ثلاثون عاماً تمر اليوم على مجزرة حماة الكبرى، ولا يزال شلال الدم يجري أنهاراً في أنحاء سورية… في الثاني من شباط / فبراير لعام 1982 اجتاحت قوات والد بشار الأسد مدينة حماة وأعملت فيها التقتيل والتدمير والذبح والمجازر،،، واستمرت المأساة أربعة أسابيع كاملة، اختلط فيها اللحم بالتراب، وامتزج الدم بماء العاصي، وقتل الشيبة والأطفال الرضع والنساء والعميان وهدمت الصوامع والكنائس والمساجد ودمرت الأسواق القصور فأصبحت ثاوية كالقبور ونهبت المدينة وقطعت أيدي النساء للحصول على قطع أساور الذهب والمجوهرات،،،
أراد والد بشار الأسد أن يخضع الشعب السوري ويحرمه من حقوقه الأساسية ويجعل من حماة درساً للجميع، فقتل أعداداً كبيرة لم تزل عصية على الإحصاء الدقيق لكن لا يستطيع أحد أن يجحدها حتى الذين فتح لهم أرشيفه وأغدق عليهم بمعلومات مضللة فكتبوا عن الأسد وأشادوا به، وقللوا من أعداد وقيمة ضحايا حماة وتهجموا على أشلائهم بعد أن حرموا من القيمة الأخلاقية التي تربوا على عتباتها، ولم تأخذهم رحمة بهم وظنوا أن التاريخ لن يعود في يوم من الأيام ليسترجع المجزرة المأساة، وظنوا أن الشعب السوري لن ينتفض بعد ذلك اليوم.
اليوم وبعد ثلاثين عاماً يحاول بشار الأسد أن يعيد سيرة أبيه في القتل والترويع وحصد النساء والأطفال الرضع وتعذيبهم وإلصاق صفة الإرهاب بالمتظاهرين السلميين، طلاب الحرية والديمقراطية والكرامة … يحصد أرواح أكثر من سبعة آلاف نسمة ويصفد عشرات الآلاف بالأغلال ويخفي في السجون الآلاف ويهجر آلافاً أخر ظناً منه أن سيرة أبيه ممكن إعادتها، وأن العالم سيغطي على مجازره كما غطاها على أبيه … لكن هيهات لقد انتفض الشعب وأعيدت استذكار المجازر وقصصها وإحصائياتها إلى الواجهة، وانتفض أهل حماة كما انتفض الشعب السوري بأكمله للمطالبة بحقوقه وللبحث عن المختفين من أحبائه، ولمعرفة بأي ذنب قتل الأطفال والنساء والمسنون والشباب وهدمت البيوت ونهبت المحال،،، إنهم يطالبون بحقوق مشروعة لا تموت بالتقادم.
لقد كتبنا من قبل أن مجزرة حماة جريمة تستوجب الحساب والعقاب، وقد اقترب يوم المقاضاة القانونية لنظام أمعن في مجزرة حماة وحمص وحلب ودمشق وجسر الشغور وسرمدا من قبل تماماً كما يمعن اليوم ،،، لكن الفرق أن الشعب السوري قرر وبشكل نهائي لا عودة فيه الحصول على حقوقه ومعرفة مصير أبنائه ومعاقبة المجرمين والقتلة … اقترب يوم تشكيل فرق تحقيق مستقلة ونزيهة للتحقيق في المجازر ولإحالة المجرمين إلى القضاء العادل ولتقصي أخبار الشهداء والمفقودين واسترداد كل ما نهب وسلب، وأولاً وأخيراً لإعادة الحكم العادل المنصف إلى سورية، ولجعل سورية لكل مواطنيها بغض النظر عن كل المسميات الأخرى، ولإعادة الحرية والكرامة للجميع.
وليد سفور
رئيس اللجنة السورية لحقوق الإنسان
2/2/2012