهولة.
وبين من اعتقلوا في درعا في اليومين الأخيرين الناشط في المجتمع المحلي نزار الحارك، الذي عيِّن للتفاوض مع السلطات.
واستناداً إلى تقارير صادرة عن منظمات سورية لحقوق الإنسان وأقرباء للمعتقلين، فقد جمعت منظمة العفو الدولية أسماء 93 شخصاً قبض عليهم ما بين 8 و23 مارس/آذار في دمشق وحلب وبانياس ودرعا ودوما وحماة وحمص واللاذقية ومعرة النعمان والمالكية، ولا يزالون محتجزين في أماكن مجهولة.
أما العدد الحقيقي لمن قبض عليهم فيرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير. وطبقاً لإحدى المنظمات السورية لحقوق الإنسان، قبض على ما يقرب من 300 شخص في درعا وحدها خلال الأيام الخمسة التي سبقت هجوم ليلة أمس.
ويعتقد أن أعمار الأشخاص الثلاثة والتسعين الذين قبض عليهم تتراوح ما بين 14 و45 سنة، وبينهم خمس نساء. وبعض هؤلاء أفراد من عائلة واحدة.
وبين المعتقلين طلاب ومثقفون وصحفيون وناشطون. ولم يشاركوا جميعاً في المظاهرات؛ وعلى ما يبدو فقد قبض على بعضهم بسبب أنشطة قاموا بها على شبكة الإنترنت.
للمزيد من المعلومات
منظمة العفو الدولية تحث السلطات السورية على إجراء تحقيق مستقل في حالات الوفاة التي وقعت خلال الاضطرابات (أخبار، 22 مارس/آذار 2011)
المطالبة بالتغيير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (أخبار وموقع خاص لوسائط الإعلام المتعددة).